كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة “الجمهورية”
تعدَّدت الشهادات، تضاربَت الإفادات، والنتيجة واحدة، لا يزال الغموض يكتنف مقتل إبنة الـ22 عاماً، فيما القاتل ينعم بالحرّية. لأكثر من 3 ساعات واصَلت محكمة التمييز في المحكمة العسكرية أمس الاستماع إلى 4 شهود في قضية مقتل الشابة إيليان صفطلي على يد حسن حميه، بعدما أصابها برصاصة نارية في فمها أمام ملهى ليلي في الكسليك في 12 كانون الثاني 2015. 3 ساعات من الروايات المتضاربة والذهول سيّد الموقف في القاعة.إفتتح رئيس محكمة التمييز في المحكمة العسكرية القاضي طاني لطوف الجلسة في حضور ممثل النيابة العامة التمييزية القاضي شربل بوسمره عند الأولى إلّا رُبعاً.
نادى لطوف بدايةً “حسن أحمد حمية”، ليَسمع كالمعتاد، “سيدنا لم يحضر”، وندَه للمدّعى عليهما طالب علي حميه وياسر محمد حميه، وتبيَّن أنّ نقابة المحامين في بيروت كلّفت المحامي شربل طربلسي للدفاع عن طالب، بعدما كانت قد كلّفته في الدفاع عن ياسر.
فلفتَ القاضي بوسمره إلى “أنه ما مِن تعارُض في التوكيل… بيِقدَر يكون عن التنَين”.
بعدها انتقلَ لطوف لتعداد لائحة أسماء الشهود، وتبيّن غياب سلوى الحص، رغم تبليغها عبر هاتفها لتعذّرِ العثور عليها في مكان إقامتها، فطلب بوسمره تغريمها مبلغ 200 ألف ليرة. وغابت لارا مزبودي لعدم العثور عليها، فقرّرت المحكمة تكرار دعوتها وإبلاغها عبر رقم هاتفها الذي ستتزوّد به من قبَل طالب حميه. وغاب محمد صفوان، فقرّرت النيابة العامة جلبَه بالإحضار بواسطة الشرطة العسكرية.
الطاولة بين “البلاش” والـvip
بدأ لطوف الاستماع إلى الشاهد الأوّل طلال أيوب، الذي اصطحب إيليان صفطلي من منزلها للسهر عشية مقتلها، بعدما حلّفَه اليمين. فروى طلال تفاصيل الساعات الأخيرة قبل تلك السهرة: “خرجتُ لتناولِ العشاء بمناسبة عيد ميلادي مع صديقي محمد صفوان وخطيبته لينا رمضان في مطعم وليد في طبرجا، وقرابة العاشرة زُرنا ماريا ناطور صديقة لينا في ضبيّه. عند الواحدة والنصف أكملنا السهرة في ملهى أوبشن في الكسليك، بعدما مرَرنا واصطحبنا إيليان صفطلي وصديقتَها لينا رمضان”.
وأضاف: “قبل الثانية فجراً حدّثني حسن حميه عبر “الواتساب” يسألني عن مكان سهري، وأنّ معه 8 أشخاص، فقلت له في الأوبشن، مقترحاً عليه الحضور”.
لطوف: هل كنت قد حَجزتَ له طاولة؟
طلال: لا لم أحجز طاولة، فقد انتبهتُ إلى وجود أكثر من واحدة فارغة. غالباً ما أسهر في هذا الملهى أؤمّن له الزبائن، مرّةُ أدفع ومراراً أحضر على نحو دعوة.
ولفتَ طلال إلى أنّه ولمناسبة عيده، قد حجَز طاولة vip، ليلة وقوع الجريمة. وأنّ “حسن حميه وصَل بعد ثلث ساعة من اتصاله، ومعه طالب وياسر وسلوى الحص وصفاء قطان، من دون أن أذكر الأسماء البقية”.
وأضاف: “ناداني مدير الملهى فادي خطار، بعدما أجلسَ البنات اللواتي كنّ مع حسن حميه إلى طاولة، وأعلمني أنّه لن يستقبل الشباب، باعتقادي بدايةً لأنهم مسلّحون و”سكرانين”، ولكن أخبرني أنّ عليهم الدفع، فأجبتُه بأنّني سأدفع عنهم، عندها رفضَ حسن حميه وغضبَ، فغادر ومعه جماعتُه، وغادرتُ ومعي مجموعتي.
