كتبت ليا القزي في “الأخبار”:
زيارة إنمائية قام بها وفد من دير الأحمر للنائب سليمان فرنجية، “استفزّت” القوات اللبنانية الساعية إلى كسب ودّ زعيم زغرتا. حاولت الضغط على البلديات لعدم المشاركة، فانزعج قواتيو “الدير”.
رقعة الحركة الاعتراضية ضدّ القوات اللبنانية في “معاقلها” الانتخابية والسياسية، تتمدّد. بشرّي كانت البداية. والمحطة الثانية ليست إلا دير الأحمر. قد يكون من الظُلم وضع المنطقتين في المستوى نفسه. فالحركة الاعتراضية في بشرّي أكثر تنظيماً، وهي بدأت منذ الانتخابات البلدية مع مجموعة “بشرّي موطن قلبي”، وستُستكمل في الانتخابات النيابية المقبلة.
في دير الأحمر، ثمة تململ من الطريقة التي يجري التعامل فيها مع الناس، “وإذا استُكملت السياسة القواتية نفسها، فسيكون ردّ الفعل مفاجئاً أكثر من ذلك الذي حصل في بشرّي”، يقول شاب من دير الأحمر، مصرّاً على هويته القواتية. لا يعني ذلك أنّه سينقل البارودة من كتف إلى آخر، “فمن المستحيل أن ننتخب لائحة تضم حزب الله. ولكن هناك خيارات أخرى أمامنا”. الانزعاج الأكبر يُسجل في صفوف آل حبشي، إحدى أكبر عائلات دير الأحمر. بدأت القصة مع آل حبشي، منذ الخلاف بين النائب السابق طارق حبشي والقوات اللبنانية في الانتخابات البلدية عام 2010. واستُكمل بإعلان ترشيح القوات لرئيس جهاز التنشئة السياسية طوني حبشي إلى الانتخابات النيابية عن دائرة بعلبك ــ الهرمل، من دون استشارة العائلة، وخاصة طارق حبشي الذي كان أول من أقنع الناس في دير الأحمر بالانتساب إلى القوات.
لا تزال الأمور في بداياتها في دير الأحمر، ومن المُبكر تحميلها أبعاداً كبيرة. ولكن يوجد في “الجارة البقاعية” لمسقط رأس رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع والنائبة ستريدا طوق مؤشرات لا يُمكن إغفالها.
الاحتكار الشعبي والسياسي لعددٍ من المناطق، تُمارسه معظم الأحزاب والقوى السياسية في لبنان. منطق “الحزب الأوحد” مُعَمَّم، ومحاولات إلغاء وجود أي فريق آخر لا تتوقف. وفق هذا المنطق، يتعامل حزب القوات اللبنانية مع قضاء بشرّي ودير الأحمر ومحيطها. وهو تمكّن، على مرّ السنوات، من لعب دوره كمرجعية وحيدة. ولكن “احتكاره” للشقين السياسي والخدماتي في المنطقتين المذكورتين، واطمئنانه إلى عدم وجود خصوم سياسيين يُشكلون خطراً حقيقياً عليه، أدّى إلى ارتفاع نسبة الحرمان التي يُعاني منها السكان هناك. وجود مطالب إنمائية لدير الأحمر والبلدات المحيطة بها، وتحديداً إصلاح الطريق الذي يربط بين عيناتا وعيون أرغش، لم يمنع عدداً من الفعاليات في تلك المنطقة من زيارة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، لكون وزارة الأشغال تندرج ضمن حصته السياسية. استفزت هذه الخطوة قيادة القوات، فحاولت إجهاضها. تقول مصادر من دير الأحمر شاركت في اللقاء إنّه كان من المفترض أن يضم الوفد “رؤساء بلديات الزرازير، القدام، نبحا، عيناتا، رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر، عدداً من المخاتير، وفعاليات محلية في القضاء”. الزيارة حُدّدت يوم الأربعاء في 12 تموز، “لكن فور إعلانها، تدخّلت القوات لتمنع رؤساء البلديات من المشاركة”. ونتيجة تلك الضغوط، “اعتذر رئيس الاتحاد، ورئيسا بلديتي نبحا وعيناتا”. بحسب المصادر، فإنّ طوني حبشي “التقى هؤلاء، موضحاً أنّ هناك لجنة بين المردة والقوات، يمرّ كلّ شيء عبرها. فلماذا تريدون أنتم أن تتخطوها؟”. لم تتمكن القوات من التأثير بكلّ أعضاء الوفد، الذي زار فرنجية الأربعاء الماضي، وكان يضم قرابة 20 شخصاً. وشارك في اللقاء الوزير السابق يوسف سعادة والسيدة فيرا يمين، “وكان اللقاء إيجابياً جداً”. الفكرة الأساسية التي أزعجت القواتيين المشاركين في اللقاء مع فرنجية “أننا قوات لبنانية ولا يوجد إلا حكيم واحد اسمه سمير جعجع، ولكن ذلك لا يعني أن يمرّ كلّ شيء عبر الحزب”.
في اتصال مع “الأخبار”، يقول رئيس بلدية الزرازير طعّان حبشي إنّه “في البلدات اللبنانية لا يوجد عقل مُتحرر، بل عبودية سياسية. يريدون إما أن يكون الشخص ضمن عصابة أو ينزعجون”. لا يُسمي الجهة المتضررة، “بتعرفيها وكلّ الناس بتعرفها”. دير الأحمر تُعاني من “الحرمان منذ سنوات طويلة. وهذه الطريق التي نريد تزفيتها، طالبت بها أربعة أجيال قبلنا”. لذلك، تقرّر زيارة فرنجية “ابن البيت الوطني العريق. وكنا نسمع منذ أن كان وزيراً للصحة، أنه يخدم الناس من دون التصرف بفوقية أو التفرقة سياسياً بين اللبنانيين”. كان المتحمسون للإسراع بتنفيذ الطريق، الموجودة منذ أيام الانتداب الفرنسي وهناك معلم يُعرف باسم متراس يوسف بك كرم، “كُثراً، ولا سيّما أننا قدّمنا الطلب قبل قرابة 4 أشهر. بعد أن كُشف أمر الزيارة، أصبحنا لا حول ولا قوة إلا بالله. علماً أننا قبل ذلك، زرنا الوزير غازي زعيتر وغازي العريضي، فما المشكلة مع فرنجية؟”. يوضح طعّان حبشي أنّ “البلدية يهمها الإنماء، هل هي جريمة أن يُزار فرنجية؟”.
من جهة القوات اللبنانية، ينفي المرشح القواتي إلى الانتخابات النيابية طوني حبشي، أن يكون أحد من القوات قد طلب من البلديات الامتناع عن زيارة فرنجية. “هي إشاعات”، يقول لـ”الأخبار”. وبالنسبة إليه “لم يكن وفداً مؤلفاً من رؤساء البلديات. طعان حبشي لديه مشروع لتزفيت الطريق، وزار فرنجية حاملاً طلباً إنمائياً”. أما في ما يتعلق باشتراط أن تمر الطلبات الإنمائية عبر القوات، فيردّ طوني حبشي بالسؤال: “هل الناس موجودة في نفق؟ رئيس البلدية، ضمن الإطار الإنمائي، يتصرف بالطريقة التي يراها مناسبة”.
وتجدر الإشارة إلى أن شقيق طوني حبشي، إدمون حبشي، شارك في الوفد، “لكن مشاركته لم تكن موجّهة ضد شقيقه”، بحسب مصادر الوفد.