يقع ملفّ سلسلة الرتب والرواتب، التي بدأت الأرض تسخن تحتَها، وسط مؤشّرات عن حركة تصعيدية ضاغطة تسبق طرحَها على الهيئة العامة لمجلس النواب في جلسة يفترض أن تُعقَد خلال الأسبوعين المقبلين. وفي وقتٍ تبدو الحماسة السياسية خجولة حيال إقرار ملف السلسلة، يبقى هذا الملف الحساس عالقاً بين الدعوات إلى سلسلة متوازنة تُوائمُ بين حقوق الموظفين ووضعِ الخزينة وتتجنّب حجم التضخّمِ الذي يمكن أن ينتج عنها، والأهمّ إخراجها من ميدان المزايدة السياسية وعدم التعاطي معها بمنطق الابتزاز وأخذِ الطلّاب رهائنَ ومتاريس على طريق إقرارِها، على نحو ما تلوح به بعض القطاعات الداعية إليها.
من هنا، يبدو أنّ ملفّ السلسلة مُرشّح للتفاعل تصاعدياً في الأيام القليلة المقبلة، مع اقتراب موعد انعقاد الجلسة التشريعية التي يُفترَض أن تبحث مصيرها في حال لم يتمّ سحبُ المشروع من قبَل الحكومة لإعادة درسه.
وفي وقتٍ بدأت ترتفع الأصوات المدافعة عن إقرار السلسلة، مقابل اعتراضات تُبديها الهيئات الاقتصادية لجهة رفضِ فرضِ ضرائب ورسوم جديدة بذريعة تمويل السلسلة، فقد بَرزت أيضاً في الساعات الأخيرة تهديدات يطلِقها مسؤولون في هيئة التنسيق بضرورة إقرارها قبل تمّوز، وإلّا فإنّ الهيئة ستعود إلى الشارع، وسيَعمد الأساتذة إلى مقاطعة الامتحانات الرسمية في دورتها الثانية لجهة المراقبة والتصحيح.
كما يهدّد الأساتذة بمقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة والمقرّرة في أيار 2018 إذا لم تكن السلسلة قد أقِرّت بعد. ومن المعروف أنّ السلطات تستعين بالأساتذة لتأمين سير العملية الانتخابية في مراكز الاقتراع.
ومِن المتوقع أن يشهد هذا الملف المزيدَ من السخونة والجدالات، خصوصاً أنّ الإشكالات تنوَّعت، وهي تركّز حالياً على أنّ المشروع كما هو موجود في الهيئة العامة للمجلس النيابي غيرُ كافٍ، ويحتاج إلى تعديلات لإعطاء بعض الفئات المغبونة حقوقَها لتكونَ السلسلة عادلة.
وهذا يعني ارتفاع الكلفة المحددة بـ 1200 مليار ليرة. فهل إنّ المالية العامة قادرة على تحمّلِ أعباء إضافية، وهل يستطيع المواطن والمؤسسات تحمُّلَ المزيد من الضرائب للتمويل؟
من جهتها، قالت صحيفة “اللواء” إنّه اذا كانت جلسة مجلس الوزراء غداً تحمل مؤشرات على ما يمكن ان ترسو عليها الاتصالات بشأن سلسلة الرتب والرواتب، فإن المؤشرات النقابية، توحي بأن هذا الملف سيكون في عهدة الشارع، حيث تعقد هيئة التنسيق النقابية مؤتمراً صحفياً اليوم، تحدد فيه ما يتعين عليها القيام به، في ضوء الاعتراضات المعلنة، وغير المعلنة على استئناف مناقشة السلسلة في جلسة تشريعية متوقعة في 15 تموز الجاري.. والتي سيتحدد موعدها رسمياً، بعد عودة الرئيس نبيه بري من زيارة خاصة الى الخارج.
ووفقاً المصادر نيابية قريبة من كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة فإن السلسلة اذا لم تقرّ خلال العقد الاستثنائي فإن بوادر تصعيد في الشارع، تصبح امراً واقعاً لا سيما بعد دخول الاتحاد العمالي على خط المطالبة بإقرار السلسلة، هذا الدخول الذي رأى فيه بيان “للموظفين المستقلين” في الادارة العامة بأنه محاولة لتمييع المطالب المحقة..
وقالت هذه المصادر: “إن لا شيء محسوماً حتى الآن سوى ان الكتلة متمسكة بعقد الجلسة وإقرار السلسلة لأنها حق للموظفين، لكن لا نعرف تماماً موقف بقية الكتل، حيث لحظ مماطلة بحجة عدم توفير كلفة السلسلة كاملة، وعدم الاتفاق على بعض البنود الضريبية.
وتوقفت المصادر عند موضوع انصاف المتقاعدين مطالبة بأخذ مطالبهم بعين الاعتبار عبر حل ما سيتم التداول به في الوقت المناسب، رافضة التكهن سلفا بما يمكن ان تؤول اليه الامور قبل الدعوة الى عقد الجلسة التشريعية.
بالمقابل، لا تبدو كتل اخرى، كالاصلاح والتغيير وكتلة القوات وربما كتلة المستقبل ايضا متحمسة كيفما اتفق لاقرار السلسلة، آخذة بعين الاعتبار ان الموقف يحتاج الى اعادة تقييم بعدما فرضت قضية المتعاقدين نفسها، من حيث تصحيح الشطور.
وكشف مصدر نيابي لـ “اللواء” رفض الكشف عن هويته ان ربط السلسلة بالموازنة هو الذي يضمن توفير الاموال اللازمة لها، من دون تحميل اصحاب الدخل المحدود اية اعباء مالية اضافية لتمويل السلسلة، التي تتغير ارقامها وفقاً للمطالب التي ترفع بين الحين والآخر، لا سيما المتقاعدين وروابط المعلمين..