كتبت ناجية الحصري في “الحياة”:
لم يكن من المقرّر أن يشهد أحمد الفليطي معركة جرود عرسال التي لطالما رسم خرائط على الورق لإفهامنا نحن الصحافيين الذين لا نفقه شيئاً عن الجرود إلا اسمها كيفية سير المعارك في القلمون السوري منذ تحولت الثورة السورية السلمية حرباً قتلت وهجرت ودور الجرود فيها، ملاحقاً أحوال النازحين السوريين الذين فرّوا حفاة من بيوتهم في القرى السورية المجاورة لعرسال، لا سيما من بلدة القصير بعد حمص.
حضر من كردستان العراق التي انتقل إلى العمل فيها بعدما نجحت التهديدات التي تعرض لها في دفعه إلى مغادرة بلدته التي يحبها حتى الموت. فالحر الشديد أعاده قبل أسابيع إلى لبنان وإلى عرسال تحديداً لقضاء الصيف. هكذا قال لي أول من أمس، وبدا أن حماسته أعادته إلى ما توقف عن توريط نفسه به. كان مقرراً أن يتناول طعام الفطور، تلقى اتصالاً في العاشرة صباحاً فوقف من دون أن يتكلم وغادر. وفهم شقيقه وعائلته أنه عاد إلى “وجع الرأس”، وانتقل بسيارة الـ “بيك أب” مع قريبه وصديقه وكاتم الأسرار مثله فايز إلى حيث يجب أن يكونا.
هو المفاوض الأول في الجرود. كانت هناك ثقة عمياء في “حكمته”، فاوض المسلحين حين خطفوا عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي وأوصل المفاوضات مع خاطفي قوى الأمن إلى بر الأمان. أما التفاوض مع “داعش” فكان صعباً وعرضه إلى التهديدات فغادر إلى تركيا، وكان لا يزال يشغل منصب نائب رئيس البلدية. ثم انتقل إلى العراق للعمل من أجل إعالة عائلته المؤلفة من زوجته و4 أولاد.
قال لي أول من أمس:” شغلوني حتى لا أعود إلى العراق”. باصم الجرود تلة تلة وحجراً حجر، الهادئ والمتحمس في آن، الكادر البلدي الذي خسرته عرسال، بموته نزفاً صمتت المدافع في الجرود. ومن كلفه التوجه إلى مفاوضة القتلة كان يجب أن يحمي ضحية العبث الجاري إلى ما لا نهاية.
بيان الجيش
وكانت قيادة الجيش اللبناني أوردت أن “في محلة وادي حميد- مفرق العجرم، تعرضت سيارة يستقلها النائب السابق لرئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي يرافقه فايز الفليطي المكلفان التفاوض مع المجموعات الإرهابية، لصاروخ من قبل تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي، ما أدى إلى بتر قدم الأول وإصابة الثاني بجروح مختلفة، وأمن الجيش بالتنسيق مع الصليب الأحمر الدولي إسعافهما ونقلهما إلى أحد مستشفيات المنطقة للمعالجة، وما لبث أحمد الفليطي أن فارق الحياة متأثراً بجروحه”.
وغرد رئيس “اللقاء الديموقراطي” النيابي وليد جنبلاط عبر “تويتر” معزياً “أهل عرسال باستشهاد أحمد الفليطي الذي كان له دور أساسي في تحرير العسكريين إلى جانب حرصه على عرسال وأمن عرسال”. كما نعاه تيار المستقبل “شهيد عرسال والوطن الذي تعرض لعمل دنيء”.