كشفت مصادر عربية أن كلّ المعركة التي خاضها “حزب الله” في جرود عرسال وداخل الأراضي السورية كانت هدية قطرية للحزب تصب في عملية إعادة العلاقات بين الطرفين إلى وضع طبيعي.
ومن المعروف أن علاقة قويّة ربطت قطر بحزب الله، خصوصا إبان حرب صيف العام 2006 في لبنان.
وتولت الدوحة في أثناء تلك الحرب التي تسبب بها “حزب الله” بعد خطفه جنودا إسرائيليين تقديم مساعدات كبيرة للحزب وذلك في إطار ما يمكن تسميته بخطة مدروسة لضرب الوجود السعودي في لبنان.
وذكرت المصادر أن “حزب الله” ما كان ليخوض مثل هذه المعركة، التي تستهدف تلميع صورته لدى اللبنانيين، لولا ضمانات قطرية بأن جبهة النصرة لن تدخل مع مقاتليه في أي اشتباكات، بل ستنسحب إلى مناطق أخرى بعد تسليم مواقع معيّنة للحزب.
ولاحظت أنّه كان ملفتا للنظر أن الإعلام الحربي للحزب لم ينشر سوى مشاهد لمقاتلين يتقدمون ويطلقون النار في الوقت ذاته ثم يرفعون العلم اللبناني وعلم الحزب إلى جانبه لإعطاء المعركة طابعا دعائيا.
وأشارت إلى أن المعركة اقتصرت على إطلاق نار من جانب واحد من دون نشر أيّ صور لمقاتلي “النصرة” الذين قتلوا نتيجة الهجوم الذي شنّه “حزب الله” عليهم. في المقابل اكتفى الحزب بنشر ستة وعشرين اسما لـ”شهداء” له سقطوا في المعركة مع تفاصيل عنهم وذلك في محاولة واضحة ليظهر وكأنّه “قدّم تضحيات من أجل لبنان” وإعطاء المعركة طابعا وطنيا.
وأوضحت أن الحزب ما كان ليخوض تلك المعركة لولا ضمانات قطرية وتركية في الوقت ذاته، ذلك أن الدوحة وأنقرة تلعبان دورا أساسيا في توجيه جبهة النصرة ودعمها على كلّ صعيد وبكل الوسائل.
وقارنت هذه المصادر بين الذي حصل في جرود عرسال وما حصل في حلب في أواخر العام الماضي عندما تقدّمت قوات موالية للنظام وأخرى تابعة لميليشيات مذهبية مثل حزب الله في اتجاه الأحياء التي كانت تسيطر عليها المعارضة.
ولجأت تركيا في تلك المرحلة إلى سحب المقاتلين الموالين لها من المدينة الأمر الذي سهل على القوات الموالية للنظام وعلى الميليشيات المذهبية، وبينها حزب الله السيطرة على حلب بغطاء جوّي روسي.
وكانت العلاقات بين قطر و”حزب الله” انتقلت من مرحلة شهر العسل إلى مرحلة التدهور السريع والقطيعة إثر بداية الاحتجاجات في سوريا في شهر مارس من العام 2011، إذ قررت الدوحة دعم المعارضة السورية إثر خلاف مع الرئيس السوري بشار الأسد حول تمرير أنابيب الغاز القطري عبر الأراضي السورية. واكتشف أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة وقتذاك أن الرئيس السوري ليس حرّا، بأيّ شكل، في قراره المتعلق بتمرير أنابيب الغاز في سوريا نتيجة وقوعه كلّيا تحت السيطرة الإيرانية.
وأعربت مصادر سياسية عربية عن اعتقادها بأن سعي الدوحة إلى إعادة مدّ الجسور مع حزب الله يندرج في سياق المواجهة التي تخوضها حاليا مع المملكة العربية السعودية التي فرضت مع ثلاث دول عربية أخرى هي دولة الإمارات والبحرين ومصر مقاطعة لقطر بسبب ما تعتبره سياستها الداعمة للإرهاب بما في ذلك دعم جبهة النصرة التي تعتبر أداة قطرية – تركية.
إضافة إلى ذلك، قالت المصادر العربية إن قطر في حاجة إلى “حزب الله” في هذه المرحلة بالذات إثر تعرّضها لضغوط تستهدف إبعاد قياديي حركة حماس من أراضيها.
وأشارت إلى أن عددا من قياديي حماس انتقلوا بالفعل إلى بيروت للإقامة فيها في حماية “حزب الله” الذي امتنع دائما عن مهاجمة قطر، بل ركّز في كلّ حملاته على المملكة العربية السعودية وعلى قادتها.