سيشكل اللقاء العودة الاولى للحريرية السياسية الى البيت الأبيض بعد سبع سنوات، عندما التقى الحريري آنذاك الرئيس باراك اوباما وهو اللقاء الشهير في 12 كانون الثاني 2011 الذي دخل اليه الحريري رئيسا للحكومة وخرج منه رئيسا سابقا للحكومة، ليغادر بعدها الحكم لمدة سبع سنوات..
زيارة الحريري لواشنطن ومعركة تحرير جرود عرسال من الارهابيين كان يحضر لهما منذ مدة، فكيف «حصلت» المصادفة؟
جميع المراقبين استحضروا واقعة 2011 بينما كان الحريري يحضر ملفاته استعداداً لاربعة ايام واشنطنية من العيار الثقيل، وعلى وقع الصواريخ النوعية التي دشنها حزب الله للمرة الاولى من صنع ايراني في معركته الشرقية الثالثة، ستنطلق محادثات رئيس الحكومة في واشنطن.
وحسب جدول المواعيد واللقاءات فإن الحريري سيجتمع اليوم مع نواب وموظفين كبار في مجلس الشيوخ، ومع المديرة التنفيذية للبنك الدولي كريستالينا جورجيفا وفريق العمل اللبناني في البنك الدولي ومديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد.
اما غداً الثلثاء فسيكون اللقاء الحدث مع الرئيس الاميركي في المكتب البيضاوي ويعقد بعده ترامب والحريري مؤتمرا صحافيا مشتركا، ثم يليه اجتماعات ثنائية بين الجانبين اللبناني والاميركي.
وبعد غد الخميس يلتقي الحريري مساعد وزير الدفاع لشؤون الامن الدولي روبير كرم ومسؤولين في وزارة الدفاع، وكذلك سيلتقي وزير الخزانة الاميركية ستيفن مانوشين. اما الخميس فسيمضي الحريري يوماً حافلاً في الكونغرس، حيث يلتقي رئيس مجلس النواب بول راين ويجتمع مع اعضاء في الكونغرس ولجنة العلاقات الخارجية.
وقالت مصادر عملت في الكواليس تحضيرا لهذه الزيارة وعلى صلة وثيقة مع الادارة الاميركية لـ» الجمهورية» ان هناك ثلاثة مشاريع قوانين في شأن العقوبات على حزب الله تنوي الادارة الاميركية تقديم اثنين منها الى مجلس النواب والثالث الى مجلس الشيوخ وقد اعطيت هذه المشاريع صفة العاجل قبيل زيارة الحريري لواشنطن وذلك بعدما اشبعت درساً تجنبا لادخال اي تعديل عليها خلال الزيارة ولاقرارها في أقصى سرعة.
وكشفت هذه المصادر ان مشاريع القوانين هذه لم تتضمن اي اشارة مباشرة الى الجهات المتعاونة مع حزب الله مثل حركة «امل» و«التيار الوطني الحر»، بل اكتفت بعبارة «كل من يتعاون ويقدم له المساعدة معرض للعقوبات» من دون ذكر اسماء، في اشارة الى النية في تحييد المؤسسات اللبنانية.
ولفتت المصادر الى ان هذا التعديل تم نتيجة جهود لبنانية بذلت عبر القنوات الدبلوماسية ومن خلال الوفود النيابية التي زارت العاصمة الاميركية بغية تخفيف الاضرار الاقتصادية والسياسية لهذه المشاريع.
أما في شأن المساعدات الاميركية العسكرية للجيش اللبناني فهي مستمرة، بحسب المصادر، لكن ترجمتها قيد البحث، ففي حين طلب البيت الابيض تخفيض المساعدات في موازنة الدولة بنسبة 30% وفي الوقت الذي يتجه الكونغرس الى مزيد من التخفيض، وفيما وزارة الخارجية لم تلحظ اي مساعدة للجيش اللبناني في موازنتها، يتوقع ان يعوض البنتاغون هذا التخفيض كونه يملك صلاحية التصرف بموازنته الخاصة ومساعدة الدول المصنفة صديقة وتحتاج قواتها المسلحة الى دعم لبسط سلطة الدولة على اراضيها ولبنان من بينها منذ عهد بوش الابن، علما ان الضغط لتخفيض المساعدات للجيش اللبناني قابله زيادة في المساعدات المخصصة لقوى الامن الداخلي بحيث ارتفعت من 10 ملايين الى 19 مليون دولار.
في الزيارة ايضا ملف لا يقل اهمية هو المساعدات الاقتصادية ومشاريع انمائية قد يطلب الحريري دعمها في اطار مساعدة لبنان على تحمل اعباء النازحين السوريين، علما ان لبنان هو اكثر دولة مستفيدة من المساعدات الاميركية في ملف النازحين وقد بلغت ملياراً ونصف مليار دولار. وسيطلب الحريري زيادة هذا الدعم في اطار قروض ومساعدات.
اما الموضوع الاكثر سخونة الذي سيثار في المحادثات بالتزامن مع معركة عرسال فهو دور حزب الله حيث يرفض الاميركيون اي تنسيق بينه وبين الجيش اللبناني وقد ابلغت القنوات المعنية بهذا الامر سراً، خصوصا انه على اثر زيارة ضباط من الجيش لمعلم مليتا فإن ثلاثة من اعضاء الكونغرس حاولوا استثمار هذه الزيارة فقدموا اقتراحات بتجميد المساعدات الاميركية للجيش ما يعكس الاهتمام الاميركي الكبير بتحجيم دور حزب الله في الداخل والضغط في هذا الاتجاه.
وأكدت المصادر ان زيارة الحريري لواشنطن هي زيارة مفصلية وستضعه امام تحديات حرجة خصوصا انه قرر ترك كل الملفات الخلافية للزمن منذ ان دخل غمار التسوية.فيما لم يُعرَف بعد الى اي مدى سيمعن ترامب في استكمال مفاعيل قمة الرياض وابعاد لبنان عن ايران؟
أم انه سيتفهم موقف الحريري، خصوصاً ان السياسة في واشنطن لا تزال تقرأ في القمة الروسية ـ الاميركية الأخيرة حتى اليوم فيما زيارة الحريري المقبلة ستكون الى موسكو؟.