اكد رئيس “حركة الاستقلال” ميشال معوض دعم “حركة الاستقلال” للعهد وللتفاهم المسيحي، داعياً إلى توسيعه ليشمل الجميع ولا يستثني احدا، حتى من يصرّ أن يستثني نفسه”.
وغمز معوّض من قناة الأمين العام لـ”حزب الله” سائلا: “ماذا يعني التهديد باستدعاء مئات آلاف المقاتلين مما “هبّ ودبّ”؟ ماذا تعني كل المعلومات، والتي أكدها الإيرانيون، عن بناء مصانع أسلحة وصواريخ في لبنان خارج سيطرة الدولة؟ وهل المطلوب استدراج اعتداء على لبنان وتحويله لساحة صراع مفتوح تعويضاً عن ساحات أخرى؟ وهل من المقبول أن يفرض علينا أي احد استراتيجية دفاعية جديدة من خارج أي اتفاق أو اجماع وطني؟
معوَض تناول مسألة السلاح المتفلّت، فأكد أنّ المشكلة ليست بقدرة الأجهزة الأمنية، بل المشكلة في “الحمايات” و”المحميات” السياسية وفي فساد بعض القضاة، وفي غياب الغطاء السياسي عن الأجهزة الأمنية، فهي تملك غطاء سياسيا شاملا لتواجه الإرهاب والإرهابيين ولا تملك غطاء سياسيا لمواجهة الزعران المحميين”.
وفي مسألة الاصلاح ومحاربة الفساد، شدد على ضرورة الوصول الى رؤية اقتصادية شاملة تقوم على إجراءات تقشف جدية وتصغير حجم الدولة وترشيدها والذهاب نحو الحكومة الالكترونية، اتخاذ الإجراءات الضرورية لتسهيل وحماية الاستثمارات في البلد. محاربة جدية للفساد، عبر العودة الى المؤسسات الرقابية في لبنان وإعطائها كامل الصلاحيات اللازمة، وإشراك القطاع الخاص لتأمين الخدمات الأساسية للمواطن اللبناني وللاقتصاد اللبناني.
وفي ما خص الوضع في زغرتا، كشف معوض أن الفريق الآخر تنصل من الاتفاق الذي تم في الانتخابات البلدية، على الرغم من أن الاتفاق تم مع الوزير سليمان فرنجية شخصياً.
وأعلن عن تنظيم معارضة بلدية متكاملة. معارضة بلدية إنمائية وليست معارضة سياسية أبداً. معارضة انمائية تتفاعل مع كل شرائح المجتمع في زغرتا. معارضة صارمة بوجه كل “الشواذات”، وفي الوقت ذاته منفتحة على اي تعاون من أجل إنماء زغرتا.
معوض كان عقد مؤتمرا صحافيا في زغرتا بحضور حشد من كوادر “حركة الاستقلال” قال فيه:
لم نلتق منذ فترة، وهناك مواضيع عدة نتكلم فيها ونتصارح فيها. اننا جميعا مسؤولون اتجاه الرأي العام، خصوصاً أنه، وبعد انتظار طويل جداً، منذ 8 سنوات تحديدا، حرم الرأي العام من أن يقول كلمته ويحاسب المسؤولين السياسيين في انتخابات نيابية، ستحصل أخيراً وفق قانون جديد، انتظرناه طويلا.
هذا القانون الذي ولد بعد مخاض طويل، دمج بين تحسين الشراكة من جهة، وبين الإفساح في المجال لأول مرة عبر النسبية لقوى جديدة ودم جديد أن يتمثلوا في مجلس النواب.
بهذا القانون لا احد يستطيع أن يلغي احدا، ويكفي لمجموعات في أي دائرة أن تعتبر نفسها غير ممثلة، فتتجمّع للحصول على “العتبة” المطلوبة من أصوات الناخبين للائحتها حتى تتمثل بنائب على الأقل في المجلس. انطلاقا من هنا، يمكنكم ان تتخيلوا حجم التغيير الذي يمكن أن يتحقق، وفي كل المناطق. يعني وباختصار: “خلص وقت النق وصار وقت الشغل”.
كل هذا الكلام لا يعني أنه ليس لدينا ملاحظاتنا على القانون، وعلى رأسها:
– التمديد الطويل غير المبرر، لا تقنيا ولا سياسيا، حتى أيار 2018.
– غياب الكوتا النسائية في القانون، لأن وجود الكوتا ضمانة لإشراك المرأة في الحياة السياسية.
