كتبت راكيل عتيِّق في صحيفة “الجمهورية”:
بضخامة المسرحية الغنائية الفرنسية العالمية «نوتردام دو باري»، التي تؤدّي فيها الفنانة اللبنانية هبة طوجي دور إزميرالدا. بضخامة كلّ تفصيلٍ في العرض من الألحان إلى الممثلين والمغنّين والراقصين، إلى الإضاءة والحرفية والتقنيات، من الأصوات إلى أبسط حركة يد و«الخيالات» المعكوسة… بهذه الضخامة كانت الفنانة اللبنانية الشابّة، بصوتها وأدائها وتعبيرها وبساطتها الجذّابة وشغفها المُتفجِّر إبداعاً على المسرح. هبة طوجي بصوتها وإمكانياتها الفنية أكبر مِن أن تُحدّ بلغة ومِن أن تُحبس في لبنان أو في الدول العربية.
هبة طوجي… بعد «نوتردام دو باري» لا تعودي إلى لبنان إلّا لإتاحة الفرصة لجمهورك بحضور حفلاتك، احملي لبنان بصوتك واسمك إلى العالم. إستمرّي بتحقيق «العالمية» واجلبيها إلى لبنان كما فعلت بأشهَر الأعمال الفرنسية.
إبهار بصري سمعي
تستمرّ ليالي الدورة السابعة من «مهرجانات جونيه الدولية» مع المسرحية الفرنسية الشهيرة «Notre Dame De Paris»، بإشراف المؤلف الموسيقي أسامة الرحباني وإنتاجه. وترتكز المسرحية على رواية «أحدب نوتردام» لـ فيكتور هوغو.
إنطلقت المسرحية من باريس، وهي للمؤلف الموسيقي ريتشارد كوشينتي Richard Cocciante، وشارَكه في كتابتها لوك بلاموندون. وقُدّمت بتسع لغات مختلفة وحصدت أكثر من 10 ملايين مشاهِد حول العالم. وبعد غياب طال لأكثر من 15 عاماً، عادت عام 2016 إلى مسارح باريس بنسختها الحالية التي تلعب فيها هبة طوجي دور إزميرالدا.
وتقف هبة، التي انطلقت من مسرح منصور الرحباني على مسارح باريس وأهم المسارح العالمية، لتؤدّي دورها إلى جانب Daniel Lavoie بدور الأب فرولو، الفنان الإيطاليAngelo Del Vecchio بدور الأحدب كازيمودو، Richard Charest بدور الشاعر Gringoire ،Martin Giroux بدور فيبوس قائد سلاح فرسان الملك، Alyzee Lalande بدور Fleurs-De-Lys وjay بدور Clopin.
نحو 3 آلاف مُشاهد انبهروا بعرض صعب أن يشاهدوه في لبنان، إن في الأعمال المحلّية أو العربية (إذا وُجدت) لأسباب عديدة. القصة المبنية عليها المسرحية والتي تدور أحداثها في باريس عام 1482 في محيط كاتدرائية Notre Dame De Paris، والتي تطرح قضايا التمييز والفقر والطبقية وغيرها، مدماك صلب أدّى لنجاح المسرحية وانتشارها عالمياً واستمرارها لسنوات عديدة. ولكنّ القصة إن لم تُحبك نصاً وتلحيناً وإخراجاً وتمثيلاً وغناءً
وتقنياً بمستوى عالٍ عالمي لن تكمش حواس الجمهور.
وتروي «أحدب نوتردام» حكاية الغجري اللقيط الأحدب كازيمودو الذي تولّى كاهن كاتدرائية «نوتردام دو باري» كلود فرولو تَربيته، والفتاة الغجرية الحسناء ازميرلدا التي سحرت كلّاً من الكاهن والقائد فوبوس، والتي كان جمالها الخارجي انعكاساً لجمال كازيمودو الداخلي على رغم تشوّهه الجسدي المريع.
الحرفية والدقة عنوانا هذا العمل المسرحي الذي يسحر بتفاصيله، فترى في جونيه من سبق أن شاهد المسرحية ويردّد أغنياتها وحواراتها الغنائية مع الفنانين، كما يجلس قربك من لم يشاهدها سابقاً ولم يكفّ عن التصفيق والتعبير عن دهشته بها، كما تجد بين الحضور من لا يتقن اللغة الفرنسية أو يفهمها ومع ذلك استمتع بـ«جمال الأصوات والألحان وبروعة الإخراج والإضاءة والرقص»، كما عبّرت مجموعة من التلامذة الجامعيين لـ«الجمهورية».
«البوهيمية» المُغوية
Angelo Del Vecchio متألّق بشكلٍ آسِر بدور الأحدب. بيديه يلمس الجمال المتجسّد بحبيبته إزميرالدا المقتولة ويبكيها، فيُدمع أعين الحاضرين وهو يناجي ويصرخ ويتألّم ويغنّي ويموت «Danse mon Esmeralda».
Daniel Lavoie بدور الأب فرولو، الوحيد غير «الجديد» على العمل. متمكّن إلى حدّ يجعلك تكره كلّ ما فيه. نبرة صوته، نظراته، ضحكته، وقفته… تعبيره عن حبّه أو رغبته بإزميرالد «أنت ستدمّرينني».
لم تغوِ هبة طوجي (ازميرالدا) رجال باريس باختلافاتهم فقط، بل شدّت إليها كلّ من وقعت عينيه عليها في جونيه أو وقع صوتها في قلبه. إمكاناتها الصوتية تُستخدم عند الحاجة، ميزتها عدم تقصّد الاستعراض.
خائفة ازميرالد تناجي العذراء في الكاتدرائية في باريس، ترنّم بحنيّة الغريب الخائف الباحث عن الأمان Ave Maria، فيناجي معها جميع الحاضرين بين يدي تمثال العذراء في حريصا الذي يحتضن جونيه. التفاعل معها كان بنفس الزخم
عند أدائها
«Bohémienne» و«Vivre». كما ردّد الجمهور مع الفنانين أشهر أغنيات المسرحية مثل «Belle» و«Le temps des Cathedrales».
إستمرّت المسرحية نحو ساعتين تخلّلها استراحة لـ15 دقيقة، وفي نهاية العرض حَيّا الفنان Richard Charest الجمهور وأعاد تقديم أغنية «Le temps des Cathedrales» بمشاركة الجمهور. كما صعد المؤلف الموسيقي ريتشارد كوشينتي إلى المسرح وشكر الحاضرين، وعبّر عن اعتزازه بمشاركة هبة طوجي بهذا العمل، وغنّى مقطعاً من أغنية «vivre»، وقال: «جئنا من أجل الحبّ ومن أجل السلام».
ودعا رئيسة لجنة «مهرجانات جونيه الدولية» زينة افرام للصعود إلى المسرح وشكرها على استضافتهم، وشكرتهم هي بدورها وقالت إنّ «هبة طوجي هي مفخرة للبنان».
صفّق الجمهور بحماسة للفنانين بعد انتهاء العرض، وزاد زخم التصفيق تحيةً وفرحاً وفخراً بابنة لبنان هبة طوجي.
وبعد أن عُرضت مساء أمس وأمس الأوّل على المسرح الذي يربُض عند «فقش الموج» في غزير، تُعرض مسرحية «نوتر دام دو باري» اليوم وغداً أيضاً في جونيه.