كتب جورج خليل:
ما إن أقرّ مجلس النواب قانون الإنتخاب الجديد حتى بدأت الحسابات الإنتخابية والتحالفات تتبدّل، فعملية تشكيل اللوائح واختيار المرشحين باتت تخضع لإعتبارات مختلفة تماماً. أولى تلك التبدلات هي صعوبة التحالف بين الثنائي المسيحي في أغلبية الدوائر إن لم تكن كلها، فقد أيقن الفريقان أن التحالف في مواجهة الأحزاب الأخرى والمستقلين ستجعلهم يخسرون حكماً عدد من المقاعد في ظلّ القانون النسبي، كما أن خوض الإنتخابات بمرشّحين حزبيين لن تأتي بثمارها في مناطق حسّاسة.
من هنا سارع رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع إلى مقاربة هذا الواقع وسجّل هدفاً مهمّاً في مرمى “التيار” في جبيل بترشيحه رئيس البلدية السابق زياد حوّاط وهو شخصية مستقلّة ذات حيثية وقوة تجييرية واضحة إذا ما أضفنا الى كل ذلك أصوات القوات ستكون فرص وصوله لساحة النجمة مرتفعة جداً، ويضاف إليه إمكانية ترشيح نعمت افرام في كسروان، ما يمنح اللائحة القواتية في دائرة كسروان- جبيل قوة مضاعفة.
في الجهّة المقابلة، لم ينم رئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل على ضيم هذا الهدف في مرماه، فردّ بهدف ربما أهمّ من هدف القوات نظراً لقوّة الدائرة من الناحية الجغرافية والعددية والرمزية السياسية، وكان الردّ من عروس البقاع زحلة بإعلانه التحالف مع المرشح عن المقعد الكاثوليكي ميشال ضاهر الذي يتمتّع بصفات إنمائية تضاف إليها القوّة الإقتصادية الضخمة التي يتمتّع بها رجل الأعمال الأبرز في البقاع ولبنان.
أوجه التشابه كثيرة فحواط وضاهر لم يكونا يوماً مصبوغين بصبغة حزبية، وكلاهما ذات آراء سيادية بإمتياز وليس لديهما خلافات مع القوى السياسية الأخرى تحديداً تيار المستقبل والثنائي الشيعي. والجميع يشهد للرجلين بنجاهما الباهر في تحسين وتطوير منطقتيهما وخصوصاً ضاهر الذي اشتهر بإقامة العرس الجماعي (لسنوات عدة) لمئات الأشخاص العاجزين عن دفع تكاليف الأعراس في ظل الوضع الإقتصادي الصعب، كما أنّه يوظّف في مصانعه أكثر من ١٢٠٠ موظف بقاعي، ويقوم حالياً بوضع اللمسات الأخيرة لإطلاق مشاريع عدة جديدة كفيلة بخلق فرص عمل جديدة لعنصر الشباب في القضاء ما يمنحه أرجحية عن بقية المرشحين في الحصول على مئات الأصوات التفضيلية قبل بدء المعركة والحملات الانتخابية الضخمة.
ووفقاً لضاهر فمشروعه النيابي في حال وصوله إلى قبّة البرلمان ليس خدماتياً تقليدياً بل رؤية إقتصادية متطورة تؤمن للمواطن فرص عمل ومدخول ثابت على المدى الطويل كي لا يُجبر على طرق باب الزعامات كل أوّل شهر أو البحث عن عمل خارج البلاد.
إذاً النتيجة أصبحت متعادلة بين طرفي المصالحة على أمل أن يسجّلا المزيد من نوعية هذه الأهداف التي ستفيد المواطن أكثر بكثير من نواب حزبيين لا يتمتّعون إلا بالقدرة على قراءة الخطابات المكتوبة سلفاً من قبل أحزابهم.