– عدم إقرار الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات.
– وفي موضوع اقتراع المغتربين، أنا ضد حصر تمثيلهم بـ6 نواب. أنا مع أن يشارك كل مغترب بانتخاب نواب الدائرة التي ينتمي اليها، وهذا يتطلب تسهيل آلية التسجيل والاقتراع.
من ناحية ثانية، ولكي نعطي كل صاحب حق حقّه: سأل معوّض: “ماذا كان سيصيبنا في موضوع قانون الانتخابات لو لم يكن هناك تفاهم مسيحي أوصل رئيسا يمثّل بيئته؟ الجواب واضح: إما كنا ذهبنا الى انتخابات على أساس قانون الستين، أو كان فرض علينا التمديد من دون إقرار قانون جديد.
في العودة اشهر عدة الى الوراء، نرى انه لولا إصرار الرئيس ميشال عون على عدم توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة كان هناك تفاهم واضح المعالم بين أطراف عدة لإجراء الانتخابات على أساس قانون الستين، قانون الدوحة. ولولا التحالف المسيحي واستخدام الرئيس عون لأول مرة المادة 59 من الدستور، لكنا ذهبنا الى جلسة تمديد في 12 نيسان الماضي اعتبرها الرئيس بري ميثاقية بالرغم من رفض ومقاطعة الأحزاب المسيحية”!
ورأى معوض ان العبرة هي أن التفاهم المسيحي أثبت أنه حاجة وطنية استراتيجية لإعادة التوازن إلى الشراكة، وإعادة الصحة والاستقرار الى النظام وإلى “الطائف”. هذا التفاهم، بكل مشاكله، بوجود بعض “الشخصانية”، ومع شد الحبال بين مكوناته الذي لم يكن دائما بمحله، ساهم بإنتاج رئيس للجمهورية، وأنتج قانون انتخابات جديدا بعد 8 سنوات من الفشل، وهو حاجة للدفع باتجاه بت ملفات أساسية وفي طليعتها اللامركزية الموسعة. ولذلك، نحن كحركة استقلال دعمنا العهد وأيدنا التفاهم، وندعو إلى توسيعه ليشمل الجميع ولا يستثني احدا، حتى من يصرّ أن يستثني نفسه.
ولكن اذا كانت الشراكة أساسية لتحقيق الاستقرار الداخلي في الحياة السياسية، إلا أن الشراكة وحدها لا تكفي، إذا لم تكن جزءا من مثلث جوهري يقوم على السيادة والشراكة والإصلاح.
وفي موضوع السيادة، قال معوض: “لأ مش ماشي الحال”. بالأساس موقفنا الثابت كـ”حركة استقلال” هو رفض أي سلاح خارج إطار الشرعية اللبنانية، كما أن موقفنا من تحوّل “حزب الله” لقوة عسكرية عابرة للحدود تقاتل في سوريا والعراق واليمن موقف معروف. ولكن اعتبرنا أن انتخاب الرئيس عون أنتج معه تسوية الحد الأدنى حول العناوين السيادية تجسدت بخطاب القسم وخطاب الاستقلال، الذي أشادت فيهما معظم الأطراف بمن فيهم “حزب الله”، والتي أكدت على مسؤولية الدولة اللبنانية والجيش اللبناني بالدفاع عن الحدود اللبنانية. تسوية الحد الأدنى بهدف إنقاذ لبنان من السقوط في المحظور وإعادة الحياة لمؤسسات الدولة اللبنانية.
أما السؤال الكبير اليوم: فلماذا يجهد “حزب الله” لنسف هذه التسوية الوطنية الكبيرة؟ ولمصلحة من؟ ماذا يعني التهديد باستدعاء مئات آلاف المقاتلين مما “هبّ ودبّ”؟ ماذا تعني كل المعلومات، والتي أكدها الإيرانيون، عن بناء مصانع أسلحة وصواريخ في لبنان خارج سيطرة الدولة؟ هل المطلوب استدراج اعتداء على لبنان وتحويله لساحة صراع مفتوح تعويضاً عن ساحات أخرى؟ وهل من المقبول أن يفرض علينا أي احد استراتيجية دفاعية جديدة من خارج أي اتفاق أو اجماع وطني؟
الحكومة مدعوة لتتحمّل مسؤولياتها على هذا المستوى، لأن ما يحصل هو خروج عن البيان الوزاري، ويشكل تطوّرا خطيرا، مرفوضا، مدمّرا، وينسف كل محاولات حماية لبنان من حرائق المنطقة.
