كتب د. جيرار ديب في صحيفة “الجمهورية”:
وضَع القانون الانتخابي الجديد قضاءَي صيدا وجزين ضمن دائرة انتخابية واحدة، ما أعاد خلط أوراق التحالفات، وتسميات المرشحين مجدداً عند القوى المؤثّرة، وأدّى إلى الجدال باكراً، والحذر ممّا ستحمله الأشهر المقبلة من مفاجآت المعركة المنتظرة.تحمل المعركة في هذه الدائرة كثيراً من الدلالات، على صعيد إعادة تكريس هويتها السياسية، وسط ما يُهمَس به سراً بين أبناء الدائرة. ففي جزين لا يخفي التيار العوني قلقه من كثرة مرشحيه، ما ينذر بخلق حالات تمرّد قد تضعف القوة التجييرية لديه.
وكذلك في صيدا، يقول مطلعون إنّ عدم إعلان تيار «المستقبل» مرشحيه يُخفي قلقاً من عدم إعادة ترشيح الرئيس فؤاد السنيورة، الذي استطاع خلق قاعدةٍ جماهيرية لا بأس بها، قد تشكّل العنصر المفاجئ في «الصوت التفضيلي».
ينظر الجزّينيون، وكذلك الصيداويون، إلى هذه المعركة بحذر شديد، خصوصاً أن لا وضوح في الأفق لجهة تركيب اللوائح، وربطِ التحالفات. فدمجُ القضاءين انتخابياً كان نتيجة اتفاق مسبق بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» على تشكيل لائحة مشتركة بينهما.
لهذا، فهما مدركان تماماً، أنّ أيّ تركيبة أخرى قد تؤدي إلى خروج التيارين من النزاع الإنتخابي في هذه الدائرة. لأنّ الخصمَ الإنتخابي المقابل، يمتلك رصيداً شعبياً لا يستهان به، عكسَته نتائج الإنتخابات السابقة.
ستحمل المعركة الإنتخابية في هذه الدائرة، كثيراً من المفاجآت، وقد بدأ بعضها يظهر، في تردّدِ مستشار رئيس الجمهورية جان عزيز المستمر إلى منطقة جزين لتمثيله في أكثرية المناسبات. الأمر الذي خلق بلبلة لدى النائب زياد أسود ومناصريه، بسبب التسريبات الإعلامية عن استبدال أسماء على لائحة التيار.
علماً، أنّ النائب الحالي أمل أبو زيد لن يُستغنى عنه في المرحلة المقبلة، لأنّ المنطقة تتطلّب شخصية فاعلة ومؤثرة في القضاء وخارجه، بحسب ما تؤكده مصادر «التيار الوطني الحرّ».
بالعودة إلى الدائرة الإنتخابية، فقد أشارت مصادر مطلعة الى أنّها ستشهد معركة في شكلها العام بين لائحتين؛ الأولى تضمّ «التيار الوطني الحرّ» وتيار «المستقبل»، بينما الثانية ستتشكّل من ابراهيم سمير عازار وأُسامة معروف سعد اللذين تجمع بينهما صداقة الرئيس نبيه بري. وتبقى المفاجأة هنا، في التوجه الى تشكيل لائحة ثالثة، خصوصاً إذا كانت نية «التيار الوطني الوطني» اختيار جان عزيز بديلاً من النائب زياد أسود.
إذ يصرّ الأخير على خوض المعركة الإنتخابية، متسلّحاً بمعطيات يملكها حول حجمه في الساحة الجزينية، فيما ينتظر البعض موقف «القوات» وحلفائها في جزين، إضافة الى موقف بعض المستقلين في صيدا وجزين مثل آل البرزي.
أمّا في شأن الناخب الشيعي في هذه الدائرة، فجميع الأطراف ستعوّل على صوته في صناديق الاقتراع. فهذا الناخب سيكون موحّداً في حال شهدت الدائرة لائحتين متنافستين، حيث سيصبّ لمصلحة حليفه التاريخي أسامة سعد، لأنّ قدرة تأثيره في اللائحة المدعومة عونياً ستكون ضعيفة، ولأنّ التحالف العوني ـ الحريري، سيأتي بغالبية تؤهّله الوصول. لهذا، سيعمد على تعويم حليفه، لإيصاله إلى المجلس النيابي.
أمّا إذا شهد التيار انقساماً في صفوفه، وتمّ تشكيل ثلاث لوائح. فبالطبع سينقسم الصوت الشيعي، حيث سيكون «حزب الله» إلى جانب التيار على الأرجح لدعم لائحته. بينما حركة «أمل» ستصطفّ إلى جانب حليفيها، عازار وسعد.
مهما يكن من غموض في هذه الدائرة، من جهة تبنّي المرشحين عند كل من التيارين «العوني» و«المستقبلي»، إلّا أنّ النيات عند البعض باتت معلنة. إضافةً إلى أن حزب «القوات» أعلن مرشّحه عن المقعد الكاثوليكي. وهذا ما سيزيد من التعقيدات في تشكيل اللوائح، لأنّ للتيار أكثر من مرشح لهذا المقعد.
أخيراً، يبقى السؤال الذي يطرح ذاته: هل سيبقى التيار العوني متماسكاً في قضاء جزين، ويعيد مجده السابق باكتساح المقاعد فيها؟ أم سيشهد انقساماً بين مرشّحيه، ما سيؤثّر حكماً على الناخب لديه؟ وهذا السؤال ينطبق على المرشح الثاني في تيار «المستقبل»، وهو الرئيس فؤاد السنيورة، وأين ستكون «الجماعة الإسلامية» من هذا الاصطفاف، وهي التي لها مرشّح طبيعي في صيدا؟