كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:
لا شكّ في أنّ الشوربة والمشروبات الساخنة هي آخر مواد قد تفكّرون في تناولها في ظلّ موجة الحر الشديدة التي تضرب لبنان والمنطقة. فإلى جانب سَلطات الخضار، والأطباق الباردة، والبوظة، تؤدي الفاكهة دوراً عظيماً في تعديل حرارة الجسم، لا بل أيضاً في القضاء على اللهيب. فما أهمّ أنواعها، وماذا عن عصائرها؟يتميّز كل موسم بمجموعة معيّنة من المأكولات الطبيعية التي يتمّ حصادها، غير أنّ الصيف يبقى الأول بلا مُنازع لناحية تعدّد أنواع الفاكهة الكفيلة بإرضاء كافة الأذواق من دون استثناء.
وفي هذا السياق، قالت اختصاصية التغذية راشيل قسطنطين، لـالجمهورية، إنه إلى جانب مذاقها اللذيذ، تشتهر المأكولات الطبيعية المتوافرة حالياً في الأسواق أو المرتقبة، باحتوائها جرعات مرتفعة من العناصر الغذائية المهمّة كالفيتامينات، والمعادن، ومضادات الأكسدة. فضلاً عن أنها تعوّض السوائل التي يفقدها الجسم بفضل غناها بالمياه.
وتحدّثت في ما يلي عن خصائص أفضل الفاكهة الصيفية:
البطيخ
يُعتبر قليل السعرات الحرارية، ويؤمّن حاجة الفرد إلى السوائل التي يخسرها خلال الطقس الحار بفضل احتوائه 92 في المئة من المياه، ويزوّد الجسم بنحو 20 في المئة من احتياجاته إلى الفيتامينين A وC، من دون نسيان مجموعة أخرى من أهمّ المغذيات كالزنك، والماغنيزيوم، والمنغانيز، والصوديوم، والكالسيوم.
وثبُت أنّ البطيخ يُفيد كثيراً في حالات الإمساك والتهاب الجلد، ويساعد على إدرار البول، وتنقية الدم، وعلاج أمراض الكِلى والبواسير. لكن من جهة أخرى يجب عدم الإفراط في تناوله تفادياً لارتفاع نسبة السكر في الدم، ما يعني أنه غير ملائم لمرضى السكري بكميات كبيرة.
يُذكر أنّ البطيخ من أهمّ مصادر مادة Lycopene المضادة للأكسدة المتوافرة أيضاً في البندورة، والتي أظهرت قدرتها على التحصين ضدّ أنواع سرطانية عديدة.
الشمّام
مشبّع بالبوتاسيوم الذي يساعد على تعديل مستوى ضغط الدم جنباً إلى الحفاظ على حرارة الجسم. إنّ شريحتين من الشمّام تؤمّنان نصف الفيتامينات والمعادن الضرورية للجسم يومياً، في مقابل سعرات حرارية ضئيلة.
التين
لا يحتوي نسبة عالية من المياه، غير أنه يُعدّ من أهمّ أنواع فاكهة الصيف لغناه بمجموعة أساسية من العناصر الغذائية كالحديد، والكالسيوم، والمنغانيز، ومجموعة من الأملاح المعدنية. وتتراوح نسبة السكريات المتوافرة فيه بين 16 إلى 18 في المئة من الكربوهيدرات، واللافت أنه مهمّ جداً لتسهيل عملية الهضم.
العنب
يحتوي الغلوكوز والفروكتوز في آن، ونسبة مرتفعة قليلاً من المواد السكرية التي تكون سريعة الإمتصاص وسهلة الهضم، ما يعني أنه غير ملائم لمرضى السكري. فضلاً عن غناه بالفيتامينات كالـA، وB وC، والمعادن كالبوتاسيوم والصوديوم. وتبيّن أنّ العنب يحدّ من الإصابة بالإمساك، ويساهم في إدرار البول وتنشيط الكبد.
المشمش
من أغنى مصادر مادة الكاروتينويد المسؤولة عن لونه البرتقالي، والتي يحوّلها الجسم إلى الفيتامين A. كل 100 غ من المشمش تمنح الجسم نصف كمية الفيتامين A التي يحتاج إليها، جنباً إلى نسبة مرتفعة من فيتامينات أخرى كالـB.
الخوخ
تصل نسبة السكريات فيه إلى 12 في المئة، ويحتوي فيتامينات ومعادن مهمّة جداً كالـA، وC، وE، وK، والحديد، والكالسيوم، والماغنيزيوم، والزنك، والفوسفور، جنباً إلى مواد فلافونويد المضادة للأكسدة المهمّة للوقاية من السرطان. إنه مهمّ جداً لقدرته على محاربة التجاعيد والهالات السوداء والحماية من أشعة الشمس. فضلاً عن أنه يقلّل معدل الكولسترول السيّئ (LDL) ويساعد على تنشيط المعدة وعملية الهضم، ويُعتبر من أفضل الفاكهة لإزالة الحصى في المجاري البولية.
