عقد مجلس الوزراء جلسته العادية برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا التي تم خلالها البحث في 4 ملفات مهمّة أوّلها ملف النازحين السوريين، النزاع بين وزارتي الداخلية والعدل حول إطلاق سراح موقوفين على خلفية إطلاق النار ابتهاجاً، وذلك بعد تدخلات سياسية، ملف سلسلة الرتب والرواتب، وملف الكهرباء.
الجلسة التي تحدث وزير الاعلام ملحم الرياشي عن أجوائها من دون إعلان اي مقررات، سادها جو من التشنج بين عدد من الوزراء، على اثر نقاش حاد جرى بين وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال بين فرعون ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصوه على خلفية موضوع النازحين، حيث كان الأخير يصرّ على ضرورة فتح قنوات وتواصل مع الحكومة السورية كمدخل لحل ملف النازحين السوريين، فيما عبّر الوزير فعون عن موقف رافض لهذا الطرح.
كما أنّ نقاشاً آخر حصل بين وزير العدل سليم جريصاتي ووزير الداخلية نهاد المشنوق بشأن التدخل بالقضاء، وذلك بعدما كشف المشنوق عن تدخلات سياسية أدت إلى الافراج عن عدد كبير من الموقوفين وصل عددهم إلى 70 موقوفا على خلفيات إطلاق نار. وطلب وزير الصناعة حسين الحاج حسن لائحة بأسماء الموقوفين الذين تم التدخل للافراج عنهم.
رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وخلال المناقشات، كان أيضا من الرافضين بشدة لموضوع فتح اتصالات مع النظام السوري، وردّ على الوزير علي قانصو بـ”أننا لن نفاوض الحكومة السورية ولنهتم بشؤون الناس”.
الحريري أوضح كما نقل عنه الوزير الرياشي بعد الجلسة بانّ الوزراء سيتولون دراسة القوانين التي تحتاج الى مراسيم تطبيقية، وانّ موضوع الشواغر في الادارات سوف تتم معالجته وفق الاقتراحات التي سيقوم بها الوزراء”.
ووعد بانّ “موضوع السلاح المتفلت سيتم التشدّد في مواجهته من خلال اجراءات ميدانية وامنية واحترازية، وانه سيتم معالجة موضوع الموازنة من خلال المشروع الذي اعدته الحكومة لجهة الاخذ بالاعتبار موضوع الاصلاحات المطلوبة وارتباطها بسلسلة الرتب والرواتب”.
وقبيل الجلسة، أكّد وزير الصحة غسان حاصباني انه لم يتم اي تزوير في القرار المتعلق بملف الكهرباء بل اضيفت كلمة خلافا لجوهر القرار، مضيفا: “كلمة تزوير غير مقبولة ولا يجوز تعديل ما جرى الاتفاق عليه خلال جلسة مجلس الوزراء.”
وصرّح وزير التربية مروان حمادة “نحن لا نتكلم مع “حكومة مجرمين” والحل للأزمة السورية يكون عبر الامم المتحدة.”
واشار وزير الداخلية نهاد المشنوق انه “سيتم الاتفاق على موعد الانتخابات الفرعية في جلسة اليوم.”
ومن جهته لفت وزير الاشغال يوسف فنيانوس الى انهم “يزايدون علينا بعدم التحدث مع الحكومة السورية وبعدها يسبقوننا اليهم”، لافتا الى ان الشعب يشعر بوجود صفقة ويجب إعادة النظر بخطة الكهرباء كاملة.
واعتبر وزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصوه ان اقرب واقصر الطرق لحل مسألة النازحين السوريين لعودة الاف منهم الى سوريا هو عبر التواصل مع الحكومة السورية.
أما وزير الدولة لشؤون المرأة جان اوغاسابيان فقد أكّد ان التواصل مع سوريا مرفوض من قبل فريق كبير، معتبراً ان المناطق الآمنة تُبحث مع الامم المتحدة وعودة النازحين ستكون من ضمن تسوية كبرى ولا فائدة من بحثها لبنانياً.
