Site icon IMLebanon

المصارف أحد أبرز المتضررين من قانون واردات “السلسلة”

أجمع الخبراء المصرفيون والاقتصاديون على أن الضرائب المفروضة على القطاع المصرفي في إطار تمويل سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام، ستطال مدّخرات صغار المودعين وستصيب الحلقة الأضعف من المجتمع، وهم المتقاعدون.

فبحسب صحيفة “الشرق” فإن القطاع المصرفي تأثر سلباً بقانون موارد السلسلة الذي يتضمّن ضرائب ورسوماً جديدة، حيث تم رفع الضريبة على فوائد ودائعه من 5 إلى 7 في المئة وعلى أرباحه من 15% إلى 17% رغم تحذيرات جميعة المصارف المتكررة من خطورة الأمر في ظل الصعوبات التي يعاني منها القطاع المصرفي في المرحلة الراهنة، أوّلها تراجع أعماله في لبنان والخارج وكلفة الامتثال إلى المعايير المصرفية الدولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وليس آخرها الضغوطات المفترضة عليه لجهة تطبيق قانون العقوبات الأميركي على «حزب الله».

لكن من المؤكد أن المصارف ليست راضية عن فرض هذه الضرائب على القطاع خصوصاً في ما يتعلق بسداد ضريبة الـ5 في المئة التي أصبحت بفعل إقرار قانون الضرائب في مجلس النواب 7 في المئة من سندات خزينة وشهادات إيداع التي تستثمر فيها المصارف، وتقوم في الوقت نفسه بتسديد ضريبة الـ15 في المئة على أرباحها والتي أصبحت بدورها 17 في المئة، من دون أن تحسم ما تسدد في التوظيفات التي تقوم بها بعدما كانت تقوم بذلك قبل فرض الضرائب التي أقرّها المجلس النيابي لتسديد كلفة سلسلة الرتب والرواتب، لما يؤدي إلى «الازدواج الضريبي» الذي ترفضه الجمعية. من هنا رجحت المعلومات أن تلجأ الى مجلس شورى الدولة لفسخ هذا الازدواج الضريبي الذي يضرّ بمصلحة المصارف خصوصاً والاقتصاد الوطني عموماً.

وباتت هذه الضرائب تشكّل 18 في المئة من مجموع الايرادات التي تدخل خزينة الدولة. إذ من المرجح أن تبلغ الايرادات المتوقعة من رفع الضريبة على أرباح المصارف ما يقارب 306 ملايين دولار سنوياً، والإيرادات المتوقعة من رفع الضريبة على الفائدة 538 مليون دولار سنوياً. وبالتالي، قد تصل الإيرادات المتوقعة من رفع الضرائب على القطاع المصرفي إلى نحو 844 مليون دولار سنوياً.

«رفع الضريبة على أرباح المصارف سيؤدي إلى خفض مجموعها»

وفيما استبعد البعض أن يؤثر رفع الضريبة على فوائد الودائع، على حجم الودائع الاجمالي في القطاع المصرفي، بل أن زيادة الضريبة قد تخلق نوعاً من المنافسة على الودائع داخل القطاع المصرفي اللبناني، حيث قد تستفيد المصارف التي تدفع فوائد أعلى لجذب صغار المودِعين،

اعتبرت مصادر مصرفية لـ”الشرق”، أن «رفع الضريبة على أرباح المصارف سيؤدي إلى خفض مجموع الأرباح، في وقت تتراجع فيه نِسب النمو الاقتصادي ويزيد فيه معدّل نمو الإنفاق التشغيلي»، لافتة إلى أن «ضريبة الـ5 في المئة على فوائد الودائع التي ارتفعت إلى 7 في المئة يسدّدها اثنان: الأول المودع وغالبيتهم من المتقاعدين الذين يعيشون من هذه الفوائد، والثاني هو المصارف التي تدفعها على توظيفاتها في سندات الخزينة وشهادات الإيداع تقدّر بـ818 مليار ليرة منها 315 مليار ليرة تدفعها المصارف و503 مليارات يدفعها المودِعون».

