كتب يحي جابر في صحيفة “الشرق”:
على الرغم من سريان اتفاق وقف النار في «جرود عرسال»، والمضي في الاجراءات اللوجستية لترحيل مسلحي «النصرة» وعائلاتهم وآلاف عائلات النازحين من سوريا، الى الداخل السوري، فإن الأنظار لاتزال تتجه الى ما بعد هذه المرحلة.. والجميع يرقبون بكثير من الحذر ما ستكون عليه التطورات في جرود راس بعلبك والقاع حيث وحتى ساعات متأخرة من يوم أمس، لم تحصل أي تطورات تشير، او تدل على ان الأمور تمضي بسلام وبتوافق، يوفران على المنطقة مواجهة عسكرية مع مسلحي «داعش»، على رغم ما خلصت اليه مواجهات جرود عرسال من نتائج ايجابية، على رغم المماطلة في تنفيذ ما اتفق عليه، والذي بدأت مراحله التنفيذية الأولى أمس بتنفيذ صفقة تبادل الاسرى بين «حزب الله» و»النصرة».
في قناعة عديدين أن شهر آب سيكون شهر الحسم العسكري والأمني، وبغطاء داخلي واقليمي ودولي، وان قرار استكمال تحرير الجرود اللبنانية، شرقاً وشمالاً من المسلحين الذين لا يحظون على أية «شرعية شعبية او سياسية او حتى اخلاقية ودينية» بات أمراً محسوماً، وبقرار سياسي – عسكري سيتعزز أكثر مع أول جلسة لمجلس الوزراء اللبناني.. وذلك على الرغم من ان الأعباء لن تكون أقل من تلك التي رافقت معركة تحرير جرود عرسال لاسيما وان معلومات مؤكدة، ان جلسة مجلس الوزراء المقبلة، ستكون حافلة بالموضوعات التي يعد لها بعض الوزراء من بينها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1- مسألة الاستراتيجيا الدفاعية والتزام لبنان القرار 1701 وما تتضمنه هذه من آراء ومواقف تبلغ حد التناقض، وهي موزعة بين من يعطي الشرعية لـ»السلاح غير الشرعي» المتمثل بسلاح «حزب الله» وفق «الثالوث المقدس» او المعادلة الذهبية «شعب وجيش ومقاومة» بين من يرفض ذلك ويؤكد على أن «مشكلة لبنان الأساسية، هي وجود «حزب الله» بالشكل الذي هو فيه.. حيث من سابع المستحيلات ان تقوم دولة فعلية وبكل ما لهذه الدولة من معنى..؟! خصوصاً وأن تداعيات تدخلات «حزب الله» في الجوار الاقليمي القريب منه والبعيد باتت تثقل على لبنان، وهي محط انتقادات وشكاوى العديد من الدول العربية، وآخرها الكويت..
2- تداعيات اقرار سلسلة الرتب والرواتب، على النحو الذي أقرت فيه، والقضايا المعيشية الضاغطة، والتي باتت في نظر عديدين مادة حيوية في الحراك الشعبي العام الرافض الأعباء الضريبية، والرافض لعدم اهتمام «الدولة» بكل ما حصل من تداعيات بدءاً من ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، بلا رقيب او حسيب، كما وارتفاع اقساط المدارس الخاصة على نحو اثار هلع الغالبية، إضافة الى التحركات الشارعية وتعطيل القضاء وغيره..
في قناعة المتابعين بدقة لتطورات ما حصل، فإن الحكومة ستكون في وضع حرج للغاية، وان الرئيس سعد الحريري لايزال عند قناعته رفض تحويل أي اختلاف مع «حزب الله» الى خلاف، وهو سيمضي في خياره على منع أي انعكاس للاختلاف مع الحزب علي مصلحة لبنان وشعبه واقتصاده، على رغم عدم موافقته على ما قام ويقوم به الحزب.. حيث «العلاقة بيننا وبين الحزب صعبة جداً حيال السياسات الاقليمية..» والطريقة المثلى هي ان نتجنب مواقف بعضنا حيال هذه الأمور ونحاول ان نعمل بقدر ما نستطيع لما فيه مصلحة لبنان.. والجميع يريد استقرار البلد، هذا هو موقفنا في هذه الحكومة ونستمر بالعمل عليه..» على ما أكد رئيس الحكومة في أكثر من مرة خلال زيارته الولايات المتحدة الاسبوع المنصرم..
في جلسة مجلس الوزراء المقبلة، يرى عديدون ان «المواجهات لن تكون سهلة، خصوصاً ما يتعلق بما حصل في جرود عرسال، وما يمكن ان يحصل في جرود راس بعلبك والقاع، وغيرهما.. وذلك على الرغم من التمايز بين الوضعين وقد استكمل الجيش اللبناني، التحضيرات العسكرية، وعزز من انتشار وحداته وهو بانتظار اشارة البدء بالمواجهة بقرار رسمي من الحكومة، الذي برأي البعض لم يتخذ بعد بخلاف آراء آخرين يؤكدون ان قرار مواجهة «داعش» في جرود راس بعلبك والقاع والفاكهة وغيرها.. اتخذ وبغطاء دولي (وتحديداً أميركي – بريطاني فرنسي..) وان الافرقاء اللبنانيين الذين اعترضوا، او تحفظوا على ما قام به «حزب الله» في جرود عرسال رفعوا هذا التحفظ، بسبب ان القاع وراس بعلبك هما غير عرسال.. وان «القوات اللبنانية» كما حزب «الكتائب» وغيرهما، يشعران بالحرج ولا يملكون بديلاً..
يؤكد غير مصدر وزاري ونيابي وحزبي، ان الرئيس الحريري يسعى كل جهده لابعاد أي تداعيات سلبية عن الحكومة.. وان ما جاء على لسان الرئيس الاميركي دونالد ترامب من «حزب الله»، وان لم يكن جديداً، فهو يعنيه شخصياً، ولن تكون له تداعيات على طاولة مجلس الوزراء، خصوصاً أكثر ان الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله تجنب في طلته الأخيرة الرد على ترامب حتى لا يحرج رئيس الحكومة والوفد المرافق له في زيارته أميركا.. وبالتالي فإن الحديث عن اهتزازات وارتجاجات داخل الحكومة، ليس في موضعه ولا في وقته المناسب، فالحكومة متماسكة، على رغم الانقسامات والتباين في الآراء والمواقف.. وان الرئيس الحريري،- الذي عمل كل ما يقدر عليه لاحتواء العقوبات الاميركية المفروضة، او تلك التي ستفرض ضد «حزب الله» – «لم ولن يتواطأ مع أي جهة خارجية ضد حزب لبناني..»؟!
واللافت، ان «الثنائي» الرئيس نبيه بري، و»حزب الله» في غير وارد التصعيد وهما يعتزان بنصر المقاومة الى جانب الجيش ويلاقيان الرئيس الحريري في منتصف الطريق، وان رئيس الجمهورية العماد ميشال من يؤكد التزام لبنان تطبق القرار الدولي 1701، ويلقي مسؤولية الخروقات التي تحصل على الجانب الاسرائيلي الذي مايزال يحتل أراضي لبنانية وهو شدد خلال لقائه المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ على ضرورة «ترسيم الحدود البرية والبحرية وملف النفط والغاز..» في رسالة واضحة الدلالة الى كل الذين شككوا في الارض اللبنانية في الجرود..