كتبت صحيفة “الجمهورية”: تظهر الأرقام الاخيرة ان حجم الانفاق على الرواتب والاجور في البلد ارتفع الى نحو ٢٦٤ مليار دولار اميركي، أي ما يناهز 67 من إجمالي الإنفاق الأوّلي، بما يؤكد ان الفساد والفوضى بلغا مرتبة متقدمة في دولة توظيف المحاسيب والأزلام.أصدرت وزارة المال اللبنانيّة مؤخّراً تقريرها الشهري المُعنون «المخصّصات والرواتب وملحقاتها»، والذي يتمحور حول الإنفاق على الرواتب والأجور ومُلحقاتها في القطاع العامّ، تظهر من خلاله أنّ حصّة الإنفاق على الرواتب والأجور وملحقاتها في القطاع العامّ قد شكّلت ٦٧ % من إجمالي الإنفاق الأوّلي لغاية الشهر العاشر من العام ٢٠١٦ .
يمكن تجزئة هذا الإنفاق إلى ثلاثة عناصر رئيسيّة، وهي مخصّصات الرواتب والأجور والتعويضات والتقديمات الإجتماعيّة. وفقاً لإحصاءات وزارة المال، إرتفع الإنفاق على الرواتب والأجور وملحقاتها في القطاع العامّ بنسبة ٦٫٥١ % على صعيدٍ سنويٍّ إلى ٣،٩٧٤ مليار ل.ل (٢،٦٣٦٫١٥ مليون د.أ.) لغاية شهر تشرين الأول ٢٠١٦ ، مقارنةً مع ٣،٧٣١ مليار ل.ل. (٢،٤٧٤٫٩٦ مليون د.أ.) خلال الفترة نفسها من العام ٢٠١٥
يأتي هذا الإرتفاع المذكور نتيجة الزيادة السنويّة بنسبة ١١٫٢١ % في مخصّصات الرواتب والأجور إلى ٢،٩٦٦ مليار ل.ل. (١،٩٦٧٫٥٠مليون د.أ.)، ترافقاً مع إرتفاع كلفة التعويضات بنسبة ٨٫٢٨ % إلى ١٨٣ مليار ل.ل. (١٢١٫٣٩ مليون د.أ.) وزيادة كلفة المخصّصات الأخرى بنسبة ١٫٧٥ % إلى ٢٩٠ مليار ل.ل. ( ١٩٢٫٣٧ مليون د.أ.)، الأمر الذي طغى على التراجع السنوي بنسبة ١٣٫١٠ % في مخصّصات التقديمات الإجتماعيّة إلى ٥٠٤ مليار ل.ل. ( ٣٣٤٫٣٣ مليون د.أ.)
دولة المحاسيب
هذه الارقام تعكس بوضوح الحقائق التالية:
اولا- ان القطاع العام يتضخّم بطريقة غير طبيعية الى حد ان ثلثي انفاق الدولة بات مخصصا لتغطية رواتب هذا القطاع. وهو بالمناسبة قطاع غير منتج، والادهى انه يعاني من نواقص تصل نسبتها في بعض الامكنة الى 70 في المئة.
ثانيا – ان سياسة الهدر والاستنفاع هي السائدة، ولا يزال كل طرف سياسي، وكل وزير وكل مسؤول يستقدم الازلام والمحاسيب ويوظفهم في القطاع العام. ولأن التوظيف الطبيعي غير سهل، يلجأ هؤلاء الى التوظيف التحايلي بتسميات مختلفة، مرة باسم مستشار ومرة اخرى باسم متعاقد ومرات باسم مياوم. كل هؤلاء يجعلون القطاع العام مضخّما، وهذه تعتبر نوعا من انواع السرقة والهدر.
ثالثا – ان دولة تدفع ثلثي انفاقها قبل احتساب الفوائد على الدين، هي دولة مفلسة، ولا امل لديها في الخروج من الجورة. ومن البديهي ان الدين العام سيتضاعف بسرعة، وسيؤدي يوما الى الانهيار الشامل.
رابعا – ان مسألة سلسلة الرتب والرواتب باتت ملفا مشبوها، ليس لجهة حقوق الناس، بل لجهة طريقة التمويل اولا، والفساد لدى المسؤولين، والذي سيؤدي الى ان تصبح حصة الرواتب في الانفاق اكبر في حال اقرار السلسلة.
هذه الحقائق تثبت ان الفساد والهدر هما السمة الطاغية على هذه الدولة منذ سنوات. ولا بوادر توحي بأن هذا الوضع سيتغير، بدليل الاسلوب الذي تقارب به الدولة ملف سلسلة الترب والرواتب. وهي بدلا من وقف توظيف المحاسيب والأزلام، وتثقيل القطاع العام، تعمد اما الى هدر حقوق الموظف بالسلسلة، واما الى اقرار سلسلة مرفقة بسلة ضرائب ترهق الموظف في القطاع العام والموظف في القطاع الخاص، وترهق كل الناس.