عند المدخل الخارجي للملهى رأينا سيارتين BMW ورينو، لم أنتبه من في داخلهما، ثمّ اقترَب حسن يتحدّث مع محمد صفوان يشكو ويتأفّف: بدّي “قوّصلن لوحة المحلّ”، ويطلب منه إكمالَ السهرة في مكان آخر. ولم أرَ إلّا حسن يسحب المسدّس ويطلِق النار فوق محمد صفوان”.
لطوف: كم ضرباً أطلقَ حسن؟ يجيب طلال: سمعتُ طلقتين. لم أنتبه في أيّ سيارة غادرَ حسن، رأيت إيليان ملقاة أرضاً بعدما كانت لينا تُمسك بيدها وكارول ضاهر تتكلّم عبر الهاتف. وتابع: “أتّصَل بي حسن يسألني أين سنكمِل السهرة، فأخبرته أنّه أصابَ فتاةً معنا، لم يُبدِ أيَّ انفعال. ثمّ توجّهتُ ومن معي إلى المستشفى”.
بوسمره: محمد مع خطيبته وأنت ماذا تفعل معهم؟ يجيب طلال: عادةً منِضهر وكان عيدي.
بوسمره: عدتَ ومحمد وكارول من أدونيس لإحضار الفتاتين؟ طلال: عدنا نظراً إلى أنّ كارول ضاهر اتّفقَت والصبايا على السهر.
بوسمره: كارول جابِت ناس لتحيي إنت عيد ميلادك مع ناس ما بتعرفُن!! إكتفى طلال بالقول: منذ شهرين أعرف إيليان.
بوسمره: ليش نقّيت هول البنتَين مش غيرُن؟… طلال: لا أعرف لماذا كارول اختارتهما.
بوسمره: أيّ ساعة حجزتَ الطاولة، وهل كانت مجّاناً أو vip؟ يجيب: عند الـ11. وقرّرت الطاولة vip لمناسبة عيدي.
بعدها طلب بوسمره وضعَ طلال في القفص.
تضارُب أم نسيان؟
وانتقلَ لطوف للاستماع إلى الشاهدة الثانية كارول ضاهر، صديقة المغدورة. بعدما أقسَمت اليمين روَت كارول أنّها خرجت للعشاء بمناسبة عيد ميلاد طلال صديق خطيبها في مطعم مانويلا في جونيه. ولدى استفسار لطوف منها عادت واستدركت أنّها تناولت العشاء في مطعم في طبرجا.
وتابعَت: “أنا نسيت… ثمّ توجّهنا قرابة الواحدة ليلاً عند رفيقتي نورما بطيش في أدونيس”. وهنا أيضاً نتيجة تضارُب شهادتها مع ما قاله طلال تمهّلَ لطوف مستوضحاً، فصوّبَت كارول: “أنا شخصياً أصحاب مع نورما بطيش وهي والدة ماريا الناطور”.
وفي طريق عودتهم إلى الضاحية، لفتَت كارول إلى أنّ إيليان من اتّصَلت بها قائلة: “بدّي إسهر ومعي رفيقتي لينا رمضان”، فوافقتُ معها على الفكرة. وتُضيف: “مرَرنا لاصطحابها في عين الرمّانة وتوجّهنا إلى ملهى أوبشن في الكسليك”.
لطوف: من كان قد حجَز الطاولة؟ تجيب كارول: أنا من حجزتُها لأنني على معرفة بمالك الملهى ناجي رفول، ومنذ 5 أشهر من وقوع الحادثة أتردّد للسهر هناك. وهنا ملأَت الدهشة ملامحَ لطوف وهيئة المحكمة. وسألها لطوف: هل كانت الطاولة بشكل مجاني أو vip، فردّت: “ببلاش”. لطوف: ألم يَستغرب خطيبُك من الدعوة المجانية، كارول: لا لم يستغرب. مشيرةً إلى أنّ إيليان سهرت نحو 3 مرّات في الملهى قبل الحادثة.
وروَت كارول كيف كانوا يَهمّون بالمغادرة عند الثانية والنصف منتصف الليل، “إتّصَل حسن بطلال وأنه يريد المجيء، فسأل طلال صاحبَ الملهى ما إذا كان هناك مجال، فأخبره أنه لا يوجد طاولات. وسرعان ما حضَر حسن ومعه مجموعة من الرفاق، تحدّثَ مع طلال وكان غاضباً بعدما عرَف أن لا مكان لهم، فقرّروا المغادرة، وبدورِنا أنا وإيليان ولينا ومحمد صفوان وطالب قرّرنا العودة”.
