IMLebanon

ملامح تباعد بين التيار والقوات؟

كتبت ابتسام شديد في صحيفة “الديار”:

لا احد سواء كان في الخط السياسي المؤيد للقوات اللبنانية او في الخط السياسي المناهض لها بوسعه ان لا يسجل بعضاً من ايجابيات كثيرة للقوات في مرحلة ما بعد المصالحة المسيحية وانتخابات رئاسة الجمهورية وفي أداء القوات في قلعتها في معراب وأداء وزرائها في حكومة سعد الحريري، فالقوات خطت خطوات نوعية ومتقدمة الى الامام وبسرعة قياسية بحسب مصادر مقربة منها، فقد بدأت معالم وثباتها المقبلة تتضح لتشكل قفزات نوعية اخرى، فرئيس القوات لم يحقق حلمه بالوصول الى بعبدا لكنه بات شريكاً اساسياً في القرار المسيحي الى جانب رئيس الجمهورية يؤيد كما يعارض حين تفرض الضرورة، ينتقد العهد بطريقة لائقة ويحيد غالباً رئيس الجمهورية ويشاكس وزراء التيار الوطني الحر ويستفرد بهم في بعض الملفات فاصلاً بين العلاقة بالعهد والعمل الحكومي، فيما يحافظ سمير جعجع على علاقة استراتيجية وثابتة برئيس الحكومة وعلى مسافة انتخابية  تتقدم الجميع مع المختارة وعلاقة يشوبها «الحذر» مع حزب الله الذي يحاول جعجع ان يقلل من منسوب التوتر بينهما وان لا ينجر الى الخلاف الكبير معه  او المواجهة التي لا لزوم لها في هذه اللحظات السياسية التي تشهد تحولات كبيرة في المنطقة لغير مصلحة المحور الذي ينتمي اليه جعجع.

من لقاء معراب الاعلامي الثاني يمكن قراءة مضمون الرسائل التي وجهها جعجع  مباشرة وبعض ما قاله وما لم يقله، وكذلك فهم  اشاراته وما أراد بغمزاته وابتساماته ان يوحي به بدون ان يقوله، فرئيس القوات ميز الى حد ما بين علاقته بالعهد ومع التيار الوطني الحر على حدّ قول المصادر، معتبراً انه كان يتوقع انجازات اكثر من العهد منوهاً بالانجاز النوعي لرئيس الجمهورية المتمثل بقانون الانتخابات، ولعله يصوب على التيار الوطني الحر حين يسأل عن وزراء التيار فيشيد بوزراء القوات وأدائهم في وزاراتهم، وهنا مكمن القصيد وتفرض الاختلافات في طريقة مقاربة الملفات نفسها بين معراب والتيار الوطني الحر، ولعل ما لم يمكن فهمه وفك شيفراته بعد هو ما ستكون عليه العلاقة بين القوات والتيار الوطني الحر في الانتخابات النيابية المقبلة وطبيعة التحالفات بينهما، فالقانون النسبي يخضع حالياً لفحوصات مطابخ الطرفين ولاحصاءات الماكينات الانتخابية لكليهما، إلا ان طلائع عدم التعاون او التحالف الانتخابي باتت واضحة منذ اليوم في عدد من الدوائر كما في الشوف وعاليه مع حلول التقارب الانتخابي بين القوات والاشتراكي وحيث يبدو التيار الوطني الحر في الجهة المواجهة، وفي بعبدا حيث لا يمكن ترشيح قواتي على اللائحة نفسها التي يترشح عليها حزب الله، وحيث يطرح السؤال عن التحالف بين التيار والقوات حيث يؤثر الصوت الشيعي او الصوت الاشتراكي، ولعل رئيس القوات كان صائباً حين أكد ان تلك مشكلة على التيار الوطني الحر حلها في الانتخابات .

عدا ذلك فان موضوع الانتخات الفرعية في كسروان وطرابلس تختلف حوله مقاربة الفرقين، فرئيس الجمهورية يؤيد الانتخابات الفرعية  التي ستكون «بروفا» للانتخابات النيابية المقبلة، فيما تفضل القوات إلغاء الاستحقاق طالما الفاصل الزمني لا يتجاوز الستة اشهراً بحجة هدر الوقت والمال وعامل الزمن، في حين ان تفاصيل المعركة في دائرة كسروان وجبيل تفرض نفسها على إيقاعات مواقف الطرفين، فالتطورات المتسارعة وعدم استسهال معركة كسروان بطابعها العوني ورمزية المقعد الذي كان يشغله ميشال عون ويترشح عليه العميد شامل روكز هي المنطلق، بدون شك فان استقالة رئيس بلدية جبيل لا تعني انه سيكون مرشحاً على لائحة العميد روكز في انتخابات 2018 حيث ان حواط سيكون في عداد اللائحة المنافسة والتي قد تضم مرشح القوات  الكسرواني شوقي الدكاش، وحيث يصعب منذ اليوم الجزم بالالتزام القواتي لمصلحة العميد روكز طالما ان طبول المعركة الكسروانية تشير الى ثلاث لوائح في الانتخابات النيابية، فهل تنتخب القوات روكز في الانتخابات الفرعية وتتراجع في الانتخابات النيابية؟.

هكذا وفق المصادر نفسها يمكن فهم عدم الحماسة القواتية للانتخابات الفرعية اضافة الى العوامل الاخرى بتوفير الوقت والمال، وهكذا تقول الاوساط يمكن القول ان ملامح الافتراق في الانتخابات النيابية ظاهرة بقوة، فالقانون النسبي يفرض على كل طرف الترشح في لائحة لضمان فوز مرشحيهما الاقوياء، واحد معالم الافتراق الانتخابي ان اخصام القوات يتوددون الى رئيس التيار الوطني الحر فيما يتوجه العونيون السابقون او اخصام التيار الى معراب.

