كتبت راكيل عتيِّق في “الجمهورية”:
لبسَت جونيه أضواءَها وتَزيَّن الخليج بسِحر ليالي الصيف وتهافتَ الآلاف باكراً أمس إلى أبرز المدن الساحلية اللبنانية، انتظاراً لـ”ملك الرومنسية” وائل كفوري، ليفتتح بصوته “مهرجانات جونيه الدولية”. من الخليج إلى حريصا صَدح صوته فحرّكَ موجَ بحر جونيه المستكين عن الأنين ووَشوشَ محرّضاً كلَّ ما في داخل الحاضرين على الحبّ والحنين، والتوق… والنسيان، فزاد من لهيبِ ليلة صيف لبنانية حارّة.منذ 7 سنوات انطلقت “مهرجانات جونيه الدولية” التي تنظّمها جمعية أصدقاء المدينة – phellipolis لتحيي ليالي جونيه وتعيد الفرَح والتألّق إلى لياليها، إنْ بحفلات لأبرزِ الفنانين المحليين والعالميين وإنْ بليلةِ الألعاب النارية الضخمة، التي تَجلب إلى جونيه الروّاد والسيّاح والـ”فرَج الاقتصادي”.
ومساء أمس انطلقَت المهرجانات بنسختها السابعة مع الفنّان اللبناني وائل كفوري على قطعة أرض في غزير بمحاذاة البحر تطلّ على خليج جونيه، حيث أدّى الموقع وحسنُ التنظيم وصوابية اختيار الفنّان إلى افتتاحٍ نَجح بإرضاء نحو 3500 شخص بليلةٍ ملأها الفرح والشجن والجمال.
ملك المهرجانات
يُمكن القول إنّ الفنّان وائل كفوري هو “ملك” المهرجانات من دون أيّ منازع على اللقب، فيَزداد “الطلب عليه” عاماً تلوَ العام، وتُحجَز كافة المقاعد في حفلاته بعد أيام معدودة من طرح البطاقات. ويَجول ابنُ زحلة هذا الصيف بصوته الذي يحمل كمشة شموخٍ جبلي وحبّات من رومنسية البحر، من جنوب لبنان إلى شماله. جمهور كبير ينتظره ويَلحق به من جزين إلى القبيّات مروراً ببيروت وجونيه وإهمِج والبترون وطرابلس وزحلة وغيرها.
وتؤكّد حفلاته، ومِن بينها الحفلُ في جونيه ليل أمس، أنّه فعلاً “ملك” المسرح. يتمتّع هذا الفنّان بميزات عديدة تُخوّله كمشَ حواس الجمهور وإطرابَه لساعات، فهو يمتلك صوتاً جميلاً مميّزاً بقوّته وخامته ونوعيته، إضافةً إلى كاريزما يَزيدها جاذبيةً غموضُه وابتعاده عن الأضواء وقلّة كلامه، هذا إلى جانب ذكائه باختيار أغنياته منذ بروزِه في برنامج “استوديو الفن”. فمِن “ليل ورعد وبرد وريح” و”ما وعدتك بنجوم الليل” إلى “الغرام المستحيل” و”هلّأ تفِقتي” نجاح مستمر.
ليلَ أمس أراد الجمهور أن يستزيد من كلّ أغنية، ومحبّوه ظلّوا لنحوِ ساعتين واقفين يصفقون ويردّدون مع “الكفوري” كلَّ أغنياته القديمة والجديدة التي يَحفظونها عن ظهر قلب، منها: “ردّوا يا هوا”، “شو رأيك”، “هلأ تفِقتي”، “قولك غلط”، “حكم القلب”، “يا ضلّي يا روحي”، “لو حبّنا غلطة” (أعادها مرّتين)، “ما وعدتِك بنجوم الليل”، “بحِن”، “معقول تشتّي بآب”، “صار الحكي”، “سألوني” (بطَلب من الجمهور)، “قدّيش صارلي بنطرك” التي اختتم بها الحفل.
للموّال حصةٌ في حفلات وائل، والحفل مساء أمس في جونيه كان زاخراً بأجمل المواويل اللبنانية، فافتتح الحفلَ بموّال “كيفن حَبايبنا” بسلاسة وتمكُّن أشعلَا الصفيق بأيدي الحاضرين، الذي ازداد مع تمرجُحِ “الميجانا” بين أوتار صوت الفنّان القوي الصافي، ووصَل إلى ذروته عندما تألّقَ بأداء “بتحبّني وشهقِت بالبكي” و”عالبال يا عصفورة النهرين” للراحل وديع الصافي. ومع الموّال يزداد تفاعل الجمهور مع وائل كفوري، ما يدلّ على أنّ من حقّ الجمهور عليه ومن حقّ “اللون اللبناني” الذي لبسَه وائل منذ بداياته ولم يُبدّله، أن يخصّصَ لـ”الموّال” مساحةً أيضاً في ألبوماته.
نامت جونية على صوته
“على صوت” وائل كفوري نامت جونيه أمس وخرَج الجمهور يُردّد “شو هالصوت” “شو هالوائل” “وين بَدنا نروح نحضَرو كمان السنة”… إنّه النجاح. إنه الاستفادة من “الوزنات” والموهبة المُعطاة وصقلها والمحافظة عليها ليستمرّ الصوت بفرز اللذة والطرب والاستمتاع.
بدورها، تستمرّ لجنة “مهرجانات جونيه الدولية” برئاسة زينة افرام بالسعي لتقديم الأفضل إلى جونيه وروّاد مهرجاناتها. وبعد افتتاح المهرجانات أمس في حضور وزير السياحة أواديس كيدانيان ورئيس “المؤسسة المارونية للانتشار” نعمة افرام وقائد الجيش السابق العماد جان قهوجي وممثّلين عن الأجهزة الأمنية وعدد من الشخصيات، تستمرّ ليالي جونيه مع حدثين بارزَين: إستقدام المسرحية الغنائية الفرنسية العالمية “Notre Dame De Paris”، التي تؤدّي فيها الفنّانة اللبنانية هبة طوجي دور إزميرالدا، وليلة “الألعاب النارية” التي تتميّز بها جونيه عن بقية المناطق اللبنانية سنوياً.
تُقدَّم عروض مسرحية “نوتردام دو باريس” في 8 و9 و10 و11 تمّوز، وفي 14 تمّوز ليلة الـ”ميوزيك هول بالعربي” مع الأخوان شحادة والفنّان طوني حنا وبلال وغيرهم.
أمّا الحفل الختامي لـ”مهرجانات جونيه الدولية” للعام 2017 فسيكون في 15 تموز مع عرض الألعاب النارية الضخم بمرافقة الفنّان اللبناني ميشال فاضل مع مجموعة من العازفين من على مدارج المهرجان في غزير.
وسيقدّم فاضل موسيقى خاصة بهذه الليلة، لتندمجَ الموسيقى بالإضاءة وتُشكّل عرضاً مميّزاً. كما ستُطلق المفرقعات النارية هذا العام وللمرّة الأولى من البحر وليس فقط من شاطئ جونيه وستمتدّ لنحو ١٥ دقيقة.
يبقى نجاح “مهرجانات جونيه الدولية” وأيّ مهرجان، نجاحاً لمنطقته، فاللبنانيون محتاجون لكلّ نافذة تُدخِل ضوءَ الفرح والطمأنينة إلى قلوبهم المهمومة، وتُساهم بحركة سياحية اقتصادية تَدخل أيضاً الفرَح والطمأنينة على الجيوب. فصعبٌ في هذا الزمن شراء الفرحِ والجيوبُ فارغة.