لم ينتظر حزب الله مرور أكثر من أسبوع على عملية الجيش النوعية في عرسال ليطلق نفير معركته المقبلة. وستكون جرود عرسال وجهة مقاتلي الحزب المستمرين في الانخراط بقوة في الميدان السوري، على أن “تسلم الجرود إلى الجيش عند انتهاء المعارك”.
وإذا كان هذا الخطاب يحمل بين سطوره استهدافا واضحا لهيبة الجيش الذي لا ينفك يسطر الانجازات، فإن المراقبين يربطون بوضوح بين هذه الاحتمالات في ما يخص معركة جرود عرسال، وخطاب الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله الأخير الذي أعلن فيه بكثير من الصراحة أن الحرب المقبلة مع اسرائيل ستشهد إنخراط آلاف المقاتلين المنتمين إلى الحرس الثوري الايراني وسواه من الفصائل، على الأراضي اللبنانية، في موقف اعتبر قفزا فوق الدولة والحكومة والعهد، الذي يقوده الحليف المسيحي الأول، العماد ميشال عون.
وفي معرض التعليق على الكلام عن معركة عرسال، تعتبر مصادر سياسية مناهضة لحزب الله عبر الوكالة “المركزية” أن “الحزب يستكمل الاجهاز على الدولة، وقد بات الشعب اللبناني مستنكفا عن التفاعل السلبي مع مواقف من هذا النوع، وفي ذلك تعبير صارخ عن يأس من احتمال إصلاح واقع الحال”.
وتذكّر المصادر بأن هذه الصورة تعود أولا إلى أن “اللبنانيين راهنوا على القبول بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، على رغم درب الجلجلة الطويل الذي سبق هذه العملية. غير أن ذلك لم يؤد إلى تعزيز وجود الدولة في التركيبة السياسية الراهنة”.
ومن زاوية محلية صرفة، تشير المصادر إلى أن مواقف حزب الله الأخيرة تشكل رسائل –إن لم يكن ضربة- واضحة لعهد الرئيس عون الذي دعمه الحزب طويلا، “ذلك أن الخطاب التهديدي الأخير للأمين العام لـ “حزب الله” الذي لوح خلاله بمجيء مئات آلاف المقاتلين من دول معينة، مع ما ينطوي عليه ذلك من صبغة طائفية ومذهبية، أتى في اليوم التالي لترؤس رئيس الجمهورية (الذي أراده الحزب وعطل البلد من أجل انتخابه) طاولة التشاور الوطني تحت عنوان محاولة تعزيز المؤسسات وتنشيط النمو الاقتصادي. وفيما جعلت الطاولة الحوارية اللبنانيين يتفاءلون بمجيء آلاف من السياح في موسم الاصطياف، أتى كلام نصرالله لينسف هذه الآمال ويهدد الشعب اللبناني بمليون مقاتل من ذوي الخضوع الكامل للولي الفقيه”، مذكرة أن “نصرالله أقر شخصيا بكونه مجرد جندي في ولاية الفقيه، واعترف بوضوح أن ماله وأفكاره تنبع من الولي الفقيه، وهي غير قابلة للنقاش والمراجعة بما يتفق مع الدستور والقوانين”.
وعما إذا كان الربط بين مواقف نصرالله والحملة التي تستهدف الجيش عبر وسائل التواصل الاجتماعي جائزا، تكتفي المصادر بالاشارة إلى أن “ليس من الضروري ربط الأمرين، وإن كانا يؤديان إلى النتيجة نفسها. والأهم يكمن في تحقيق شفاف لتصبح القضية (وفاة 4 موقوفين في ملف عرسال) جلية، علما أن أي تحوير في هذا الاطار يكشف بسهولة في زمن التواصل الاجتماعي”.