****
وبالتوازي مع الخطر الاستراتيجي الكبير الذي تحدثت عنه، هناك خطر “لا يقلّ شأناً” يضرب مجتمعنا ويتغلغل في جسمنا. 19 ضحية في 21 يوما في حزيران نتيجة التفلت الأمني. كل ضحية لديها قصة أبكتنا جميعا. كل ضحية لديها اسم وأهل وكان لديها مستقبل.
أصبحنا نخاف على اولادنا حتى اللعب امام البيت، أو الذهاب للسهر فلا يعودون لأنه لا نعرف ماذا يمكن أن يحصل، فيصادفوا أيا كان ويطلق النار عليهم من دون سبب. وقال: “لأ ما بقى يمشي الحال، لأنو كل ولد منربيه “كل شبر بندر” وما منقبل يكون حقو رصاصة”.
كيف تستطيع أجهزتنا الأمنية التي نوجه لها التحية، أن تواجه الإرهاب والإرهابيين بعمليات استباقية نوعية حمت لبنان واللبنانيين من كوارث، وبحرفية تخطت أجهزة بعض الدول الغربية، كيف هذه الأجهزة ذاتها لا تستطيع ان تضع حدا لظاهرة السلاح المتفلت؟
سأقول لكم كيف: “لأن الأجهزة الأمنية تملك غطاء سياسيا شاملا لتواجه الإرهاب والإرهابيين ولا تملك غطاء سياسيا لتواجه “الزعران” المحميين. المشكلة ليست بقدرة الأجهزة الأمنية، المشكلة في “الحمايات” و”المحميات” السياسية وفي فساد بعض القضاة.
الدولة بحاجة لأن تستعيد هيبتها، وفي هذا الإطار، اناشد فخامة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء لاتخاذ قرارات حاسمة على صعيد مجلس الوزراء، وتتضافر وتتعاون كل الأجهزة الأمنية والقضائية للانتهاء من ظاهرة تفلت السلاح، فالمسألة برمتها تحتاج فقط لقرار حازم لمرة واحدة ووقف التدخلات السياسية.
***
أما النقطة الثالثة، من ثلاثية السيادة والشراكة والاصلاح، فهي تتعلق بالإصلاح ومحاربة الفساد.
فقد أثبتت التجربة منذ انتخاب الرئيس وحتى اليوم، أن العودة الى الاستقرار المؤسساتي (انتخاب رئيس، تشكيل حكومة، إقرار قانون انتخابات) عامل ضروري إنما غير كاف لإنقاذ الوضع الاقتصادي والاجتماعي من الكارثة التي نحن فيها.
– الدين العام تخطى الـ77 مليار دولار
– النمو في الأشهر الستة الأولى من العام 2017 بلغ 1%
– البطالة لأول مرة بتاريخ لبنان تخطت نسبة الـ30% بين بطالة شاملة وبطالة مقنّعة. (كانت 9% في السنوات السابقة)
هذا فضلا عن المؤشرات السلبية الهائلة على المستويات الاقتصادية والمالية والاجتماعية.
الحقيقة هي أن المواطن اللبناني، كما المستثمرين، ينتظرون رؤية وخطة عمل وخطوات جريئة كي يستعيدوا الثقة بقدرة لبنان على النهوض والعودة الى مسار الإنتاجية والإزدهار الاقتصادي.
يجب أن نعترف أن الأمور لا يمكن ان تستمر كما كانت من قبل، وأن “الترقيع” لم يعد يفيد. صحيح أن الحكومة أقرت موازنة الـ2017، ومن المفروض على مجلس النواب أن يقرّها قريبا رغم العراقيل الموجودة، كي يكون لدينا موازنة جديدة لأول مرة من العام 2005، وهذه مسألة إيجابية بالمطلق، لأن أحد أسباب استشراء الفساد والصرف من دون مساءلة هو تغييب الموازنة والاعتماد على القاعدة الاثني عشرية من 11 سنة.
