كل المؤشرات تدلُّ على ان النائب عن المقعد الماروني في قضاء عاليه فؤاد السعد، لن يترشَّح مجدداً في الانتخابات النيابية المُزمع إجراءُها ربيع العام 2018، وهو قال لمقربين منه: ان ظروفه الصحية وعامل السن قد لا يسمحان له بمتابعة العمل النيابي لدورة جديدة، برُغم ان آل السعد لهم حضور سياسي تقليدي في الجبل منذ زمنٍ بعيد، وقد تولَّى حبيب باشا السعد رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب في ثلاثينيات القرن الماضي، و«سنديانة دارتهم» في عين تراز يتجاوز عمرها الالف عام.
فؤاد السعد عضواً في كتلة اللقاء الديموقراطي برئاسة وليد جنبلاط، وقد عُين نائباً عام 1992، وفاز بالانتخابات لثلاث دورات فيما بعد، كما عُين وزيراً اكثر من مرة.
وفي آخر انتخابات جرت العام 2009 حصل السعد على 35126 صوتا منهم 10597 صوتا مسيحيا، بينما حصل منافسه الخاسر الوزير الحالي سيزار ابي خليل في الدورة ذاتها على 21190 صوتا منهم 11498 صوتا مسيحيا.
عُزوف السعد عن الترشُّح؛ سيساهم في خلط الاوراق الانتخابية في دائرة عاليه – الشوف، وقد يساهم في تقريب وجهات النظر بين المُتخاصمين السابقين، بمعنى: ان عزوفه قد يُعطي فرصة للتعاون بين التيار الوطني الحر الذي ينتمي اليه المرشح المنافس للسعد سيزار ابي خليل، وبين الحزب التقدمي الاشتراكي الذي كان يدعم النائب فؤاد السعد، مع احتمال ان يُؤدي عدم ترشُحهِ ايضاً الى خلق اجواء منافسة جديدة بين الفريقين، إذا ما قرر الحزب التقدمي الاشتراكي مساندة مُرشح بدلا عن السعد من احد اقربائه، او من المحسوبين على خطه السياسي، او من فريق سياسي آخر.
قضاء عاليه يمثله 5 نواب في البرلمان.
اثنان دروز يشغلهما حالياً اكرم شهيب وطلال ارسلان، واثنان موارنة يشغلهما حالياً هنري حلو وفؤاد السعد الحليفين للحزب التقدمي الاشتراكي، ونائب عن الروم الارثوذكس يشغله فادي الهبر الذي ينتمي الى حزب الكتائب اللبنانية، وكان في العام 2009 متحالفاً مع الحزب التقدمي الاشتراكي.
مع صدور قانون الانتخابات الجديد؛ اصبح قضاء عاليه دائرة انتخابية واحدة مع قضاء الشوف الذي يمثله 8 نواب، بحيث يصبح مجموع نواب الدائرة 13.
ويشغل حالياً هذه المقاعد 8 نواب ضمن كتلة اللقاء الديموقراطي، و5 نواب من تيارات سياسية أُخرى، والتقديرات التي يُجمِع عليها الخبراء في الاحصاءات الانتخابية؛ تُشير الى بقاء المعادلة ذاتها فيما لو جرت الانتخابات اليوم، ولو كانت على قاعدة النسبية، لأن الكتلة الناخبة المؤيدة للحزب التقدمي الاشتراكي واصدقائه في هذه الدائرة – لاسيما من العائلات المسيحية – لديهم القدرة على تجيير كتلة كبيرة من الاصوات الانتخابية، وقد تُساعدهم النسبية على التحرُّر من سِمة الاختيار التي كان يلجأ اليها بعض الناخبين، بحيث ان بعض الاوراق كانت تتضمَّن اسماء مرشحين من قوائم مُتنافِسة، وهذا اصبح مُتعذراً مع تطبيق القانون النسبي الحالي.
للحصول على مقعد النائب السعد وربما غيره من المقاعد التي قد تشغُر في دائرة الشوف – عاليه؛ خصوصيات جبلية تختلف عن الخصوصيات في المناطق الأُخرى من لبنان، ذلك ان الحفاظ على التعاون الاجتماعي والاستقرار والمصالحة في الجبل؛ مهمةٌ لها الاولوية في عمل كل القوى السياسية التي تتمتع بنفوذ في الجبل، وبالتالي ليس من مصلحة اي من الاطراف خلق اجواء تنافسية مشحونة، قد تنعكس سلباً على مسيرة التعاون مع العهد الجديد.
بالمقابل فإن طريقة احتساب الاصوات التفضيلية التي يحصل عليها كل مُرشح – والى اي لا ئحة انتمى – ستُربِك كل القوى الحزبية في الجبل وفي غير الجبل.
وعند ذاك، قد تختلط الاوراق الانتخابية على شاكِلة غير مُتوقعة، وربما لا تكون في مصلحة الذين لعبوا دوراً اساسياً في الوصول الى إقرار القانون الحالي.
إن تفاؤُل بعض الاحزاب الجديدة، واعتبارها: ان اللحظة التاريخية سانحة للحلول مكان العائلات السياسية التقليدية؛ قد لا تكون حسابات مدروسة جيداً، خصوصاً لكون الاصوات التفضيلية؛ يمكن ان تلعب دوراً مخالفاً للمهمة التأهيلية او «الإقصائية» التي أُنشِئت من أجلها.