ورأى وزير الاعلام ملحم الرياشي ان الأمم المتحدة هي الحل في موضوع النازحين، وقال: “سيتم اليوم خلال جلسة الحكومة اقرار تعديل قانون المطبوعات بحيث تصبح نقابة المحررين كنقابة الاطباء.”
وفي ما يلي ما صرح به وزير الاعلام بعد الجلسة:
تحدث وزير الاعلام ملحم الرياشي الى الصحافيين، فقال:
“عقد مجلس الوزراء جلسته الاسبوعية برئاسة فخامة رئيس الجمهورية وفي حضور دولة رئيس مجلس الوزراء والوزراء الذين غاب منهم الوزيران غازي زعيتر وسيزار ابي خليل بداعي السفر.
في مستهل الجلسة، دعا فخامة الرئيس الى تفادي الجدال والانصراف الى معالجة الجوهر، مستذكرا واقعة محاصرة محمد الفاتح القسطنطينية فيما كان اهلها منشغلين بالجدال حول جنس الملائكة في جدل بيزنطي لا ينتهي، ويصرف الجهد عن الجوهر.
ثم تناول فخامته موضوع التعيينات، فدعا الى استكمالها اداريا وقضائيا وديبلوماسيا، متمنيا على الوزراء تقديم المقترحات اللازمة لذلك، كل في ما خص ادارته. وعن الوضع الامني في البلاد لفت فخامة الرئيس الى تزايد الحوادث المخلة بالأمن ومشاركة بعض النازحين السوريين في ارتكابها، وذلك على رغم الاجراءات التي تتخذها القوى الامنية المعنية.
في المقابل، اضاف فخامة الرئيس، سجلت زيادة في واردات الدولة من الرسوم الجمركية خلال 80 يوما بالمقارنة مع تلك التي سجلت للفترة نفسها من العام الماضي، وبلغت نسبة الزيادة 6.4% على رغم ان حركة الاستيراد من الخارج سجلت تراجعا، ونسبة الزيادة بالأرقام هي 77 مليار و 750 مليون و 63 الف ليرة لبنانية.
ودعا الرئيس عون القضاء الى أداء دور اساسي في الحد من الفلتان الامني بالتنسيق مع القوى الامنية، لأن هيبة الدولة تصان من خلال الاجراءات التأديبية التي تتخذ بحق مرتكبي الجرائم والاعتداءات على السلامة العامة. وفيما نوه فخامة الرئيس بعمل الجيش والقوى الامنية في توقيف المخالفين والمرتكبين، وكذلك تسليم القيادات الفلسطينية الى الامن العام خالد السيد المتهم بالتخطيط لعمليات ارهابية مع تنظيم داعش، حذر فخامته من تحول مخيمات النازحين السوريين الى بيئة حاضنة للإرهابيين، مكررا ما كان قد ذكره خلال زيارته الى المقر العام لقوى الامن الداخلي الاسبوع الماضي عن المخاطر الناتجة عن تمدد الارهابيين، داعيا الجيش والقوى الامنية والشعب الى التعاون من اجل مواجهتهم ومنعهم من ارتكاب جرائمهم.
وبعدما أشار فخامة الرئيس الى اهمية اقرار الموازنة ومعالجة مسألة قطع الحساب، ابلغ الوزراء ان رئيس مجلس النواب سلمه خلال الاجتماع في بعبدا لائحة بالقوانين التي صدرت منذ اعوام ولم تنفذ بالكامل لعدم اصدار مراسيم تنظيمية او تطبيقية لها، واشار فخامته الى انه سلم رئيس الحكومة لوائح خاصة تتضمن القوانين المشار اليها، داعيا الى الاسراع في اعداد المراسيم الخاصة بها. كما دعا فخامته الى التشدد في ملاحقة التعديات على الاملاك البحرية وعدم تبرير المخالفات المرتكبة في هذا المجال.
وأبلغ فخامة الرئيس مجلس الوزراء تمسكه بتطبيق الدستور تطبيقا كاملا، وقال: “يعلم الجميع مدى تعلقي بالدستور واحترامي لنصوصه وتقيدي بها، وهذا ما سأعتمده دائما، ولا سيما بالنسبة الى المادة 52 من الدستور التي تولي رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وابرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، ولن اوقع اي مرسوم يتعلق باتفاقات إبرام قروض او ديون على الدولة اذا لم اكن قد درسته واطلعت على تفاصيله ودقائقه”.
