كتبت رولا عبدالله في صحيفة “المستقبل”:
يغادر المنخفض الجوي الهندي الأجواء اللبنانية مشبعاً بفكاهة اللبناني التي لم تأتِ على ذكره فحسب، وإنما بحثت في الكتب المدرسية عن صيغ مستجدة ربطت بين القاعدة والطقس غير الاعتيادي لتصير وفق المتغير المناخي الآتي: «إفتح كتاب الجغرافيا للصف السادس، صفحة 25 السطر الخامس رح تلاقي جملة (لبنان يمتاز بمناخ معتدل) هيدي الجملة بالذات اشطبها من اساسها لأنها طلعت إشاعة. الطقس في لبنان من حار الى مشوي جزئياً مع احتمال سقوط عصافير بروستد».
ولأن خيال اللبناني يأخذه على الدوام الى أفكار «عاجلة» و«مبتكرة»، كثر الحديث عن احتمال فقدان البيض من الأسواق، ذلك أن الدجاج بات يبيض بيضاً مقلياً جاهزاً وتحت الطلب. ولا تتوقف الخدمة المجانية عند هذا الحر، وإنما تتعداها الى أفكار مقارنة بينها: «في كندا يرمون الماء المغلي في الهواء ويصورونه وهو يصبح ثلجاً في أقل من ثانية.. قريبا سنريهم في دولنا كيف نرمي الدجاجة مجمدة في الهواء وتنزل مشوية مع أربعة بيبسي». وللسيدات اللواتي ينشدن التوفير، بإمكانهن استخدام داخل السيارة بديلا من الفرن لطهي أشهى الأطباق المحمرة والحلويات من كيك الى «بتي فور»، ولا حاجة لل«سانيتا»، فالحرارة كفيلة بالتحميص والتحمير.
ولكن الطقس في ارتفاع مؤشراته الى 42 درجة مئوية، ليس كله حسنات على سيدات البيوت اللواتي فقدن الثلج من «الفريزر» خاصتهن، بعدما كثرت الابتكارات من «مشاية بأصبع» مصنوعة من قوالب الثلج وحبل جلدي أو بلاستيكي صغير لتثبيت الأقدام، الى إلحاح الأطفال على شراء «السندويش بثلج»، وهو صنف انضم حديثا الى قائمة الأصناف اليومية المعروضة في المطاعم. ومن وحي الثلج، استبدلت البطانيات بقوالب، منهم من يضمها الى صدره، ومنهم من يتحلق حول «وقيدة» من ثلج على عكس قاعدة «الدفا عفا»، وثمة من اقترح إعطاء الطقس تحميلة لخفض الحرارة. وهناك من أخذهم الخيال الى ضرورة بناء مكيفات عملاقة في الساحات العامة بدلا من الابراج الشاهقة.
وعلى خط نظم الشعر على القافية، صار البيت وفق المتغير الحراري على شكل: «قم للمكيف وفّه التبجيلا.. لولا المكيف لكنت الآن قتيلاً». وللخيال وقفة مخاطبة: «عزيزتي الشمس تم تحميص المواطنين بنجاح»، إلى ما هنالك من توقعات بينها: «الشمس شكلها حتنزل بنفسها تصيف معنا هذه السنة»، ودعوة «ودية» من مواطن في مقارعته حر الشمس: «شو رأيك تدخلي عندي جوا.. بتشرفينا وتنورينا». ولا بد من التحذير من ضربات الشمس، وهي في التوضيح الكاريكاتوري تكون بـ «سحسوح» يناله كل من يغادر منزله حيث يد الشمس طويلة وقادرة وملتهبة. وللمشككين توقعات من مثل أن يكون عيد ميلاد أبو لهب مطلع تموز حيث الجميع «احتفى وكتّر» بالمناسبة.
وعلى خط ابتكارات الحاجة، حيث الدخول الى المسابح بـ«دخولية» لا تناسب جميع العائلات، تحولت كابينات الشاحنات الى مسابح برسم رمزي، وللأطفال دون الخمس سنوات مسابح صغيرة عبارة عن جور طينية مجبولة بالمياه، وبجانبها نصيحة: «خللي ابنك ياخد مناعة ويغطس».
ولأن الهواتف الذكية «حياة» اللبناني، لم تقتصر التحذيرات على تلك التي أصدرتها مصلحة الأرصاد الجوية في المديرية العامة للطيران المدني لجهة خطر اندلاع الحرائق في المناطق الحرجية، وخطر التعرض لأشعة الشمس المباشرة خلال فترة الظهيرة وضرورة الاكثار من شرب المياه، وإنما تعدتها الى «كيفية حماية الهاتف من ضربات الحرارة»، وفي التحذير: «حاول قدر الإمكان استخدام هاتفك بالظل، فأشعة الشمس المباشرة يمكن أن تتسبب في تلف أجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من الأجهزة. لا تترك أجهزتك في أماكن مغلقة مثل السيارة أو الخزائن. عند الذهاب من غرفة ساخنة إلى أخرى ذات درجة حرارة منخفضة، عليك الانتظار بعض الشيء حتى تنخفض حرارة جهازك، فالذهاب من درجة حرارة متطرفة إلى أخرى طبيعية بسرعة يمكن أن يضر الجهاز. أوقف تشغيل الميزات التي تستنزف البطارية مثل «GPS». تخلص من حافظة الجهاز، فرغم دورها في حماية الجهاز من الماء والغبار، يجب إخراجها ليحصل الجهاز على بعض الهواء. وأخيراً، أغلق الجهاز في حال عدم استخدامه».
وتبقى النصيحة لـ«جبل الهيبة»، هو الذي حوّر كلامه ليصبح: «أكتر ناس عرفوا الصح، هني لي ما ضهروا من البيت وقعدوا في حمى الـ«AC» ريثما تنجلي موجة الحر و«ما تهكلوه للهم».