Site icon IMLebanon

الحريري في واشنطن و… “بين ناريْن”

يَدخل رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري غداً إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب على وقع احتلال «حزب الله» صدارة الحدَث في بيروت عبر معركة جرود عرسال، وعودته إلى دائرة المعاينة الأممية من بوابة القرار 1701، وتصاعُد وتيرة تشدُّد واشنطن حيال أدواره من خلال انطلاق مسار النسخة الثانية من العقوبات المالية ضدّه في الكونغرس، وملامح «عين حمراء» خليجية عَكَستْها الرسالة الشديدة اللهجة التي وجّهتها الكويت الى الحكومة اللبنانية في شأن «تهديدِ (الحزب) أمن الكويت واستقرارها»، وتَدخُّله «السافر والخطير في شؤونها» على خلفية ما يُعرف بـ «خلية العبدلي» وتورُّط الحزب في مخططاتها الإرهابية.

وتكتسب زيارة الحريري أهميةً خاصة في الشكل والمضمون. فهي الأولى له بدعوة من البيت الأبيض منذ آخر محطة له فيه (يناير 2011) حين دخل للقاء الرئيس باراك أوباما كرئيس للوزراء ليخرج رئيساً لحكومة مستقيلة أطاح بها انقلاب «حزب الله» وحلفائه وأبرزهم «التيار الوطني الحر» (بزعامة الرئيس اللبناني الحالي ميشال عون).

وإذا كان «الزمن تغيّر» في 2017 بحيث يَطمئنّ الحريري إلى صمود التسوية السياسية التي أنهتْ الفراغ الرئاسي، إلا أن ثمة جوانب عدّة تُربِكه في محادثاته الأميركية والتي يبدو فيها كمَن يسير «بين الألغام» في ضوء اندفاعة واشنطن تحت عنوان لجم إيران وأدوارها التوسعية في المنطقة التي يشكّل «حزب الله» ذارعها الأبرز ولبنان أحد ساحاتها الرئيسية.

وليس سهلاً أن يدخل الحريري الى البيت الأبيض على وهج ما تعنيه معارك جرود عرسال من تكريسِ إمساك «حزب الله» عسكرياً بالحدود اللبنانية – السورية المتاخمة لما يُعرف بـ «سورية المفيدة»، وسياسياً بكل مفاصل الإمرة في الدولة اللبنانية، التي رغم كل محاولات «التجميل» باتت عملياً منزوعة القرار الاستراتيجي الذي صار يقبض عليه الحزب على جبتهيْ «مقاومة اسرائيل» و«مقاومة الإرهاب».

وسيحاول رئيس الحكومة الذي يخوض مهمّة صعبة في واشنطن مقاربة المنطق الأميركي المتّصل بنفوذ إيران وامتداده إلى لبنان بلغة «الواقعية» التي تُملي تفادي تعريض استقرار البلاد وصمودها المالي إلى خضّات قد تكون بالغة الخطورة على مستقبله، وتالياً سيسعى إلى الفصل بين مسار القرار الأميركي المحسوم بتضييق الخناق على «حزب الله» ومسار التعاطي مع الدولة اللبنانية ومؤسساتها ولا سيما الجيش، والقطاع المصرفي الذي يبقى «صمام الأمان» في الاقتصاد اللبناني الذي يرزح تحت عبء دين عام كارثي واستضافة نحو 1.5 مليون نازح سوري سيطرح الحريري موقفه من ضرورة مساعدة «بلاد الأرز» على تحمُّل تكلفة استقبالهم وتأكيد وجوب ضمان عودتهم الطوعية والآمنة الى مناطق تحدّدها الأمم المتّحدة.