بين الحين والآخر تنطلق دعوات تطالب بخطة اقتصادية شاملة تستند اليها مشاريع الموازنات، والخطط المستقبلية، وتتضمّن من جملة ما تتضمّن الاصلاح. وفي الواقع، يمكن الاستناد الى كتاب «نهوض لبنان نحو دولة الانماء» الذي أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي برئاسة روجيه نسناس لهذه الغاية.ساهم في إعداد «نهوض لبنان نحو دولة الانماء» عدد من خبراء الاقتصاد. وفي احد الفصول هناك دراسة تتناول الأسس والخطط التي تساهم في الاصلاح والنمو، حيث لا يمكن تصور الاصلاح الا من خلال مجموعة من القواعد التي تفتح الباب امام افق جديد للاقتصاد اللبناني، وتساهم في ازدهار قدرته على النمو ورفع مستوى معيشة فئاته الاجتماعية وتحسين جاذبية لبنان للاستثمارات.
تحدد القواعد الاصلاحية على الشكل التالي:
- استعادة هوامش التحرك اي العمل على تخفيض لا بل الغاء عجز الموازنة المتفاقم. وهذه ضرورة يمكن التوصل اليها من خلال مجموعة معروفة من التدابير لرفع مستوى الجباية، دون زيادة الضرائب والرسوم، وذلك بمحاربة الفساد والتهرب الضريبي والعمل على وضع سقوف لبعض المشاريع ووقف الهدر والتوظيف العشوائي وضبط النفقات غير المنتجة.
- تفعيل الاصلاح الاداري واطلاق الحكومة الالكترونية وتخفيض تدريجي لعدد العاملين في ادارات غير منتجة، واطلاق اوسع عملية عقلنة للادارة بشكل يمكن زيادة الاجور، وانخفاض تدريجي للاعداد بشكل متوازٍ كما ان تطعيم المراكز الاساسية بكوادر عالية الكفاءة سيساعد في تزخيم الخدمات بشكل كبير.
- تطبيق كل التوصيات المتعلقة بجذب الاستثمارات خصوصا في مجال تسريع الشؤون القضائية وحماية الملكية الفردية وحقوق الاقلية وتنظيم القضايا التجارية واطلاق البورصة وتفعيل المناطق الاقتصادية وتعميم القروض المدعومة بالاضافة الى الانجازات في مجال الكهرباء والانترنت والاتصالات والمطار.
– تأسيس سياسة أمان اجتماعية، وسياسة نقل عام وزيادة دعم السكن، واطلاق عجلة البنى التحتية في المناطق، واطلاق مشاريع المياه، ومعالجة النفايات، وغيرها من الخطط.
- تطوير قواعد المركز المالي لبيروت من خلال مجموعة تدابير لاطلاق البورصة والاسواق المالية بشكل مراقب وشفاف، وانشاء صناديق استثمار وادوات مالية لاعادة لبنان على خارطة المراكز المالية في التداول.
- الاهتمام بالبيئة وليس فقط بمعالجة النفايات بل ايضا الحد من التلوث ومواكبة موجة الاتفاق العالمي للحد من التدهور البيئي.
- التركيز على الثروة الزراعية بكل مكوناتها والانتاج الغذائي وتفعيل كافة الادوات الترويجية والتمويلية والتقنية لبناء قطاع زراعي قادر على خرق الاسواق الخارجية حتى لو تطلب ذلك الانتقال التدريجي من زراعة التبغ الى منتوجات غذائية بعد تعويضات ملائمة للمزارعين.
- التركيز على شؤون الصحة العامة ومنها جميع أدوات الوقاية والتوعية والمراقبة لكل الآثار السلبية على الصحة. والعمل على التنسيق بشأن الاستثمار في القطاع الاستشفائي وزيادة ترويج السياحة الصحية وتأمين التوجية وبنك المعلومات.
