كتب خليل الخوري في صحيفة “الشرق”:
الفصل الأول من الجرود انتهى على خير، والعقبى للفصل الثاني الذي يؤمل أن «يكتبه» الجيش اللبناني الذي تتوافر المعلومات الكثيرة ويتقاطع سواها عند استعداده للقيام بهذه المهمة التي لم يعد مقبولاً إيجاد الأعذار الواهية لعدم تنفيذها.
إن الدمل الذي كان (كلياً) ولا يزال (جزئياً) في الجرود يجب أن يُفقأ ونحن من دعاة فقئه سلمياً… أي على الطريقة التي إنتهت إليها معارك جرود عرسال. فلو لم يركب أبو مالك التلة رأسه، ولو أنه تجاوب مع مساعي المفاوضات منذ البداية لكان وفرّ على المسلحين التابعين لتنظيمه المصنف إرهابياً (وهذا تصنيف أممي ودولي وإسلامي وعربي على حد سواء) نقول لو تجاوب مع المساعي لكان حجب سفك شلال من الدماء التي سالت من مسلحيه ومن شهداء حزب اللّه.
والمهم الآن أنّ الخاتمة جاءت إيجابية في كل ما للكلمة من معنى. إيجابية كونها أنهت جزءاً كبيراً من الحال الشاذة في الجرود. وكونها حققت لأهالي عرسال مطلباً أثيراً عمره سنوات، فتنفسوا الصعداء، وبات بإمكانهم استثمار أراضيهم ومزروعاتهم ومحاصيلهم… ناهيك بأنهم لم يعودوا تحت رحمة الإرهاب مباشرة. وهي إيجابية ايضاً لأنها إنتهت بالطريقة التي آلت اليها… ما يستدعي توجيه تحية تقدير الى مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وتثمين دوره ما يؤكد على أنه يتمتع بمزايا عسكرية وديبلوماسية (… وأمنية طبعاً) قلّما إجتمعت في مسؤول واحد.
ونعود الى الفصل الثاني (المرتقب) فنأمل أن يتلقف ارهابيو «داعش» الفرصة السانحة ويبادروا الى مفاوضات جدية، تنتهي بمغادرتهم الأرض اللبنانية التي يتمركزون فيها من دون أي مبرّر أو مسوّغ، فيغادرونها دونما قيد أو شرط، تاركين ما ثقل من سلاحهم غنيمة للجيش اللبناني.
فعلاً اننا نطمح لأن تؤول المفاوضات الى هكذا نتيجة فيكفينا ما سال في نهر الدماء، ويكفينا المزيد من الرؤوس الفارغة التي عصفت بها رياح الإرهاب بإدعاء انتصارات قامت على الفظائع من ذبح وحرق (…) علما أن مرحلة الهزائم المتدحرجة بلغت ذروتها من الموصل الى حدود لبنان، وأما إذا واصل ارهابيو داعش تعنّتهم فلابد من الذي لا بدّ منه!
لا نعرف ماذا قرر الجيش. وكيف؟ ومتى؟ فقط نعرف ان الحال الشاذة في الجرود التي تهاوى أحد ركنيها لا يمكنها أن تستمر مع الركن الثاني، ولا يجوز ان تستمر.
وكم يكون مشرقاً و «المفاجأة السارة» في المطلق، إذا ما تبيّن أنّ «داعش» لايزال يحتفظ بالجنود اللبنانيين احياء يرزقون. وإن كان الأمل ضعيفاً في هذه النقطة ولكن لابدّ من حتمية ظهور الحقيقة كما هي، ولقد طال إنتظارها من قبل اللبنانيين جميعاً، خصوصاً من قبل ذويهم الذين يعانون منذ أربع سنوات ما لم يعانه بشر!
وستكون صدمة مروّعة للبنانيين إذا إنتهت أي مساع لحل سلمي يجلي إرهابيي داعش عن أراضينا من دون أن تتضح الحقيقة، مهما كانت قاسية، حول العسكريين اللبنانيين المخطوفين.