Site icon IMLebanon

بين آب 1990 وآب 2017 تبدلت الظروف

كتب ميشال نصر في صحيفة “الديار”:

بين آ ب 1990 وآب 2017 مسافة طويلة في الزمن انقلبت فيها الامور وتبدلت. فدولة رئيس الحكومة الانتقالية يومها العماد ميشال عون، الذي لم يحضر ذاك الاحتفال بسبب المخاوف يومها من وجود عملية اغتيال اعدت لها جهة حزبية، يحضر اليوم بوصفه رئيسا لجمهورية كل لبنان ليقلد السيوف للضباط المتخرجين في الكلية الحربية، بعد غياب الاحتفال لسنتين في ظل الفراغ الرئاسي الذي ضرب لبنان.

مصادر متابعة اشارت الى ان الامس شهد وضع اللمسات الاخيرة للترتيبات والتدريبات باشراف اللجنة الموكل اليها تنظيم الحفل، الذي وصف بالمميز، اولا لان الدورة المتخرجة والتي يبلغ عددها 240 ضابطا من الجيش، الامن الداخلي، الامن العام، امن الدولة، والجمارك، ستحمل اسم المقدم الشهيد صبحي العاقوري، بعد سنتين اقتصرت فيها مراسم التخرج على تسلم الشهادات من قائد الجيش دون تقليد السيوف للمتخرجين.

وفي هذا الاطار تكشف المصادر انه جرى تجهيز المنصة الرسمية باجهزة تكييف لتامين راحة فخامة رئيس الجمهورية الذي اصر على ان يسلم السيوف بنفسه للمتخرجين، فيما اتخذت كل الاجراءات الامنية اللازمة لحماية الاحتفال من اي عمل ارهابي او اعتداء قد يتعرض له، من خلال المراقبة الارضية والجوية والترتيبات المتخذة والتي اعطي فيها دور اساسي للواء الحرس الجمهوري.

اما الامر الثاني الملفت، فهو شعار «بمجدك احتميت» الذي حملته المناسبة هذا العام والذي ياتي متناسبا والظروف،في ظل الاوضاع على الحدود، من الجنوب حيث ترابض وحدات الجيش في مواجهة الجيش الاسرائيلي مستعدة للرد على اي خرق، وعلى الجبهة الشرقية حيث خاضت حرب استنزاف ضد المسلحين في الجرود، انتهت الى خسارة جبهة فتح الشام لجرود عرسال في انتصار لحزب الله ما كان ليكون لولا نجاح الجيش في فصل عرسال عن الجرود وتسديده الضربات المتتالية طوال سنتين للجبهة، فيما يتنظر استكمال انجاز التحرير بعودة العسكريين الاسرى وتحرير جردي راس بعلبك والقاع. اما على الحدود الشمالية فنجح الجيش في الحسم سريعا نتيجة البيئة الحاضنة والمؤيدة له.

انجازات لا تقف عند الحدود فقط بل تتعداها الى مجال الامن الداخلي، حيث نجحت مديرية المخابرات في تحقيق انجازات كبيرة وتسديد ضربات قاسمة اسقطت رؤوسا ارهابية كبيرة وخطيرة على طول المساحة الجغرافية اللبنانية، مسقطا احلام اقامة امارة اسلامية هنا او هناك، ومفشلة مشاريع اقليمية لجعل بعض المناطق ساحة تصفية حسابات مع اطراف لبنانية خدمة لاجندات خارجية كما حصل في مخيم عين الحلوة.

واذا كان الجيش قد اخطا في بعض المرات، الا انه امتلك الجرأة الكافية لمعاقبة المخالفين ولاحقاق الحق، بقرار واضح من قائده بعدم السكوت عن اي ارتكاب مهما كان حجمه او مرتكبه، فاتخذت عشرات العقوبات والاجراءات التاديبية الداخلية وصلت حدود الطرد من الجيش، في الوقت الذي باشر فيه العماد جوزاف عون حملة اعادة بناء وضخ دم جديد يتلاءم وخطة بناء جيش عصري يضاهي مصاف الجيوش الكبرى ان لم يكن في التسليح ففي الانضباط والسلوك والالتزام بمعايير القانون الدولي الانساني.

امور جعلت من الرئيس الاميركي يشيد بانجازات هذا الجيش، شانه في ذلك شان التقارير التي يرفعها الخبراء الاميركيون والاجانب الذين يشاركون في تدريب الجيش اللبناني ويشرفون على اعادة بنائه، وآخرهم الوفد البريطاني الذي جال قبل ايام على الحدود الشرقية وبالتحديد جبهة راس بعلبك – القاع منوها باداء الجيش في تلك المنطقة ونجاح عسكرييه في استخدام العتاد المقدم باقصى طاقته، خصوصا ان بريطانيا ساهمت في اقامة ابراج مراقبة على تلك الجبهة وفي تدريب فوج الحدود المنتشر، وهي تبدي استعدادها لتجهيز وتدريب وحدات وافواج الحدود مع انجاز الاعمال النهائية في منشآت مركز التدريب القائم في قاعدة رياق الجوية.

ويشير مصدر امني الى ان الاعجاب الغربي لا يقتصر فقط على الاداء الامني والعسكري انما على القدرة الابداعية للفنيين اللبنانيين الذين نجحوا بداية في تحويل المروحية «يو اتش 1» الى قاذفة قنابل وصواريخ ثقيلة في معركة نهر البارد، انما في تحويل المروحية سوبر بوما المقدمة من قبل دولة الامارات العربية الى الجيش والمخصصة للنقل اللوجستي الى طوافة مقاتلة عبر تزويدها براجمات صواريخ ورشاشات ثقيلة، محققة من عتاد ومخازن القوات الجوية.

وعلى هذا الصعيد املت المصادر ان يعود قائد الجيش من زيارة الثاني عشر من آب من واشنطن بطائرات السوبر توكانو التي سيكون لها دور اساسي باي عملية تنفذ في الجرود ضد مسلحي الدولة الاسلامية، وبالدفعة الاولى من مصفحات برادلي التي انجزت كل الترتيبات لادخالها فورا الخدمة على الجبهة، كما حصل سابقا مع مدافع الـ 155والصواريخ المضادة للدروع وآليات الهامفي. وتتابع المصادر بان زيارة القائد ستناقش برامج المساعدات المنتظرة لعام 2018 وجدولها الزمني والتعديلات التي يجب ادخالها عليها، نافية ان يكون موضوع المعركة ضد داعش مطروحا من باب «طلب الاذن» كما يحلو للبعض في لبنان الترويج له، ذلك ان الجيش يخوض مواجهاته ومعاركه وفقا لاجندته الخاصة وحساباته، وهو في كل الاحوال شريك اساسي في الحلف الدولي ضد الارهاب وعلى هذا الحلف انطلاقا من ذلك تامين كل الدعم اللازم له في معركته.

في عيد الجيش الاخير زمن الرئيس ميشال سليمان مر قطوع يوم الاول من آب على خير، الا ان مساء ذاك اليوم شهد اطلاق ثلاثة صواريخ باتجاه منطقة اليرزة بعبدا، لا زال اللغط حتى اليوم سائدا حول الرسائل التي ارادت ايصالها.