كتبت ربى منذر في صحيفة “الجمهورية”:
يؤكّد الجيش اللبناني الاستعداد التام لكلّ الاحتمالات في عرسال، فالجهوزية تامّة، وحماية المدنيين اللبنانيين والسوريين أولوية، أمّا التنسيق مع الجيش السوري و«حزب الله» فغير موجود، حسبما تؤكّد المصادر الأمنية.
في هذا الإطار، تؤكد مصادر متابعة لـ«الجمهورية» أنّ الهمّ اللبناني محصور بنقطتين أساسيتين:الأولى هي المهمة المكلّف بها الجيش وهي تأمين خط الجبهة، علماً أنه ليس مشاركاً في التحالف بين الحزب والجيش السوري، إلّا أنّ ذلك لا يمنعه من القيام بالمهام الموكلة إليه تحت غطاء سياسي كامل أمَّنته له الحكومة اللبنانية، وقد حدّد مهمّاته بثلاث نقاط، وهي حماية خط الجبهة وعدم السماح بوصول أيّ تسَلّل باتجاه مواقعه، إضافةً إلى حماية عرسال والقرى اللبنانية المتاخمة لخط الجبهة، وتأمين بقعة عملياته التي تشمل المخيّمات السورية المقابلة لمواقعه والمنتشرة في الجرود سواء في مدينة الملاهي وغيرها حيث يفوق عدد المدنيين الـ 50 ألفاً.وتفادياً لمحاولة المسلحين الدخولَ الى المخيمات، وضَع الجيش خطة استباقية لتدارُكِ أيّ أمر ممكن أن يَحدث على هذا الصعيد.
أمّا النقطة الثانية الأساسية، فهي المخاوف من نزوح النساء والأطفال من المخيمات المنتشرة في الجرود في اتّجاه المدينة إذا اشتدّت المعارك، وفي هذا الإطار لا تستطيع الدولة إغلاقَ الحدود، بل إنّها مضطرة الى فتحِ المعابر لدخول هؤلاء الأشخاص الى المخيمات، سواء في محيط عرسال أو في داخلها.
ضرورة وجود خطة
على هذا الصعيد تدعو المصادر الى ضرورة وجود خطة بالتعاون بين القيادتين العسكرية والسياسية لتداركِ أيّ تداعيات لهذا الموضوع، ولتداركِ أيّ خطر ممكن أن يشكّله النازحون في المخيمات، خصوصاً وأنه لا يمكن ضبط الأشخاص الذين قد يَمرّون عبر المعابر للدخول إلى المدينة.
من جهته، يؤكّد مصدر أمني لـ«الجمهورية» أنّ الجيش حريص على أمن بلدة عرسال وعلى تأمين الحياة الطبيعية لأهاليها وعلى أن يتولى حمايتهم، إذ بات من حقّهم الرجوع الى أراضيهم في الجرود وممارسة حقّهم الطبيعي، وقد وضع الخطط اللازمة لحماية البلدة من اللاجئين وسيتعامل من منطلق إنساني في هذا الموضوع وسيؤمّن عدم تسللِ المسلحين إلى داخلها.
تخوُّف يسود البلدة
ونفى الجيش أن يكون قد طلب من الأهالي سحبَ أيّ أغراض من الجرود أو إغلاقَ المعابر بين البلدة والجرود. وتكشف المعلومات في هذا الإطار أنّ بعض الأهالي المتخوّفين سحبوا شاحناتهم والجرّافات التي تعمل في الجرود الى داخل البلدة خوفاً من التطورات الآتية وسيطرة المسلحين عليها، ومن جهته، يُسيّر الجيش دوريات داخل البلدة لحفظ الأمن فيها، وتنقل مصادر عرسالية معلومات عن أنّ اللاجئين يعيشون حالة خوف من التطورات، وقد خفّفوا من تحرّكاتهم الى خارج المخيمات لدرجةٍ غيابِ مظاهر الدرّاجات النارية التي يستخدمونها في تنقّلاتهم، وحركة السيارات ذات الزجاج الداكن التي كانت تتجوّل في البلدة التي بات يَسودها جوّ من الحذر خوفاً من التطوّرات التي قد تحدث.
إتصالات دار الفتوى
وتؤكّد المصادر المتابعة أنّ اتصالات مع دار الفتوى جرت للإيعاز الى المشايخ من أجل التركيز في خطبِ الجمعة على دور الجيش في حماية كلّ اللبنانيين والتشديد على أنّه ليس طرفاً أو فئة في أيّ تحرّك، وأنه يحمي كلّ الناس وأنّ الصورة التي يحاول البعض تظهيرَها على أنه ضدّ السنة تُعتبر افتراءً، والدليل أنّ أوّل شهيد سَقط في عرسال هو العقيد نور الدين الجمل الذي ينتمي للطائفة السنّية وعندما قتلوه لم يفكّروا بدينه، فالإرهاب لا يميّز بين طوائف، والجيش سيَحمي كلَّ لبنان، خصوصاً عرسال التي أثبتَت أنّها لبنانية وفشِلَ الإرهاب في اختطافها، علماً أنّ الحملة مع دار الفتوى هي ردُّ على بعض المشايخ في الشمال الذين يَحرضون على الجيش في المساجد.
قضية الأسرى
وعن العسكريين الأسرى، دعا المصدر الأمني الى عدم المتاجرة في هذا الملف، مؤكّدةً أنّ القيادة العسكرية تقوم بكلّ المطلوب في هذا المجال من دون استعراض إعلامي، ولن تتوانى عن فتحِ أيّ خطّ ممكن أن يؤدي الى نتيجة في هذا الموضوع، وكلّ الكلام عن وجود تخوين للعسكريين غير صحيح، وإذا وجِد شخص بين العسكريين الأسرى قد انشقّ عنهم، فإنّ ذلك لا يعني أنّ المجموعة خائنة، بل هناك إجماع على أنّهم قاموا بواجباتهم الى آخِر حدّ.
إذاً رغم حسمِ القرار بشنّ معركة عسكرية في الجرود، إلّا أنّ انتهاء المعركة عسكرياً سيزيد من درجة الأزمة الإنسانية، لأنه بالتأكيد لن يُغلق ملفّ اللاجئين بل سيُصعبه، خصوصاً إذا دخل اللاجئون من مخيمات الجرود باتجاه بلدة عرسال لأنّ هذا الملف لن يُحلّ طالما إنّ هناك قراراً في الأمم المتحدة يقضي بعدم حلّه، وتزيد الصعوبة مع ربط الجانب السوري حلَّ هذا الملف مع الحصول على ثمن سياسي وأمني في المقابل.