- الاهتمام بشؤون التربية والتعليم بحيث تعمّم الجودة من خلال وكالة مستقلة للتعليم العالي بشكل منتظم لمنع الجامعات التجارية ورفع المستوى التعليمي واعطاء كل الشهادات دعائم قوة لكي تكون معترف بها عالميا. كما ان الحد من الفوضى في التعليم والمأسسة ومراقبة البرامج وملاءمتها مع المعايير الدولية المعترف بها.
- خلق فرص عمل، من خلال مجموعة تدابير لدفع الحواجز للاستثمار وجلب الشركات وتطوير القطاعات بإعطائهم رزمة من الدعائم الخاصة بأوضاعهم. وبتجميع تلك النشاطات واعطائها مجموعة متنافسة من اجراءات الدعم: تمويلية، ضرائبية، ادارية، تسويقية، تقنية، بشرط خلق فرص عمل بالاضافة الى التصدير، الاستثمار في المناطق الريفية، المحافظة على البيئة، الابتكار، نقل نشاط من الخارج الى لبنان، وغيرها من المعايير الانمائية.
- التركيز على الثقافة والفن والابداع بكل انواعه، كونه الميزة الترويجية للبنان.
– تشجيع البحث العلمي والابتكار والحاضنات وكل أنواع الشركات الناشئة.
- انهاء عمل البلديات من اجل حل المشكلات اليومية في المناطق والقرى. وتستطيع هذه الهيئات توفير خدمات وانشاء مشاريع صغيرة للدفع نحو الاستثمار. اذ ان اللامركزية تبدأ بالعمل البلدي الذي يستطيع ان يوفر مساندة للخدمات والنشاطات بشكل اقوى وافعل تبعًا للحاجات الخاصة لبيئة اجتماعية محددة. من هنا ضرورة اعطاء البلديات قدرات وامكانات وصلاحيات اوسع. ان هذه القاعدة لا تهدف الى اي نوع من التقييم بل تقريب الخدمات الى المواطنين.
- تطبيق مجموعة تدابير لتحسين الشؤون الاجتماعية، صندوق بطالة، اعادة احياء مصلحة الانعاش الاجتماعي، انشاء مراكز تدريب مكثف لبعض الوظائف الخدماتية أو الصناعية، عمل المنظمات غير الحكومية، انشاء وكالة اللاجئين للاهتمام بشؤونهم وتدريبهم للعودة الى سوريا.
ان هذه القواعد هي البداية والاساس نحو الاصلاح، ويجب ان تتلازم وتبنى بالتنسيق المستمر واذا ما استقر الوضع السياسي في المدى القصير، يمكن للبنان، ان يطالب بمساعدات ضخمة كونه يأوي 1.5 مليون لاجىء، وبسبب استقراره الامني والسياسي وكونه السياج المانع للهجرة الى اوروبا وبسبب مساهمته غير المباشرة بحل جزء من أزمة الهجرة ولمنع انهياره الذي قد يسبب بأزمة كبيرة في البحر المتوسط. كما ان بعض الاصلاحات بحاجة الى تصور وإرادة وتوافق على أولوية تأمين قدرة من الهوامش للتحرك.
من ناحية أخرى، تحتاج هذه الخطة او القواعد الى وسائل وادوات والتي هي متوفرة في لبنان، من خلال جهاز مصرفي فعال، صلابة القطاع المصرفي والمالي، والبنية الادارية الصالحة، وان تكن مهترئة وبحاجة الى تأهيل، وفي طاقة بشرية مميزة، ورأس مال بجاحة الى بيئة استثمارية لدى المغتربين، وشبكة متكاملة للبنانيين في الخارج يمكن ان تؤمن المعرفة والكفاءة والقدرة والعلاقات مع المؤسسات المساندة.
كما تحتاج هذه الخطة الى مستلزمات بهدف نجاحها وتأتي على 5 محاور عمل:
- توافق سياسي.
- شفافية كاملة.
- اشتراك كل الاطراف في النقاش.
- القيام ببرامج لمكافحة الفساد، وادخال الشفافية الكاملة في المصاريف والاعتمادات.
- اجراء تقييم دوري للخطة.