Site icon IMLebanon

نصرالله يحقق نبوءة محمد شطح! (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

من قرأ بيان بعبدا الأخير أدرك بما لا يقبل الشك أن خلفية واضعي البيان كانت واضحة في عدم التطرّق للسياستين الخارجية والدفاعية للبنان. وبهذا المعنى تراجع كثيراً بيان بعبدا الأخير عن إعلان بعبدا في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان في الشق المتعلق بالسياسة الخارجية وتحييد لبنان، تماماً كما بالسياسة الدفاعية ورفض قتال “حزب الله” في الخارج. لا بل يمكن القول إن بيان بعبدا تضمّن تراجعاً غريباً حتى عن البيان الوزاري للحكومة الحالية، والتي ضمّ اجتماع بعبدا قادة الأحزاب المشاركة فيها، ما يعكس تراجعاً حتى عن الحد الأدنى للالتزامات التي تضمنها البيان الوزاري.

لن تنفع بطبيعة الحال كل الادعاءات بأن بيان بعبدا ليس بياناً وزارياً، ولا بأن هدف الاجتماع والبيان تفعيل العمل الحكومي في الأطر الداخلية، إذا يكفي أن تتضمن البنود على سبيل المثال لا الحصر إنشاء مجلس الشيوخ، ليتأكد للجميع أنه كان يجب مناقشة قرارات الحرب والسلم التي يُفترض أن تكون من اختصاص وصلاحية هذا المجلس. لكن الأمر بات واضحاً: ممنوع على السلطة القائمة أن تكون دولة، ومسموح لها فقط أن تكون إدارة محلية ليس أكثر لتسيير الحد الأدنى من الشؤون الداخلية، وتوزيع الحصص والمغانم والتعيينات، في حين أن السياستين الخارجية والدفاعية تكونان حصراً من اختصاص “حزب الله” وأمينه العام السيد حسن نصرالله.

ما نقوله كرّسه السيد نصرالله في خطابه في يوم القدس العالمي. كان واضحاً في أنه يملك القرار في الحرب والسلم كما في السياسة الخارجية. شنّ أعنف الحملات على المملكة العربية السعودية من ضاحية بيروت، من دون أن يصدر أي رد رسمي عليه. نعت السعودية بأبشع النعوت وأطلق بحقها كل الاتهامات من دون أن نسمع أي كلمة ممن يُفترض أنهم يمثلون لبنان رسمياً.

أما في موضوع الحرب والسلم والسياسة الدفاعية فابتدع السيد نصرالله معادلة جديدة، واطلق تهديداً نوعياً بوجه إسرائيل: “في حال الاعتداء على لبنان سنفتح الأجواء لعشرات آلاف المقاتلين العرب والأجانب من محورنا ليكونوا شركاء في هذه المعركة”!

وهنا أيضاً أصاب المسؤولين الرسميين صمت مطبق، وكأن على رؤوسهم الطير! (باستثناء ردين مباشرين من الدكتور سمير جعجع واللواء أشرف ريفي، ورد من النائب زياد القادري لم يسمِّ فيه نصرالله بالاسم). الحديث عن استقدام عشرات آلاف المقاتلين إلى لبنان لم يعنِ أي مسؤول رسمي، على كل المستويات، ولا أيضاً استفزهم الأمر ليسألوا عن “فتح الأجواء”، ولا عن تبعات هذا التهديد غير المسبوق، والذي يجنح بلبنان من ثلاثية بغيضة حملت عنوان “جيش وشعب ومقاومة” إلى رباعية أبغض تحمل عنوان “جيش وشعب ومقاومة ومحور مرتزقة”!

لا يجد السيد نصرالله نفسه معنياً لا بالبيان الوزاري لهذه الحكومة، ولا بخطابات رئيس الجمهورية، ولا بوجود جيش لبنان وقوات يونيفيل. لا تعنيه كل هذه التركيبة الهشة التي يترك لها بعض الإدارة المحلية ليس أكثر. أما السياسة الخارجية والدفاعية فيقررها هو، ولا يريد لأي لبنان مواطن أو مسؤول أن يكون معنيا أو شريكا في اتخاذ القرار، بل فقط في تحمّل التبعات الكارثية!

قبل استشهاده بوقت قليل غرّد الوزير محمد شطح: “حزب الله يهوّل ويضغط ليصل إلى ما كان النظام السوري قد فرضه لمدة 15 عاماً: تخلي الدولة له عن دورها وقرارها السيادي في الأمن والسياية الخارجية”.

يتأكد لنا اليوم أن نبوءة محمد شطح تحققت ونجح “حزب الله” في مسعاه بكل أسف!