وقدّرت المصادر ما تدفعه المصارف من ضرائب للدولة، بأكثر من مليار و250 مليون دولار، عدا عن الضريبة التي وُضعت على الأرباح التي حققتها المصارف جراء الهندسات المالية وأدّت إلى إيرادات بـ775 مليون دولار دخلت في مشروع موازنة العام 2016، علماً أن البعض كان يطالب بأن تدفع المصارف ضريبة استثنائية بـ30 في المئة على أرباح الهندسة المالية وتم خفضها إلى 15 في المئة، بعدما تسلّحت بدراسة لهيئة التشريع والاستشارات التي تؤكد أن لا مفعول رجعياً على ضريبة استثنائية على المداخيل لأنها تخالف المبدأ العام.

وأضافت: أما بالنسبة إلى رفع الضريبة على الأرباح من 15 إلى 17 في المئة فتقدّر بـ158 مليار ليرة. كما أن الأرباح التي حققها القطاع المصرفي جراء الهندسة المالية، فتبلغ نحو 1135 مليار ليرة أي 775 مليون دولار أُدرجت في موازنة العام 2016. ومجموع ما تدفعه المصارف لخزينة الدولة يقُدّر بمليار و400 ليرة لبنانية.

وخلصت المصادر إلى أن «القطاع المصرفي أصبح في نظر الدولة كالبقرة الحلوب الأسهل والأفضل لتأمين إيرادات جديدة من دون النظر إلى إمكان مكافحة الهدر والفساد والقيام بالإصلاحات المالية المطلوبة، رغم الدور الذي تقوم به هذه المصارف على مختلف الصعد.

وفي هذا الاطار علمت «الشرق» من مصادر مطلعة ان وفد جمعية المصارف برئاسة الدكتور جوزف طربيه سيزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا لاطلاعه على الجوانب السلبية التي ستصيب القطاع المصرفي جراء الضرائب المنوي تطبيقها وستتمنى عليه اعادة المشروع وعدم توقيعه .

عجاقة: للضرائب تأثير سلبي

وفي هذا السياق، توجّه الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة بنداء إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «بردّ قانون السلّة الضريبية التي واكبت إقرار سلسلة الرتب والرواتب، بهدف القيام بدراسة مُعمّقة لتأثيراتها الاجتماعية التي بدون أدّنى شكّ، ستُظهر حجم الخطأ الفادح الذي ارتكبته الطبقة السياسية في إقرار السلّة الضريبية».

ولفت عجاقة عبر «الشرق» إلى أن «السلّة الضريبية التي وضعتها الدولة تترك تأثيراً سلبياً على توزيع الثروات الذي اقتصر على التوزيع بين الطبقة المتوسطة والطبقة الفقيرة. وتُظهر القراءة أن السلة الضريبية ولا سيما زيادة الضريبة على القيمة المضافة، ستنقل 170 ألف شخص من الطبقة المتوسطة إلى الطبقة الفقيرة. ما يعني أن السياسة الضريبية التي قامت بها الدولة والتي من المفترض أن تذهب في اتجاه إعادة توزيع عادل للثروات، هي سياسة تُفقّر الناس على مستويين:

– الأول من خلال تقليل القدرة الشرائية للمواطن، ما يعني استهلاك أقلّ وبالتالي إنتاج أقل واستثمارات أقل، ما يؤدّي إلى تراجع النمو الإقتصادي.

– الثاني من خلال نقل الثروات من الطبقة المتوسّطة إلى الطبقة الفقيرة ومعها 170 ألف شخص سينتقلون من الطبقة المتوسطة إلى الطبقة الفقيرة.

واستنتج من هذه الوقائع، أن «الدولة اللبنانية فشلت في سياستها الضريبية التي لها ثلاثة وظائف رئيسية:

– وظيفة مالية من خلال تأمين إيرادات للخزينة العامة، وتستخدم لتغطية النفقات العامة.

– وظيفة اقتصادية حيث تُشكل الضريبة أداة من الأدوات التي تمتلكها الدولة للتأثير على الاقتصاد بهدف تحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي.

– وظيفة اجتماعية بغية تحقيق الاستقرار الاجتماعي، وإعادة توزيع الدخل بين طبقات المجتمع.

وأضاف: لكل ضريبة أثر ما على النشاط الاقتصادي للدولة، من هذا المنطلق لا يمكن فرض الضرائب لمجرد تحصيل الأموال. فالضريبة على مدّخرات المواطنين قد توفر للدولة حصيلة مالية ولكنها في الوقت ذاته ستدفع المواطنين إلى إخفاء مدّخراتهم وإبعادها عن النشاط الإقتصادي لتجنّب دفع الضريبة الأمر الذي يوضع في خانة التهرّب الضريبي.