يأتي العشاء الذي أقامه أمس في كليمنصو رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط على شرف رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع وعقيلته النائبة ستريدا، في حضور عقيلته السيدة نورا والنواب: جورج عدوان، نعمه طعمة، غازي العريضي، أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، تتويجاً لجملة تقاطعات سابقة التقى عندها الفريقان “ميثاقيا ومبدئيا” في أكثر من محطة، من جهة، وتأسيسا للمرحلة المقبلة وتحديدا الانتخابية حيث بات “طبيعيا” ان يكونا جنبا الى جنب، من جهة ثانية، وفق ما تقول أوساط قواتية للوكالة “المركزية”، توضح انّ الجلسة طغى عليها الطابع الاجتماعي لكن تخلّلها، كلام سياسي بقي في إطار العموميات ولم يدخل في التفاصيل. وتطرق النقاش الى مواضيع الساعة كلّها محليا واقليميا ودوليا. فمرّ على قانون الانتخاب، وعلى زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى واشنطن وأهميتها في هذا التوقيت، وعلى معارك جرود عرسال ودور “حزب الله” فيها، وبحث ايضا في ملفّي النزوح والكهرباء، وصولا الى الوضع الخليجي والازمة السورية.
واذ تشير الى انّ الغرض من هذا العرض المشترك لم يكن الخروج بخلاصات، مع أن وجهات النظر بين الطرفين كانت في معظم الاحيان متطابقة، تلفت المصادر الى ان العشاء يؤشر في الواقع الى متانة العلاقة بين الجانبين. فبعد اقرار قانون جديد للانتخاب، وعشية الحديث المرشّح للتصاعد تدريجيا في شأن التحالفات، أُريد من اللقاء أن يؤكد في هذه اللحظة المفصلية ان “ما يجمع الحزبين أكثر مما يفرقهما”، والرسالة الأبرز منه هي أن “العلاقة التي تربط “القوات” و”الاشتراكي” سياسية – وطنية – اجتماعية وتتجاوز تباينات اللحظة، وان التفاهم الذي بدأ بمصالحة الجبل (ونحن على مسافة أيام من ذكرى زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير التاريخية الى الجبل) وترسّخ في 14 آذار، مستمرّ ويستكمل اليوم”.
أوساط القوات تشير ايضا الى ان العشاء دلّ الى حالة اجتماعية – سياسية تجمع جنبلاط وجعجع، وأن الى جانب العلاقة السياسية بينهما ثمة علاقة شخصية متينة. فالمسألة بين الحزبين ليست تقاطع مصالح انتخابية، بل وطنية، تُعززه علاقة شخصية بين الرجلين لم تترسخ الا نتيجة تراكم التفاهمات بينهما. فرئيس الاشتراكي لمس في السنة الاخيرة مدى حرص القوات على حضور الموحّدين الدروز على الساحة المحلية، ومدى تفهّمها لمطالبهم وهواجسهم ورفضها اي تهميش او طغيان يطالهم. أما زعيم “المختارة”، فأبدى من جانبه طوال الفترة السابقة أيضا “تفهما لانتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كونه مطلبا مسيحيا، وتفهّما لقانون الانتخاب الذي أقرّ ويعيد الاعتبار الى الصوت المسيحي وفاعليته ووزنه.
وبعد هذا المسار، تضيف الاوساط، أتى عشاء “كليمنصو” ليتوّج كل هذه التقاطعات ويرسّخها ويثبّتها من جهة، ويؤسس للمرحلة المقبلة والمتصلة تحديدا بالانتخابات، من جهة ثانية، حيث سيصبح التحالف بين الفريقين، عمليًّا، أمرا طبيعيا وسط التفاهمات المتبادلة، وأهميتها انها تفاهمات في القضايا الميثاقية المبدئية الجوهرية الدستورية.