الاختلاف يظهر واضحاً في بعض الملفات السياسية بحسب المصادر على غرار الكهرباء وعناوين سياسية لكن  هذا لا يعني ان التفاهم  بعناوينه الكثيرة والكبيرة بين الفريقين المسيحيين معرض للسقوط في لعبة الانتخابات، ثمة  تسابق  مؤكد في بعض المسائل يمكن وضعه في خانة استقلالية كل فريق سياسي ووضعيته، فالعونيون والقواتيون لم يتعودوا بعد التحالف الانتخابي بالمطلق خصوصاً ان سنوات الافتراق بينهما عمرها أطول من سنوات التلاقي.

في النظرة الواقعية التي تحاول التقليل من ذهاب الفريقين الى لوائح ضد بعض، يرى الواقعيون ان من المبكر الحديث عن معركة بين التيار والقوات، حتى اللحظة يمكن الجزم ان اي تحالف لم يحصل بعد في اي دائرة انتخابية و لم يتم التفاهم فعلياً حول كيفية توزيع الحصص والمقاعد بين الحليفين المسيحيين اللذين يخوضان الانتخابات النيابية لأول مرة معاً في اطار مشترك بدل الجبهات والمتاريس التي كانت قائمة في السابق . فلم يحسم الوضع بعد في اي دائرة انتخابية وحيث يترك المرشحون القواتيون او العونيين يغردون وفق معادلة «كل واحد فاتح على حسابو»، مع العلم انه  سبق للقوات ان أعلنت ترشيح مرشحين «استفزازيين « للتيار الوطني الحر في بعض الدوائر وهكذا فعل رئيس التيار الوطني الحر حين سمى مرشحين في دوائر حتى قبل انجاز القانون الانتخابي.

وعليه فان التحالف معقد في كثير من الدوائر الانتخابية،   فالتيار الوطني الحر في دائرة بعبدا مثلاً  يحصد وحده او بالتحالف مع حزب الله ثلاثة مقاعد مسيحية سيكون ملزماً لزوم تفاهم معراب اذا اقتضى الأمر إعطاء مقعد للتفاهم خصوصاً ان القوات تتطلع لاستنهاض شارعها القواتي في محور الشياح وعين الرمانة وفرن الشباك لكن هذه المعادلة وفق العارفين في المطبخ العوني غير واردة وخصوصاً ان التيار  ليس في صدد التخلي او ترك احد نوابه الثلاثة في بعبدا، في حين ان كسروان عقدة العقد فلائحة شامل روكز تواجه تعقيدات كثيرة فالتخلي عن النواب الحاليين  افتراضياً يصعب اللائحة على اعتبار ان كسروان تصوت للعائلات وترفض الأحزاب، عدا ذلك فان اقفال بيوتات زوين وخليل يعزز قوة فريد هيكل الخازن ومنصور البون الانتخابية وقد جاءت نتائج الانتخابات الينابية الماضية على فارق اصوات ضئيلة .

وبحسب الفريقين فان التفاهم يتعرض لحملات ومحولات التشويش عليه، هذا ما حصل في الانتخابات البلدية التي غالباً ما تتحكم بها العصبيات العائلية وحيثيات مناطقية اكثر ما يغلب عليها الطابع الحزبي او في النقابات كما حصل في نقابة المهندسين وتم تحميل القوات وزر سقوط المرشح العوني لمنصب النقيب واتهام القوات بخيانة التحالف، فيما خسارة  المرشح العوني بول نجم  كان له جملة اسباب تتصل بطريقة ادارة المعركة، وحيث ان التصويت السني والشيعي كان في غير محله والى حد ما خجولاً لمصلحة المرشح بول نجم . ووبالتالي  نتائج انتخابات المهندسين لا يمكن ان تكون معيار الانتخابات النيابية ومحاولة التصويب على القوات ليس في محله بقدر ما يهدف الى الإساءة الى تفاهم معراب من اجل تقويضه وضربه من اساسه. لا تنفي اوساط الطرفين حصول مناوشات او ما يشبه «الفاولات» تحصل تحت سقف تفاهم معراب لكن غالباً ما يتم تطويقها ومعالجتها، التفاهم يشبه زواجاً بين طرفين لا يتفقان من نهجين وفكرين مختلفين، وهذا مرده الى حيثيات كل فريق وخصوصياته ولكن هذا الاختلاف لا يعني الخلاف السياسي ولا يبشر بالافتراق في المحطات المتبقية ، فلمحة سريعة الى ما سبق من محطات تظهر سقوط كل الحواجز  بين العونيين والقوات منذ الانتخابات الرئاسية الى الحكومة وقانون الانتخاب وحتماً الى الانتخابات النيابية التي يتوقع ان يحقق فيها العونيون والقوات تسونامي انتخابياً مسيحياً لا مثيل له الا لدى الثنائية الشيعية راهناً، حتى لو كان الحليفان في لوائح ضد بعض، الا ان القوات والتيار هما القوتان الأقوى مسيحياً. بدون شك فان تفاهم معراب مر ويمر بمطبات هوائية، وستكون هناك محطات كثيرة لا يلتقي فيها الطرفان كلياً انطلاقاً من حيثيات وخصوصيات كل فريق سياسي لكن  الخلاف ممنوع ولو وقع الاختلاف، اما الانتخابات وكيفية خوضها وشكل التحالفات فمتروك حتى ساعة الصفر قبل الانتخابات وان كانت ملامح الافتراق واضحة المعالم في بعض الدوائر لكن الانتخابات شيىء والتفاهم شيىء آخر.