ولكن الموازنة، بالإضافة لكونها قانون يجمع كل مصاريف ومداخيل الدولة، هي بالأساس رؤية اقتصادية تعكس استراتيجية الدولة للسنوات المقبلة. المشكلة في الموازنة التي أقرتها الحكومة غير انها غير منشورة لتاريخ اليوم، غير انها لا تتضمن كل الانفاق وكل المداخيل (كلفة استئجار بواخر الكهرباء، كلفة السلسلة التي هي حق مشروع ومداخيلها ليست بالموازنة، يعني ما يوازي 2000 مليار ليرة انفاق من خارج الموازنة). المشكلة الجوهرية في هذه الموازنة انها موازنة من دون أي رؤية إصلاحية ومن دون أي توجه اقتصادي واضح.
في الملخص، فإن المعادلة الموجودة في الموازنة هي: إقرار بزيادة العجز مع إمكانية زيادة الضرائب في حال إقرار سلسلة الرتب والرواتب، من دون إصلاحات بنيوية، وفي ظل انكماش اقتصادي. هذه المعادلة أنتجت الانهيار الاقتصادي في اليونان، وتهدد بتحويلنا الى يونان-2، مع فارق أنه لا يوجد اتحاد أوروبي يدعمنا.
ما هي الحلول؟ الحلول موجودة لكن تحتاج الى جرأة. نريد رؤية اقتصادية شاملة تقوم على الآتي:
أولا، إجراءات تقشف جدية وتصغير حجم الدولة وترشيدها والذهاب نحو الحكومة الالكترونية. (لا يمكن أن نكمل بموازنة 40% من الإنفاق فيها هو على الرواتب والأجور قبل السلسلة). واذا أردنا الحديث في الأرقام، يجب على الرأي العام أن يعرف أنه من العام1991 حتى سنة 2004 بلغ الدين العام حوالي 37 مليار دولار، مع كل إعادة الإعمار التي حصلت. في حين انه من الـ2005 حتى اليوم وصل الدين العام لأكثر من 77 مليار دولار، أي بزيادة 40 مليار دولار من دون ان نكون أنجزنا أي مشروع اساسي. هذا يعني اننا زدنا العجز 40 مليار دولار فقط على أمرين. من جهة على الرواتب والأجور لدولة مضخمة ومتخمة بالتوظيفات السياسية، ومن جهة ثانية، على خدمة دين وهدر وفساد.
ثانيا، اتخاذ الإجراءات الضرورية لتسهيل وحماية الاستثمارات في البلد. من جهة، لا نستطيع أن نطلب مستثمرين واستثمارات، ومن جهة ثانية، نقوم بـ”تهشيلهم” بسبب البيروقراطية والفساد وتعقيدات الإجراءات الإدارية. وهذا الشيء يتطلب أيضاً إصلاحا قضائيا شاملا ليشكل مصدر ثقة لكل المستثمرين.
ثالثا والأهم، محاربة جدية للفساد. وهذا ليس شعارا سياسيا. هذا واقع بالأرقام. تقدير حجم الاقتصاد الأسود في لبنان، يعني حجم التهريب (مرفأ ومطار وحدود برية) والتهرّب الضريبي والرشوة والإثراء غير المشروع هو بالحد الأدنى 5 مليار دولار سنوياً، يعني ثلث الموازنة، وهنا يجب ان يتم العمل، ونستطيع ببعض الاجراءات أن نزيد المداخيل اكثر من مليار دولار، ما يعيد الثقة للمواطن والمستثمر، وفي هذا الإطار، لا حل امامنا سوى العودة الى المؤسسات الرقابية في لبنان وإعطائها كامل الصلاحيات اللازمة. يعني لم يعد مسموحا لأحد أن يتجاوز لا ديوان المحاسبة ولا التفتيش المركزي ولا مجلس الخدمة المدنية ولا إدارة المناقصات. ويجب ان تتم إعادة النظر في الصناديق التي لا تخضع لرقابة مسبقة. وضعنا اليوم لم يعد يحتمل هدرا وسمسرات. إما ان نقدم اداء جديدا مبني على المؤسسات اما “العوض بسلامتكن”.
– وأخيراً إشراك القطاع الخاص لتأمين الخدمات الأساسية للمواطن اللبناني وللاقتصاد اللبناني. فالقصة تخطت قصة فساد، فقد اصبحت عدم أهلية وعدم كفاءة. ألا يكفي حجم الفساد… أيضا لا خدمات!
