كتب ياسر الحريري في صحيفة “الديار”:
الواضح ان حزب الله حسب مصادر سياسية متابعة لا يجيب على مواقف وبيانات تيار المستقبل، كما انه لا يجيب على وزراء ونواب كتلة التيار، وهذا ليس صدفة، كما ان حزب الله على ما يبدو، لا يحبذ ان يفتح المقربون منه سياسياً او اعلامياً النار على تيار المستقبل نتيجة مواقفه من تحرير المقاومة الاسلامية لجرود عرسال، والسبب وفق المعطيات العامة، ان الحزب لا يريد الدخول في سجالات مع المستقبل، وتالياً هي مساحة رأي فهمها الحزب ، ان المستقبل محشور في الساحة السنية في اكثر من مكان في لبنان، ولا يريد ان يترك الساحة للاصوات المتشجنة في الطائفة السنية التي خرجت من رحم المستقبل او كتلته، لذلك يعمل المستقبل، على لملمة الوضع السني لمصلحته،
ويحاول ان يستوعب هذا الشارع، في حال شعر بعضه ان انتصار حزب الله على جبهة النصرة هو انكسار لجهة سنية ما او لمنطقة ما او لبلدة ما، لذلك وفق المتابعين لهذا الملف، وهم مقربون وشخصيات لها رأيها الوازن في الساحة، وجدوا في زيارة امين عام تيار المستقبل احمد الحريري الى عرسال ، بادرة ايجابية، كون الحريري رئيس مجلس الوزراء او احمد الامين العام يمثلون الاعتدال السني في لبنان، مهما تعددت الخلافات مع حزب الله وحلفائه.
وهؤلاء برأي المصادر اي حزب الله والحلفاء، لا يمتعضون من هذه الحركة الحريرية، بل يرونها في توقيتها زماناً ومكاناً مريحة، كما لا يمانعون بوضوح كامل ان يستوعب المستقبل الساحة السنية ، وان لا يحل محل المستقبل اصوات متطرفة تريد كسب ود المسلمين السُنة، تحت عناوين مذهبية.
واقع الامر ان معركة عرسال وجدت تأييداً شعبياً وسياسياً حتى داخل المستقبل من معظم النواب الوزراء في التيار، لكن من الواضح ان فريق الرئيس السنيورة ذهب بعيداً في البيانات والمواقف بعكس، مواقف رئيس الحكومة الذي غطى الجيش بمعركته في عرسال، وفي امكنة اخرى،
كما ان كلام احمد الحريري، في عرسال كان واقعياً ومنطقياً ومقبولاً، ولا يشكل ازمة سياسية على مستوى حزب الله ولا على مستوى سير المعارك، خصوصاً ان المعركة تتحدث عن نفسها، بنتائجها الوطنية، واول النتائج ان اهالي عرسال السنة البقاعيين، هم من سيعودون الى ارزاقهم واعمالهم يمارسونها كالمعتاد، وليس ابناء الجنوب او البقاع او الضاحية او بيروت الذين استشهدوا في جرود بلدتهم .مما يعني ان الابعاد الوطنية للمعركة واضحة وان الاعلام اللبناني، كان واضحاً في الموقف من هذه المعركة بكل توجهاته وبكل انتماءاته السياسية والحزبية، الا تيار المستقبل الذي لا يريد ان يخسر ما تبقى له من الشارع السني.
الامر اللافت الذي قالته شخصية سياسية مقربة من المقاومة ومعروفة على المستوى اللبناني والعربي، ان المعركة كلها حصلت وحسمها حزب الله بغياب الرئيس سعد الحريري، وهذا ليس صدفة ايضاً وكأن المطلوب عدم احراج الرئيس سعد الحريري، وحزب الله، لا يخسر من هذا الموضوع، بدليل ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في خطابه ما قبل الاخير اعلن «دعم الحزب الكامل للحكومة ولتفعيل عملها ولاستمراريتها»، وفي خطابه الثاني الاخير كان واضحاً جداً «عندما قال لا اريد الردّ على كلام الرئيس الاميركي رونالد ترامب، كي لا احرج الوفد اللبناني بواشنطن
وقال السيد عندما يعود الوفد بالسلامة ان شاء الله يوجد وقت للردّ» مما يعني ان الحزب يعمل في السياسة وفق المصلحة الوطنية كما عمل في الجبهات العرسالية في الجرود عسكرياً ، اضافة لحسم السيد نصرالله ، ان لا احد سيتعرض لعرسال ولا لمخيمات النازحين وفق المصلحة الوطنية. وكما اعلن عضو الهيئة الشرعية الشيخ محمد يزبك ان الحزب يترك ما تبقى لتحرير اراض للجيش، وكذلك تأكيده على اخلاقيات الحزب، في موضوع مخيمات النازحين السوريين .
وتقول المصادر ان حزب الله غير محرج بتصريحات الرئيس سعد الحريري، ولا يريد اعطاء الرئيس فؤاد السنيورة مجالاً للسجال معه، كي لا يحرف الانظار عن الانتصا الكبير الذي تحقق، والذي كان السنيورة وفريقه في المستقبل يريدون تحطيم هذا الانتصار، لكن لا الحزب ولا الاعلام اللبناني « زحط» بمشروع السنيورة، فيما استطاع الاعلام في حزب الله اكان العلاقات الاعلامية، على مستوى الحاج محمد عفيف او الاعلام الحربي، يكملون مشوار الانتصار اعلامياً عبر الوفود الاعلامية التي زارت جرود عرسال وعاينت بأم العين، ان هذه الجماعات كانت تريد الاستيطان في لبنان، بأرهابهم واجرامهم، وتهديد امن اللبنانيين دون شك لولا عمل اجهزة الامن اللبنانية الاستباقي، من مخابرات جيش وامن عام وشعبة معلومات وامن دولة.
حزب الله نجح في تنظيم المعركة الوطنية وفي استثمار الاحتضان الوطني، وترك الباب مفتوحاً لتيار المستقبل وللاعتدال في تيار المستقبل الممثل بالرئيس سعد الحريري، ان يستثمر النتائج في الساحة السنية، وتقويض مواقف المتطرفين المناهضين لسعد الحريري المحسوبين على غيره؟؟؟