وتضيف: “عند مغادرتنا، حسن كان لا يزال في الخارج مقابل مدخل المحل، إستدرتُ أتكلّم مع والدتي عبر الهاتف، فسمعتُ إطلاقَ رصاص، رصاصة نارية واحدة، ظننتُ أنّ ايليان فقدَت وعيَها من خوفها لسماع الرصاص”.
لطوف: شو عرّفِك بِتخاف من القواص؟ تجيب كارول: نِحنا في منطقتنا عطول بقوّصو. وتابعت: “طلبنا الإسعاف الذي تأخّر في الوصول، وكانت إيليان لا تزال على قيد الحياة، تتنفّس من دون أن تتكلّم، وفي المستشفى عرفنا أنّها توفّيت”.
بوسمره متوجّهاً لطلال: سمعت التناقضات من حجز الطاولة إلى آخر شيء! يجيب طلال: شو وقفِت على الحجز! ردّ لطوف: شو عشو بدا توقف. وبدأ تدريجاً طلال يَخرج عن صوابه وهو يَحلف بالله والحق.
لا أفاوض… لا أساومبعدها استمعَ لطوف إلى والدة الضحية غريس صفطلي، التي أكّدت أنّ ابنتها نادراً ما تسهر، وهي لا تعرف حسن حميه، ومن تعرفهم من المجموعة التي كانت موجودة ليلة الحادثة: لينا رمضان، كونها جارتَها في المبنى نفسه، وكارول ضاهر. وأشارت إلى أنه سبقَ لابنتها أن سهرَت في الملهى نفسِه، ربّما في مناسبة عيد ميلادها، وأنّ إيليان كانت تسهر للمرّة الأولى مع طلال ليلة مقتلِها.
وأخبرَت غريس أنّ ابنتها خرجَت للسهر بعدما كانت عند ابنة جيرانها لينا وأكملت السهر خارجاً من دون عِلمها، لافتةً إلى “أنّ مفاوضات عُرضت على عائلة المغدورة للتراجع عن المحاكمة إلّا أنّها رَفضت، مؤكّدةً أنّها لن تساوم ولن تفاوض”.
السهرة… متّفَق عليها
وعند الثالثة إلّا ربعاً بعد الظهر، نادى لطوف الشاهدة لينا رمضان، جارة المغدورة، والتي رافقَتها للسهر، وكانت تمسِك بيدها لحظة مقتلِها. بعدما أقسَمت اليمين روَت لينا: “كانت تسهر إيليان أسبوعياً جمعة وسبت، وأحياناً أرافقها، من دون أن أعرف هوية رفاقها”.
وتضيف: “عشية الحادثة كانت إيليان تتكلّم منذ الثامنة مساءً أنّها متّفقة مع أحدٍ للسهر، وأصرّت على اصطحابي، عرفت أنّنا سنسهر مع كارول ضاهر، وقد أتوا قرابة الواحدة والنصف لاصطحابنا. وبينما كنّا جالسين وصَل حسن وتحدّث مع طلال. وفهمت أن لا مكان له للسهر، فغضبَ حسن، بعدها عاد طلال إلى الطاولة وقمنا لنغادر”.
لطوف: كنتم ستعودون إلى المنزل أو لتكمِلوا السهرة؟ تجيب لينا: “عرفت أنّ إيليان طلبت من كارول أن تحجز في ملهى “برستيج”، وكانت كارول تتحدّث عبر الهاتف لتحجز طاولة بينما نحن في طريقنا إلى المدخل الخارجي للملهى، وعلى بعد 5 إلى 6 أمتار رأيتُ حسن حميه غاضباً ومحمد صفوان يحاول تهدئته، وإذ أسمع “تخرطش” المسدّس، وفي هذه اللحظة ما عدتُ أستوعب، وإذ حسن يَرفع المسدّس في اتّجاهنا، ولم يكن يرفع يده عالياً”.
وتضيف: “سمعتُ صوت رصاصة وإذ بإيليان تقع أرضاً، وعمَّت حالٌ من الهلع”، مستبعدةً أن تكون المغدورة المستهدَفة: “لأنها لا تعرف حسن حميه سابقاً ولم يَحصل أيُّ حديث أو شجار بينهما”، مؤكّدةً: “أنّها لم تسمع حسن حميه يقول لمحمد صفوان بدّي قوّصلن لوحة الملهى”.
في المحصّلة…
على وقعِ بحرِ التناقضات، أرجَأت المحكمة الجلسة إلى 19 أيلول 2017، مع تكرار دعوة الشهود، وتريّث بوسمره بالادّعاء على طلال أيوب بعدما تعهَّد الحضور الجلسة المقبلة.