الى هذا الحد، في بلد مساحته 10452 كيلومترا مربعا، ويسكنه حوالى 7 ملايين نسمة، بين لبنانيين وغير لبنانيين، إلى هذا الحد نحتاج كي نؤمّن كهرباء وماء واتصالات وانترنت سريع؟ مع العلم ان الكهرباء أصبحت تكلفتها أكثر من 30 مليار دولار ولا تزال تكلفنا بين مليار ومليارين دولار سنويا بحسب سعر النفط، الى هذا الحد نحتاج كي نعالج مشكلة الصرف الصحي؟ وكي نعالج كارثة النفايات؟ لماذا شواطئ تركيا صالحة بنسبة 98% للسباحة وشواطئنا أصبحت إما مكب للنفايات او مصادرة؟ إلام نحتاج كي نأتي بمستثمرين لنؤمّن نقلا عاما وسكك حديد كي لا نقول “مترو”؟ الى هذا الحد نحتاج كي نعالج أزمة السير بين طبرجا ونهر الكلب والمسافة بضعة كيلومترات؟
ولأن الدولة لم تعد تملك القدرة على الاستدانة لتنفيذ هذه المشاريع، لأنه لم يعد لديها الكفاءة ولا الشفافية لإدارة هذه القطاعات. الحل هو بإشراك القطاع الخاص الذي برهن في لبنان عن حيويته وقدراته ونجاحه، وعلى الدولة الرقابة.
****
وكما نتحدث عن ضرورة الاصلاح ورفض الفساد على الصعيد الوطني والمركزي، لا ينتظر منا أحد أن نسكت عن فساد أو سوء إدارة على صعيد حكومتنا المحلية…
لم اكن اتمنى بعد سنة على انتخابات بلدية كنت شريكا اساسي بهندسة التوافق فيها، ان اضطر أرفع الصوت بوجه ما يحصل.
ربما هناك كثيرون ممن كانوا يعارضون التوافق الذي حصل يرددون: “أننا نصحناك وحذرناك”. بالحقيقة عندما عملت على هندسة التوافق في الانتخابات البلدية في زغرتا المدينة أو على صعيد الاتحاد او بقرى القضاء، حيث كان بالإمكان التوافق، مع تيار المردة في الجهة المقابلة، وإنما أيضاً بالشراكة مع العائلات والفاعليات المحلية والأحزاب المسيحية الموجودة في زغرتا، وفي طليعتها “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، ورموز من المجتمع المدني، وهذا التوافق عملت عليه انطلاقا من 3 اعتبارات أساسية:
– أولاً، عدم تحويل الانتخابات البلدية الى إطار لتصفية حسابات رئاسية على حساب إنماء زغرتا الزاوية.
– ثانياً، لأن المعارضة من خارج البلدية من سنة 1998 حتى اليوم وان كانت على حق بالمبدأ، إلا انها لم تنجح بتحقيق اصلاح أو انماء.
– ثالثاً، لأنه كان هناك شريك أساسي في هذا التوافق اسمه طوني فرنجية، والذي اعتبر انني كسبته كصديق شخصي مهما اختلفنا في السياسة، راهنت عليه كي نسير معا في مسيرة الإصلاح والانماء بشكل جدي انطلاقا من قناعة ان انماء منطقتنا يتطلب قيادة قادرة على صعيد الاتحاد واصلاح ومأسسة على صعيد زغرتا المدينة.
وبالفعل تم الاتفاق على دعم الدكتور حبيب طربية لرئاسة الاتحاد لكي نضع معه رؤية شاملة وننفذها. والاتفاق على بلدية زغرتا بكل تفاصيلها وما هو المطلوب منها على صعيد المأسسة والإصلاح والشفافية والإنماء.
اليوم، وبعد أكثر من 13 شهرا على الاتفاق وعلى الانتخابات البلدية ماذا حصل؟
– تم التنصّل من الاتفاق على مستوى اتحاد البلديات، والذي هو جزء معلن من الاتفاق، رغم أن الاتفاق تم مع الوزير سليمان فرنجية شخصياً. لا أعرف أننا وصلنا في زغرتا إلى هذه الدرجة أن لا نحترم التزاماتنا، بحيث بات اي اتفاق بيننا يتطلب كاتب عدل.
عيب أن نصل الى هنا، وخصوصا أنه عندما راجعت الوزير فرنجية شخصياً يجاوبني أنه يحتاج الاتحاد في الانتخابات النيابية في حال لم نتفق ان نخوض الانتخابات سويا. وبصراحة لن أعلّق أكثر على هذه النقطة!
