كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
في ٣١ آب المقبل تنتهي ولاية القوة الدولية العاملة في الجنوب بموجب القرار ١٧٠١ «اليونيفيل». لذلك طلب لبنان رسمياً من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في كتاب التمديد للقوة سنة جديدة من دون تعديل في المهمة أو في العدد.
ومن المتوقع، وفقاً لمصادر ديبلوماسية، أن تجرى مشاورات دولية – لبنانية تمهيداً لإستحقاق التجديد للقوة في آب والذي يتم عبر استصدار مجلس الأمن الدولي لقرار جديد في هذا الشأن. ولفتت المصادر، إلى أن التمديد متوافق حوله دولياً. وليس هناك من عراقيل أمامه، وقد يصار إلى مناقشات على كلمات أو تعابير في نص مشروع القرار، الذي تتقدم به فرنسا عادة. انما لن تكون هناك تعديلات جوهرية على إنتداب القوة. ووراء القرار رسالة سياسية دولية هي أن التمديد مرتبط بالحاجة إلى إستمرارية الإستقرار. وكل المعطيات التي يتبلغها لبنان، تشير إلى أن التمديد سيمر بصورة اعتيادية، وأن كل الدول في المجلس تؤيده لأسباب عدة، وأبرزها:
– معظم الدول في مجلس الأمن، وكذلك الدول المشاركة في «اليونفيل» لا تريد تغيير المهمة، بل الحفاظ عليها، كما نص القرار ١٧٠١. إذ أنها تحتسب أي رد فعل قد لا يكون إيجابياً حيال الموضوع وإنعكاساته على أداء القوة وسلامتها، وهي ترى أن المهمة، وقواعد الإشتباك الخاصة بها، كافيتان لحفظ الأمن والسلم إذا ما طبّقت بالكامل. وبالتالي، أن كفاية القوة تجعل تغيير المهمة غير وارد لدى المجلس. وأي مهمة أكثر تشدداً، ستحتم نقاشاً دولياً جديداً حول دورها، ما قد لا يساعد في عملية التمديد لها. لذا فإن الحفاظ على مهمتها الحالية يشجع التمديد لها، لا سيما وإن الدول الفاعلة تريد تمرير هذا الملف وفقا لوضعه الحالي. ذلك أن هناك أولويات دولية، وإدارات جديدة تسلمت الحكم في كل من الولايات المتحدة وفرنسا. فضلاً عن الأوضاع المعقدة في المنطقة.
– الدعم السياسي الدولي الذي يحظى به القرار ١٧٠١، والدعم للقوة التي تنفذه، يحتم اصرارا دولياً على مهمتها، وعلى الحفاظ على عديدها، الذي يصل إلى نحو ١٣ ألف جندي، ١١ ألفاً في البر، و٢٠٠٠ في البحر. كما الحفاظ على توقيت جديد لولايتها سنة إضافية، إذ لا تغيير ولا تعديل لا في المهمة، ولا المدة ولا العدد.
– العامل الأكثر إلحاحاً لدى المجتمع الدولي كنتيجة لوجود «اليونفيل» في الجنوب، هو أنها تمثل ضمانة متعددة الجوانب الدولية – الإقليمية، ومرحّباً بها لدى كل الأطراف اللبنانية، وهم ملتزمون بها، التزامهم بالإستقرار الذي توفره، في محيط مضطرب وملتهب يتخلله الإرهاب. وكونها استطاعت توفير الإستقرار، في الجنوب والمنطقة لجهة الوضع مع إسرائيل، فإن ذلك هو الضمانة لترسيخ معادلة الأمن والإستقرار من جراء وجودها. وهناك نقطة تقاطع دولية – إقليمية حول لبنان تتمثل بضرورة إبقاء وضعه مستقراً، ويجري التشديد عليها. وليس هناك من طرف دولي يريد تغيير هذه المعادلة التي تستمر للمرة الثانية عشرة على التوالي، لتحقيق الأمن والسلم الدوليين. وبالتالي أن التجديد للقوة، من شأنه التجديد للتفاهمات والضمانات حول دورها ومهمتها.
ومن بين أهم الثوابت الدولية تجاه الوضع اللبناني، فضلاً عن الإستقرار، هو الإلتزام بتنفيذ القرار ١٧٠١، وهو ركيزة الإستقرار القائم في الجنوب والذي لم يشهد مثيلاً له في المنطقة. وهو يوازي الإستقرار الداخلي الذي لم يتأثر بالأحداث المحيطة. وساهم المسؤولون في تحييد لبنان عن أزمات المنطقة وانقساماتها على الرغم من كل التحديات. الأمر الذي أدى إلى إرتياح دولي لوضعية لبنان وإعتباره ساحة سلام قد تكون الوحيدة في المنطقة.
والمشاورات الرسمية الدولية المغلقة ستبدأ فعلياً حول التمديد لدى تقديم فرنسا كما جرت العادة مشروع قرار إلى مجلس الأمن يقضي بالتمديد سنة للقوة.