Site icon IMLebanon

حدَثان في لبنان بفارق 24 ساعة

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: … المحلي لـ «بعبدا» (القصر الجمهوري) والاقليمي لـ «حارة حريك» (معقل «حزب الله»). هذه المعادلة التي تنطوي على تأكيدِ ما هو مؤكَّد ظهرتْ «نافرةً» من خلال حدَثيْن بفارق 24 ساعة، الأوّل لقاءُ «أطراف السلطة» حول طاولةِ تشاوُرٍ في قصر بعبدا برعاية الرئيس ميشال عون بجدولِ أعمالٍ «بحت محلّي»، والثاني إطلالة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله بجدولِ أعمالٍ اقليمي بامتياز.

فلم يكد ان يجفّ حِبر «وثيقة بعبدا 2017» التي خلتْ من أي مقاربةٍ لملفاتٍ خلافية تتّصل بتموْضع لبنان الاقليمي والأدوار الخارجية لـ «حزب الله»، حتى حمل خطاب نصر الله في «يوم القدس» ما يكفي من إشاراتٍ الى تعاطي الحزب مع كل الأطراف السياسية في لبنان على أنها بمثابة «مجلس بلدي» لإدارة شؤون محلية فيما المسائل الاستراتيجية في يده.

واذا كانت هذه «الحقيقة المُرة» جاءت مُرْبكة في الشكل للدولة اللبنانية، فإن مضمون الخطاب لم يقلّ إحراجاً نظراً الى ما تضمّنه من زيادة «جُرعة» زجّ لبنان في أتون الصراعات الاقليمية المتعدّدة المسار، مع ما يحمله ذلك من مخاطر كبرى ولا سيما في ظلّ التحوّلات الهائلة التي تقف المنطقة وساحاتها اللاهبة على مشارفها، واستعار المواجهة الخليجية – الاميركية مع إيران.

ولعلّ النقطتين الأبرز في خطاب نصر الله كانتا: الإمعان في مهاجمة المملكة العربية السعودية ودول الخليج من ضمن حملة شعواء قدّم الأمين العام لـ «حزب الله» نفسه من خلالها على انه «قائد محور الممانعة»، وذلك من خلف ظهر الموقف الرسمي اللبناني الذي يعتمد سياسة النأي بالنفس عن الصراعات في المنطقة. والنقطة الثانية غير المسبوقة تمثّلت بتلويحه بتحويل لبنان «إيران لاند» بحال شنّت اسرائيل حرباً عليه او على سورية، معلناً «يجب ان يعرف العدو الاسرائيلي انه اذا شن حرباً على سورية او على لبنان (…) قد تُفتح الاجواء لعشرات آلاف بل مئات آلاف المجاهدين والمقاتلين من كل انحاء العالم العربي والاسلامي ليكونوا شركاء في هذه المعركة، من العراق ومن اليمن ومن كل مكان آخر ومن ايران ومن أفغانستان ومن باكستان».

واللافت ان لبنان الرسمي لاذ بالصمت بإزاء مواقف نصر الله، فيما تولّى رئيس الحكومة سعد الحريري الردّ المزدوج. الأوّل ضمني وباسمه من بوابة إدانته الشديدة للعملية الارهابية التي كانت تستهدف الحرم المكي اذ أكد في بيان له «ان العرب والمسلمين في كل أنحاء العالم، يرون في المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان قبلة المسلمين وخط الدفاع الأول عن كرامتهم ودينهم وشعائرهم في مواجهة الإرهاب (…)». والثاني مباشر وتجلى في البيان العنيف لـ «تيار المستقبل» (يتزعمه الحريري) الذي ندّد بدوره بمحاولة استهداف الحرم المكي، محذراً «من خطورة أن يكون المخطط الإرهابي الدنيء الذي كان يستهدف المسجد الحرام مكملاً لمحاولة ميليشيا الحوثيين قصف مكة المكرمة، قبل أشهر، وما يعنيه ذلك من مؤشر خطير على أن إيران بدأت بتسخير الإرهاب في معركتها للنيل من المملكة العربية السعودية، بعدما أتقنت تسخير هذا الإرهاب في خدمة مشروعها التخريبي في سورية، العراق، اليمن، البحرين، ولبنان».

وأكد في ردّ على نصر الله من دون تسميته «ان ما سمعناه في الساعات الماضية في لبنان، من صراخ متجدّد ضد المملكة العربية السعودية، يأتي في هذا السياق، كما لو أن هذا الصراخ يأتي على قدر الألم الذي يعانيه المشروع الإيراني في المنطقة العربية، وبات يدفعه إلى الجنون واللعب على حافة الهاوية، بفعل سياسة الحزم التي فعلت فعلها في فضح أهداف هذا المشروع التخريبي ومحاصرته، بعدما اتضح للقاصي والداني أن إيران والعدو الإسرائيلي وجهان لعملة واحدة عنوانها العداء للعرب»، مبدياً أسفه «لأن يستمر هذا البعض في إصراره على تخريب علاقة لبنان بأشقائه العرب، وعلى رأسهم السعودية».

وفيما لفت اتصال التهنئة الذي أجراه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بولي العهد السعودي الجديد الأمير محمد بن سلمان الذي أعرب بدوره عن تقديره وامتنانه لجعجع «على ما عبّر عنه من مشاعر طيبة ودعوات صادقة»، استبعدتْ دوائر سياسية في بيروت ان يُفسد هذا الاستقطاب المستعاد في لبنان على خلفية المشهد الاقليمي مناخ التهدئة الداخلي الذي يتفيّأ التسوية السياسية التي استُكملت اخيراً بإقرار قانون الانتخاب الجديد.

وكان بارزاً في هذا السياق «تنويه» وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بـ «تقدم لبنان في طريق استعادة الاستقرار» نتيجة «للاتفاق السياسي الذي سمح بانتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية وتعيين سعد الحريري في منصب رئيس الوزراء».

وجاء كلام لافروف خلال مؤتمر صحافي غير مسبوق في الشكل عقده في موسكو مع رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط الذي يزور روسيا يرافقه نجله تيمور الذي يستعدّ لدخول الندوة البرلمانية مكان والده.

وحضر الملف السوري في المؤتمر الصحافي اذ اكد لافروف وجنبلاط «ضرورة أن تحظى الجهود لإقامة مناطق تخفيف التوتر في سورية بدعم دولي واسع».