وحذر فخامة الرئيس من الاخذ بالشائعات التي تؤثر سلبا على الانتظام العام وعلى عمل المؤسسات ورموزها، لافتا الى ان سقف الحرية الاعلامية هو الحقيقة، وداعيا القضاء الى ضرورة تحمل مسؤولياته في منع الحؤول دون تمكين مطلقي الشائعات من تحقيق غاياتهم التي ترتد سلبا على البلاد، وكذلك الاسراع في بت الدعاوى العالقة منذ سنوات، ولا سيما تلك التي تتناول التشهير والقدح والذم واطلاق الشائعات الكاذبة”.
الحريري
وأضاف الرياشي: “تحدث دولة الرئيس الحريري فأشار الى ان القوانين التي تحتاج الى مراسيم تنظيمية سوف يتم درسها واتخاذ الاجراءات المناسبة بشأنها، وقال: منذ فترة نسمع دعوات الى التواصل مع النظام السوري للبحث في موضوع عودة النازحين. ما يهمني توضيحه في هذا المجال، أن هذه المسألة هي من المواضيع الخلافية، ذلك ان ثمة افرقاء ينادون بحصول التواصل وآخرين يرفضون. واضاف دولة الرئيس: نحن نريد عودة النازحين السوريين الى بلادهم اليوم قبل الغد، لكن نعتبر ان ذلك من مسؤولية الامم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها، والتي عليها ان تضع خطة آمنة لعودتهم. لقد اتفقنا منذ تشكيل الحكومة على وضع المسائل السياسية الخلافية جانبا، لأننا قد لا نتوصل الى التوافق حولها، ولا حاجة بالتالي الى طرح مواضيع تسيء الى التوافق القائم داخل الحكومة.
وفي موضوع التعيينات، رأى دولة الرئيس ضرورة ملء الشواغر بعد الاتفاق على احد أمرين، إما المضي باعتماد الآلية المطبقة منذ اعوام، وإما ان نعلق العمل بها ونطلب الى الوزراء المعنيين تقديم اقتراحاتهم لدرسها في مجلس الوزراء وفقا للأصول الدستورية المعتمدة. علينا اتخاذ القرار المناسب في هذا المجال لتنطلق التعيينات.
وأشار دولة الرئيس الى حادثة وفاة اربعة موقوفين سوريين في المستشفى، لافتا الى ان علامات استفهام أثيرت حول ذلك لا بد من توضيحها من خلال فتح تحقيق يكشف ملابسات ما حصل ويضع حدا للتساؤلات المطروحة.
وأبلغ دولة الرئيس مجلس الوزراء انه سوف يزور الولايات المتحدة الاميركية في 22 تموز الجاري للقاء الرئيس الاميركي دونالد ترامب، ويزور فرنسا في آب المقبل، وموسكو في أيلول المقبل، على ان يتم تشكيل الوفود التي سترافقه تباعا.
وعن الفلتان الامني المتكرر، اقترح دولة الرئيس وضع خطة امنية تلحظ اجراءات امنية وميدانية واستباقية فعالة قد يكون من بينها نزع السلاح من ايدي مرتكبي حوادث اطلاق النار العشوائي او المخلين بالامن.
كذلك دعا دولة الرئيس وزير العدل الى إعادة النظر في بعض عقوبات السجن المطبقة، ولاسيما لجهة التشدد بها لمعاقبة مرتكبي الجرائم الجنائية وعدم تطبيق معيار السنة السجنية عليهم، والابقاء على معيار السنة السجنية بالنسبة الى الجنح والجرائم العادية.
وأشار دولة الرئيس الى ان مشروع الموازنة يدرس راهنا في مجلس النواب، اما في ما يخص بمسألة قطع الحساب فلا بد من مقاربتها من منطلق توافقي. واشار دولته الى ان ثمة تلازما بين مقاربة مواضيع الموازنة والاصلاحات وسلسلة الرتب والرواتب للحؤول دون زيادة العجز المالي للدولة.