– على صعيد بلدية مدينة زغرتا، لم نر إلا وعودا متكررة لنا ولأعضاء البلدية، على صعيد الموظفين وتطبيق قانون العمل، على صعيد آليات التوظيف وتفعيل اللجان وآليات الشراء والشفاية، ونشر الحسابات بعد التدقيق فيها، وضع خطة إنمائية استراتيجية.
هذه الوعود بقيت حتى اليوم وعودا في الهواء حتى لا أقول وعودا كاذبة. لم يتم العمل على وضع خطة اصلاحية لموضوع الموظفين، رأينا توظيفات جديدة من دون معايير ومن دون إعلام المجلس البلدي. رأينا استفرادا واستئثارا بالقرارات البلدية وتغييب للمجلس البلدي واللجان. رأينا المجلس البلدي امام امر واقع لتنفيذ عقود رضائية بدل تنظيم مناقصات واستدراج عروض حتى آليات الشراء التي أعلن عنها بعد سنة من الضغط لم يتم تنفيذها غير لشراء اللبن والسكر في البلدية.
أما على صعيد الشفافية فحدّث ولا حرج. ليس فقط لم يتم نشر الحسابات البلدية، حتى محاضر الاجتماعات لم تعمل حسب الأصول، وبقينا سنة كاملة حتى 4 حزيران، يعني من حوالى الشهر تقريبا، حتى تم إمضاء أول محضر لاجتماعات المجلس البلدي تحت الضغط. قبل هذا التاريخ لم يكن هناك محاضر اجتماعات موقعة أبدا بتواريخها، ولا حتى محاضر دوّنت النقاشات والاعتراضات!
كل هذا، بالرغم من تواصلنا المتكرر من أول يوم مع الجميع، إن على المستوى السياسي، أو مع رئيس البلدية لمحاولة إصلاح الوضع الذي كان يتفاقم، في محاولة لتصحيح المسار قبل فوات الأوان. لكن، لا الاتصالات السياسية نفعت، ولا التواصل مع رئيس البلدية نفع، ولا الاعتراض داخل المجلس البلدي اعتبارا من كانون الأول 2016 نفع.
بسبب ذلك، وبعد 7 أشهر من المحاولات والاعتراض في الداخل، قررنا الانتقال من حالة الاعتراض داخل المجلس البلدي إلى تنظيم صفوف معارضة بلدية متكاملة.
معارضة بلدية إنمائية وليست معارضة سياسية أبداً.
“العمل الإنمائي لا الاتفاق السياسي يؤثر إيجاباً على موقفنا ولا الخلاف السياسي يؤثر سلبا على موقفنا. وكما أعلنا أن اتفاقنا السياسي لن يجعلنا نوافق على تمرير تجاوزات في البلدية بعكس قناعاتنا، مستحيل أن نسمح لخلافنا السياسي أن يعرقل أي إنجاز للبلدية، اللهم أن يكون هناك نية لتحقيق إنجازات وليس لضرب أبسط أسس العمل المؤسساتي والإصلاحي. فليجربونا، ويعملوا على تحقيق انجازات أو يطبقوا اي بنود إصلاحية، عندها سيرون أننا سنكون الى جانبهم وامامهم.
معارضة انمائية وليست سياسية معارضة تتفاعل مع كل شرائح المجتمع في زغرتا. معارضة صارمة بوجه كل “الشواذات”، وفي الوقت ذاته منفتحة على اي تعاون من أجل إنماء زغرتا. معارضة تنطلق من داخل المجلس البلدي لا تقبل أن تخون البرنامج الذي التزمت البلدية به في الانتخابات البلدية. معارضة تستعمل كل الأدوات المؤسساتية والشعبية والإعلامية والقانونية والقضائية والإدارية من دون استثناء”.
هذه المعارضة لن تستسلم ولن نترك الساحة، لأن ممثلينا موجودون داخل المجلس البلدي، وهم يرصدون كل المخالفات ولديهم كل الأرقام ولن يسكتوا عن أي شي. الإنماء في زغرتا لا يخص “حركة الاستقلال” ولا هذه العائلة أو تلك. الطريق ملك للجميع. معالجة تلوث نهر رشعين ملك للجميع. مياه اهدن ومياه زغرتا ملك للجميع… خطط السير يتأثر فيها الجميع… الإنارة ملك للجميع… أموال البلدية ملك للجميع… لكل أبناء زغرتا من دون استثناء وبغض النظر عن أي انتماء سياسي أو عائلي… “زغرتا إلنا كلنا وبتساع الكل”.