Site icon IMLebanon

خسائر متبادلة كبيرة في معركة الجرود

كتب ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:

لم يَخرج اليوم الثاني من معركة جرود عرسال وامتدادها السوري في القلمون الغربي التي يشنّها «حزب الله» بمؤازرة الجيش السوري عن المسار المتوقّع لمواجهةٍ تراوح وقائعها العسكرية بين الحقائق وبين «الحرب النفسية»، فيما «المسرح السياسي» الذي تدور عليه هو مزيجٌ من «غضّ نظرٍ» داخلي «اضطراري» ومن «إدارة ظهرٍ» خارجية لاعتباراتٍ عدّة يتّصل بعضها بالأجندةِ «المتصارعة» لأطراف إقليمية ودولية على مرحلة «سورية الجديدة»، وبعضها الآخر بانطلاق عملية تقاسُم «كعكة» النفوذ بين اللاعبين الكبار.

وحَمَل يوم أمس عنواناً رئيسياً هو المعارك الضارية والغارات المكثفة للطيران السوري ومواجهاتٍ في وديان كهفية، لا سيما في جرود عرسال، في محاولةٍ لبلوغ المقار الرئيسية لـ «جبهة النصرة» وأميرها (في هذه المنطقة) أبو مالك التلي، وهو ما فسّر سقوط 17 من عناصر «حزب الله» حتى أولى ساعات بعد ظهر أمس (ومنذ بدء المعركة) مقابل تقارير لوسائل إعلام قريبة من الحزب تحدّثت عن إصابات كبيرة في صفوف مسلّحي «النصرة».

وبدا واضحاً ان «حزب الله» والجيش السوري اللذين يركّزان عملياتهما العسكرية حتى الساعة على المساحة التي تسيطر عليها «النصرة» في الجهة الجنوبية الشرقية من جرود عرسال وامتدادها السوري، مع ترْك البقعة التي ينتشر فيها «داعش» والتي تمتدّ حتى جرود رأس بعلبك والقاع شمالاً باتجاه المقلب الآخر من الحدود مع سورية لمرحلةٍ ثانية، وسط ملامح محاولة لقطع إمكان التواصل بين الجبهة والتنظيم ليشكلا جبهة قتال واحدة.

وفيما أشار «الإعلام الحربي» التابع لـ «حزب الله» عصر أمس الى تقدُّمٍ على محاور عدّة وسيطرةٍ على مرتفعات مهمّة والى ان الحزب رافع رايته والعلم اللبناني فوق مرتفع ضهر الهوة في جرود عرسال وأن مجموعات كبيرة من مسلّحي «النصرة» رفعت 6 رايات بيض في محلة عقاب الدب قرب وادي الخيل، فإن مصادر لبنانية استبعدتْ إمكان حسم المعركة سريعاً نظراً للطبيعة الوعرة والمعقدة لمنطقة انتشار «داعش» و«النصرة» والتي تمتدّ على الجانب اللبناني من جرود عرسال جنوباً إلى جرود القاع شمالاً، وعلى الجانب السوري من أطراف جرود فليطة جنوباً الى جرود قارة والجراجير شمالاً.

وإذ بقي الجيش اللبناني يواكب «عن بُعد» عملية الجرود مكتفياً بالتصدي بالنار لمحاولات التسلُّل باتجاه مواقعه على تخوم بلدة عرسال وحماية نحو 90 ألف نازح تحتضنهم ومحاولة ضمانِ طريق آمنٍ لانتقال مدنيين من المخيمات التي تنتشر خارج نطاق سيطرته (في نقطة بين البلدة والجرود) الى البلدة، استمرّت المخاوف من إمكان استدراج المخيمات في محيط عرسال المدينة أو في قلبها لاحتكاكاتٍ مع الجيش أو استهدافها (وتحديداً الواقعة خارج البلدة) إما في سياق السعي لفرْملة الاندفاعة العسكرية أو للضغط على المسلّحين للانسحاب، خصوصاً أن غالبية النازحين في المخيمات خارج عرسال المدينة هم من عائلاتهم.

وفي حين أشارتْ تقارير إلى صدور نداءاتٍ بمكبّرات الصوت داخل المخيّمات خارج عرسال تحضّ النازحين على الالتحاق بالمسلّحين في الجرود، كانت «المفاوضات الخلفية» التي لم تتوقّف رغم بدء المعركة تتعرّض لانتكاسة مع استهدافٍ «مريب» للوفد الذي دخل على خط محاولة بلوغ حلّ لضمان انسحاب المسلّحين من «النصرة» والذي ضمّ في صفوفه نائب رئيس بلدية عرسال السابق أحمد فليطي الذي تعرّضت سيارته لقذيفة في الجرود ما أدى الى مقتله، فيما أكد الجيش اللبناني أن «جبهة النصرة» هي من استهدفته.

وجاءت وساطة الفليطي بعدما كانت المفاوضات التي اضطلع بها الشيخ مصطفى الحجيري (ابو طاقية) بموافقة من مصدر رسمي في الحكومة اللبنانية لم تسفر عن أي حلّ مع «النصرة».

وأكد الحجيري لـ «الراي» انه منذ اللقاء الأخير مع أبو مالك التلي يوم الأربعاء الماضي لم يتواصل معه، لافتاً الى ان اي مفاوضات أخرى يجري الحديث عنها لا تتمّ عبره، وموضحاً «ان ابو مالك التلي لم يبلغني في آخر لقاء إلا ما دأب على قوله دائماً وهو انه لن يغادر إلا بتابوت او عائداً الى القلمون، أي انه كان يفاوض ليس على انسحابه هو بل على انسحاب حزب الله من القلمون». وإذ اعتبر «ان الوقائع العسكرية حتى الساعة تشير الى ان المعركة ستكون قاسية وأي حسْم فيها لن يكون إلا بخسائر كبيرة»، لفت الى ان عدد المسلّحين في جرود عرسال يتجاوز الألف، متحدثاً عن معلومات عن أن كثيرين التحقوا بالمجموعات المسلّحة من المخيمات المنتشرة خارج نطاق سيطرة الجيش اللبناني.