بعد ذلك، تحدث عدد من الوزراء في المواضيع التي تناولها فخامة الرئيس ودولة الرئيس، وتم درس جدول الاعمال الذي أقرت مواضيع عدة فيه، ومنها تعديل النصوص القانونية المتعلقة بقانون نقابة المحررين.
كما أكد مجلس الوزراء تقديره لدور الجيش وما قام به من عملية استباقية في ملاحقة الارهابيين وعدم تمكينهم من استغلال مخيمات النازحين للقيام بأعمال ارهابية تستهدف أمن اللبنانيين وتهدد أمن النازحين، وان كل صوت يشكك في صدقية دور الجيش مرفوض. وستجرى التحقيقات لتثبت أن الجيش ملتزم التزاما كاملا بواجباته القانونية والانسانية”.
حوار
ثم جرى حوار بين الوزير الرياشي والصحافيين.
سئل: هل طلب من الوزير جريصاتي ان يقدم ملفا الاسبوع المقبل الى المجلس عن مطلقي النار عشوائيا؟
اجاب: “ان الوزير جريصاتي اكد انه سيقدم ملفا عن المسألة خلال 15 يوما، لأن التحقيقات تأخذ وقتا”.
سئل: في ملف النازحين السوريين، قال الرئيس الحريري انه سيوضع جانبا لأن هناك خلافا عليه، ولكن ما هو الحل؟
اجاب: “ليس من فكرة حالية للحل، لان هناك وجهتي نظر حول الموضوع: الاولى تؤيد التواصل عبر الامم المتحدة، والثانية تؤيد التواصل المباشر بين الحكومة اللبنانية وحكومة النظام السوري. هناك خلاف حول هذا الموضوع وينتظر ان يحسم في الجلسة المقبلة من خلال اعتماد خيار معين لتأمين عودة النازحين او تأمين الفترة المتبقية من اقامتهم في لبنان دون مشاكل تذكر”.
سئل: هل هذا يعني ان مجلس الوزراء سيعالج هذا الخلاف ويحسمه؟
اجاب: “نعم، ان المسألة ستعالج في مجلس الوزراء”.
سئل: بالنسبة الى التعيينات، ألم يعد هناك من آلية لها؟
اجاب: “لم يقل احد ذلك، لقد طرح موضوع الآلية خلال الجلسة وتم الاقتراح ان تتم دراسته بشكل دقيق خلال الجلسة المقبلة أو التي تليها، وتوضع بعدها كبند اساسي على جدول الاعمال”.
سئل: هل طرح موضوع الانتخابات الفرعية في جبيل وكسروان؟
اجاب: “هذا القرار يعود الى وزير الداخلية ولا يحتاج الى مجلس وزراء”.
سئل: ماذا عن طلب إنشاء جامعات جديدة؟
اجاب: “لم يتم طرح إنشاء جامعات جديدة، انما قيام فروع جديدة في جامعات موجودة. ولكن هناك مسألة انشاء الجامعة الارثوذكسية الذي ارجئ لمزيد من البحث”.
سئل: هل وضع ملف النازحين في عهدة رئيس الجمهورية؟
اجاب: “لم يحسم اي شيء في هذا الخصوص، وستتم العودة الى مجلس الوزراء لمزيد من البحث”.
سئل: قيل ان وزراء “القوات اللبنانية” سيقدمون ملفا في هذا الشأن.
اجاب: “ليس في جلسة اليوم”.
سئل: قيل إنه تم تكليف اللواء عباس ابراهيم اجراء التفاوض.
اجاب: “لم يطرح هذا الامر في الجلسة”.
سئل: ماذا عن قانون نقابة المحررين؟
اجاب: “انه مشروع قدمناه كوزارة اعلام بالتعاون مع النقابة الحالية للمحررين، ورفعناه كمشروع قانون من خلال مجلس الوزراء الى مجلس النواب. ويشار الى انه لن ينضم جميع العاملين في وسائل الاعلام الى النقابة، انما فقط الاعلاميون منهم الذين سيستفيدون من كل التقديمات والحصانات النقابية التي يحق لهم الحصول عليها”.
سئل: هل المصورون معنيون بهذه النقابة؟
اجاب: “كلا، ان للمصورين نقابة خاصة بهم”.