بعد أقل من 24 ساعة على الاجتماع الذي عقد في السراي الحكومي بين رئيس الحكومة سعد الحريري وقائد الجيش العماد جوزف عون في حضور وزير الدفاع يعقوب الصرّاف، وجّه الجيش اللبناني رسالة قوية وحازمة عبر تنفيذه عملية نوعية جديدة في عرسال قتل فيها “الرأس المدبّر” للتفجير الذي وقع في رأس بعلبك في أيار الماضي.
وبَدا انّ رسالة الجيش أمس موجّهة الى أطراف عدة: الى المشككين بدوره والمشوّشين على أدائه، فجاءت عملية الامس لتؤكد لهم أن لا تأثير لهذا التشكيك على قراره، ولا على عزمه في مواصلة حربه على الارهاب. وكذلك الى كل العالم ليثبت أنه رأس حربة دائمة في الحرب التي يخوضها هذا العالم على هذا الإرهاب البغيض.
وكانت قوّة من مديرية المخابرات في الجيش دهمت فجر أمس مجموعة إرهابية في عرسال، كانت تُعدّ لتنفيذ عمليات إرهابية. وفي التفاصيل التي حصلت عليها “الجمهورية” أنّ العملية بدأت عند الرابعة فجراً، والهدف كان عبارة عن 3 مبانٍ موجودة في عرسال ـ حي الشفق، نفّذتها قوة خاصة من مديرية المخابرات بالتعاون مع وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة من اللواء التاسع، التي عزلت منطقة العملية ومحيطها وقَسّمتها الى مربّعات تسهّل تحرّك القوة المهاجمة التي كانت تدهم وتؤمن لها الدعم اللازم في حال
الضرورة، وفي حال حصول أي خلل أو تدخّل من مجموعات إرهابية أخرى.
وجاءت العملية بناءً على معلومات ورصد ومتابعة قام بها الجيش، واستمرت لأكثر من شهرين، بعد تقاطع بين معلومات وَفّرها أشخاص يتعاملون مع مديرية المخابرات وبين بعض التحقيقات والإفادات التي أدلى بها الموقوفون، مع الإشارة الى أن لا علاقة لها بعمليات الدهم التي حصلت لمخيّمَي النور والقارية في منطقة عرسال.
وتشير المعلومات الى أنّ الدهم كان في الأساس يستهدف خالد محمد عزالدين (1973) – عرسال رقم سجله 337 معروف بـ”خالد عمر”، وهو عسكري متقاعد متّهم باقتحام مبنى فصيلة عرسال ومهاجمة مواقع للجيش، ما أدّى الى خطف عسكريين واستشهاد وجرح عدد منهم، كان موجوداً في مبنى يستأجره السوري محمد عاطف الشيخ (23 عاماً) ملقّب بالـ”جردي” ومعروف بـ”عاطف حمزة”.
أمّا المباني التي دُهِمت فتخضع لحراسة إرهابيَين سوريَين، هما اللذان فجّرا نفسيهما، يراقبان محيط المكان من سطح المباني لرصد أي حركة غريبة، من هنا كانت العملية دقيقة وكان التنفيذ سريعاً وتَطلّب مهارة عالية لتفادي وقوع إصابات.
وبعد توقيف القوة الداهمة عزالدين، حاولَ السوري أحمد الغاوي، مجهول بقية الهوية، الفرار من المكان، فأطلقت القوة الداهمة النار في الهواء إلّا أنه لم يمتثِل لها فأطلقت عندها النار مباشرةً في اتجاهه فأُصيب وقُتل على الفور. كذلك حاول السوري محمد عاطف الشيخ، وهو الرأس المدبّر لتفجير رأس بعلبك، تفجير نفسه خلال محاولته الفرار، فأُطلقت النار عليه وقُتل، ونُقلت الجثث الى مستشفى رياق.
في الوقت نفسه، جرى دهم المبنى الملاصق للمبنى الذي اعتُقل فيه عزالدين والذي يستأجره السوري وليد خالد جمعة، فتمّ توقيفه بتهمة تجارة السلاح وأوقِف ابنه خالد جمعة المطلوب بتهمة تفخيخ سيارة وتفجيرها في مركز عسكري.
وانتهت العملية عند الخامسة فجراً بمقتل اثنين وتوقيف ثلاثة، وضبط 7 عبوات ناسفة مجهّزة بصواعق للتفجير موصولة بآلات هاتفية من نوع “نوكيا”. كذلك، تمّت مصادرة حزام ناسف، 14 صاعقاً كهربائياً، 3 رمانات يدوية، 5 هواتف خلوية، 10 خطوط هواتف غير مستعملة، بطاريات 9 فولت تستخدم للتفجير، شهابات رأس لصواريخ من عيار 107 وشهاب لصاروخ غراد نيترات بحمولة عيار 26 موجودة في كيس وزنه 50 كلغ، منظار لقذائف صاروخية من نوع “آر. بي. جي 7” وطلقات رشاش من نوع “كلاشينكوف” غير محددة، قُدّرت بحمولة كيس.