كتبت هيام عيد في صحيفة “الديار”:
تكشف أوساط ديبلوماسية مطّلعة، عن أن معركة جرود عرسال ترسم أمراً واقعاً، لا يمكن لأي طرف إقليمي ودولي وبشكل خاص واشنطن، تجاهله، وذلك بصرف النظر عن كل الضغوط الأميركية السياسية والمالية على «حزب الله».
وأوضحت أن الحزب يدرك أن معادلة الأرض والجغرافيا هي التي تحدّد خارطة النفوذ العسكري، وتالياً الأمني، لافتة إلى أن موازين القوى الفعلية هي التي تفرض مسار التسوية السياسية المقبلة في سوريا. واعتبرت الأوساط أن مقاطعة الولايات المتحدة الأميركية وعقوباتها المتشدّدة بحق «حزب الله» وإيران، لم تمنع الطرفين من استكمال المواجهة مع التنظيمات الإرهابية، ولا سيما «جبهة النصرة» حالياً في الجرود الحدودية. وبالتالي، فإن ما سيحدّده الحزب، وبالنار في الميدان السوري، يعطيه ورقة هي بمثابة مدخل للبنان للمشاركة في عملية التسوية الجارية منذ لقاء الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في هامبورغ أخيراً. وانطلاقاً من هذه المعطيات، فإن الردّ أو الرسالة المباشرة التي توجّهها معركة جرود عرسال إلى واشنطن، كما إلى اسرائيل، ليست مواقف كلامية، بل من خلال معركة إنهاء الإرهاب على الحدود اللبنانية وتحقيق مكاسب عسكرية منذ اليوم الأول لبدء المواجهات.
ولاحظت الأوساط نفسها، أن قرار المعركة الفاصلة في جرود عرسال، هو مقدّمة لمسار إقليمي ودولي بدأ يتكرّس مع دخول الرئيس ترامب في عملية القضاء على تنظيم «داعش»، وتوزيع الأدوار ما بين واشنطن وروسيا وحلفائهما على الأرض السورية. ومن هنا، فإن مسار التسوية الجزئية الذي انطلق من جنوب سوريا، سينسحب على باقي المناطق ومن ضمنها المنطقة المحاذية للجرود الشرقية اللبنانية، كما قالت الأوساط ذاتها، والتي أكدت أن «حزب الله» يستبق هذا المسار من خلال عملية تطهير الجرود الشرقية التي ستحقّق هدفين، الأول إنهاء أي وجود إرهابي وأي تهديد للقرى الحدودية اللبنانية، والثاني فرض وقائع ميدانية على كل اللاعبين والمشاركين في عملية التسوية المرتقبة، والتي تحدّد خارطة النفوذ لكل لاعب إقليمي ودولي ومحلي.
وأضافت الأوساط الديبلوماسية المطّلعة عينها، أن مرحلة جديدة قد بدأت على مجمل الساحة السورية، وعناصر هذا المشهد تكتمل اعتباراً من الجنوب باتجاه الشمال مروراً بالداخل، حيث ترتفع وتيرة الحرب على «داعش» لإنهائه بشكل حاسم.
وفي هذا المجال، فإن الضغط الأميركي السابق، كما المرتقب على «حـزب الله» من خـلال العقوبـات سيستـمر، ولكن في إطار التصعيد الكلامي، خصوصـاً وأن الترجمة العملية لن تؤثّر على «حزب الله» الذي لا يقوم بأي عمليات مالية مع المصارف، كـما توضح مصـادر نيابية مطّلعة على هذا الملف، إذ تعتبر أن اي عقوبات أميركية ستطال مؤيّدين ومتعـاطفين مـع الـحزب من مؤسّسات وأفراد، ولن تؤثّر على «حزب الله» بشكل مباشر.