المانغو
يحتوي فيتامينات مهمّة جداً كالـA، وC، وE، ونحو 25 نوعاً من الكاروتينات التي تعزّز الجهاز المناعي. كذلك يُعتبر مصدراً ممتازاً للألياف، ويساعد على ضبط معدل ضغط الدم، لكن يجب على مرضى السكري عدم الإفراط فيه لغناه بالسكر.
التوت
يزوّد الجسم بمركّبات مضادة للأكسدة خصوصاً الـ”Quercetin” والـ”Anthocyanin” المهمّتين للوقاية من أمراض القلب والسرطان. التوت أساسي جداً لتعزيز تدفق الدم إلى الجلد وبالتالي تحسين مظهره، جنباً إلى تقليص الحساسية. فضلاً عن احتوائه طبيعياً هورمون الميلاتونين الذي يشتهر بقدرته على توفير الهدوء والنوم.
الأناناس
يملك مزيجاً جيّداً من الفيتامينات، ومضادات الأكسدة، والإنزيمات خصوصاً إنزيم “Bromelin” الذي يحمي الجسم من الإلتهابات.
ماذا عن العصير؟
وردّاً على ما إذا كان العصير يشكّل بديلاً جيداً للفاكهة الكاملة، أكّدت قسطنطين أنه يختلف حتماً عن الفاكهة الكاملة لأنه لا يحتوي الألياف الغذائية التي تلعب دوراً مهمّاً في تأمين الشبع. فضلاً عن أنه مليء بالوحدات الحرارية لأنّ كل كوب (240 ملل) يزوّد الجسم بنحو 120 كالوري، أي ما يعادل حصّتين من الفاكهة. لذلك يُستحسن الاستغناء عن هذه السعرات الحرارية الإضافية خصوصاً للأشخاص الذين يريدون خسارة الوزن.
وشدّدت على أنّ تناول كمية مركّزة من سكر الفاكهة (الفروكتوز) المتوافر في العصير يؤدي إلى ارتفاع الكالوريهات المستهلكة، وبالتالي تراكم الدهون في منطقة البطن. وكشفت دراسات عديدة أنّ الإفراط في الفروكتوز يفتح الشهيّة لارتباطه بانخفاض مستوى هورمون ”Leptin” المسؤول عن ضبط الشهيّة والشعور بالشبع، ما يعني أنّ العصير مرتبط بزيادة الوزن.
كذلك، فإنّ هذا المشروب يعزّز خطر الإصابة بالسكري لأنه يرفع معدل الإنسولين والسكر في الدم، خصوصاً أنّ عدم وجود الألياف فيه يؤدي إلى امتصاص السكر سريعاً عن طريق الجهاز الهضمي، ومن ثمّ انتقاله إلى الكبد الذي يحوّله إلى دهون، ما يحفّز مقاومة الإنسولين وبالتالي الإصابة بالسكري.
وتابعت: من أضرار العصير أيضاً أنه يرفع احتمال الإصابة بداء النقرس الذي يرمز إلى ارتفاع حامض اليوريك في الدم خلال دقائق عقب استهلاكه. لذلك، يجب على كل مَن يعاني هذه المشكلة تناول الفاكهة كاملة بدلاً من عصيرها.
يُشار أيضاً إلى أنّ شرب العصير بكمية كبيرة يسبّب الإسهال والنفخة خصوصاً عند الأولاد لأنّ الأمعاء تعجز عن امتصاصه كله. ومن جهة أخرى، بيّنت دراسات عديدة أنّ كثرة الفروكتوز تؤدي إلى ارتفاع مستوى الكولسترول السيّئ، ما يعزّز أمراض القلب والشرايين.
وختاماً، حذّرت خبيرة التغذية من أنّ عصائر عديدة متوافرة في الأسواق يُدوّن عليها طبيعي 100 في المئة لكنها حتماً تجارية. في الواقع إنها لا تحتوي عصيراً مركّزاً كما يُشاع، إنما بالكاد 4 في المئة من العصير الطبيعي وما تبقّى يكون عبارة عن نكهات صناعية وصبغات وسكر.
لذلك يجب التوقف عن استهلاك هذه المشروبات واستبدالها بالعصير الطازج، ولكن باعتدال. يبقى الأفضل استهلاك نحو 3 حصص من الفاكهة الكاملة يومياً للتأكّد من الحصول على كلّ الاحتياجات اليومية لأهمّ المغذيات.