كتب محمود زيات في صحيفة “الديار”:
بعد انتصار «حزب الله» في معركة جرود عرسال ، واسئتصال تنظيم «جبهة النصرة» ..بعد البدء بتنفيذ صفقة اخراج ما نبقى من عناصرها وعائلاتهم ، تتوجه الانظار نحو الحلقة الثانية من معركة الجرود ، لاستكمال تحرير المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم «داعش» الارهابي في بقية جرود السلسلة الشرقية ، بعد ان بات الجيش اللبناني على جهوزيته الكاملة ، المتوقع ان تبدأ بعد عيد الجيش في الاول من آب.
لكن الاولوية التي فرضت نفسها في جرود عرسال، لها اهميتها العسكرية والامنية ، سيما وانها وجهت ضربات قاصمة لاكبر التنظيمات الارهابية التي نجحت على مدى السنوات الماضية في نسج خيوط لها داخل المجتمع اللبناني وفي المخيمات الفلسطينية ، وبخاصة مخيم عين الحلوة الذي يتسم بخصوصية امنية حساسة ، بعد ان تحول الى ساحة «جذب» لكل الارهابيين المتورطين في عمليات امنية طالت الجيش اللبناني وآمنين لبنانيين في مناطق سكنية، اضافة الى استهداف مقرات دبلوماسية في هجمات ارتبطت باجندات اقليمية ، القت بثقلها الاستقرار الامني الذي اهتز مرات عدة .
وما تم تسويقه عن «انضمام» ارهابيين من مخيم عين الحلوة ، الى صفقة التبادل الجارية في جرود عرسال، ما هو، وفق ما ترى اوساط قيادية فلسطينية، الا محاولة لاثارة ملف الجماعات الارهابية الموجودة داخل المخيم ، سيما وان ترافق مع «حراك» على مستوى بعض الفصائل الفلسطينية التي انسحبت من بعض مهام القوة الامنية الفلسطينية التي تتولى حفظ الامن في احياء المخيم ، وبخاصة في حي الطيرة الذي كان مسرحا للاشتباكات بين الجماعات وبين حركة «فتح»، وما يؤكده قياديون فلسطينيون ، ان اي بحث جدي لدى الاجهزة الامنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية في ملف المطلوبين اللبنانيين والفلسطينيين الذين لجأوا منذ سنوات الى داخل المخيم عين الحلوة ، بعد تورطهم في عمليات امنية ذات طابع ارهابي، لم يجرِ ، في كل الاتصالات التي اجريت مع الجانب اللبناني حديثا عن شمول هؤلاء اي صفقة قد تُعقد مع التنظيمات الارهابية في جرود عرسال، وان كان البعض علق الامال على شمولهم بصفقة التبادل بين «حزب الله» و«جبهة النصرة»، بعد الانتصار الذي حققه مقاتلو الحزب في معركة الجرود والسيطرة على المناطق التي كانت تحتلها «النصرة»، بعد ان فرض الضغط العسكري الذي يمارسه «حزب الله» على ما تبقى من مسلحي «النصرة» ، وهي صفقة تقتصر على اطلاق عناصر «حزب الله» .. الاحياء والشهداء، في مقابل «تسفير» العناصر التابعة للارهابي ابو مالك التلي وعائلاتهم وانصارهم من النازحين السوريين في بلدة عرسال وضواحيها، الى مناطق سيطرة «النصرة» في الداخل السوري.
لكن الاوساط لا تنفي وجود رؤية لمعالجة جدية لدى مدير عام الامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم ، سمعت عناوينها الرئيسية القيادات الفلسطينية في المخيم، وهذه الرؤية تنتظر بلورتها، وعلى القيادات الفلسطينية مسؤولية كبيرة للوصول الى معالجة تقضي باخراج المخيم من دارة التوتير الامني وتحريره من «الاثقال» التي تمثلها الجماعات الارهابية ، واذا كان الجيش اللبناني ليس بوارد اليوم ..للجوء الى عملية عسكرية ضد الجماعات الارهابية ، طالما ان هناك تعاونا بينه وبين القيادات الفلسطينية التي تستشعر الخطر الامني المتمثل بهذه الجماعات ، لكن الاداء الفلسطيني ما زال دون الحد الادنى المطلوب ، بفعل التناقضات التي تتحكم بمسار العلاقات بين مختلف الفصائل الفلسطينية ، في ظل اختلاف الاولويات والاهتمامات والحسابات.
120 ارهابيا بينهم 7 من جنسيات عربية
وتكشف الاوساط القيادية الفلسطينية .. ان قرابة الـ 120 عنصرا من الجماعات الارهابية، بينهم 7 من جنسيات عربية مختلفة، ومعهم شادي المولوي ، يقيمون داخل المربعات الامنية في المخيم ، قاموا باتصالات عشوائية مع قياديين فلسطينيين، لطرح مصيرهم للبحث مع الاجهزة الامنية اللبنانية ، واستكشاف امكانية توفير خطة لاخراجهم من المخيم وتأمين وصولهم الى مناطق سيطرة «جبهة النصرة» في سوريا، وهؤلاء هم من الفلسطينيين والسوريين، الا ان هذا الطلب لم يلقَ اي صدى، فيما شقت الصفقة بين «حزب الله» و«جبهة النصرة» طريقها، وفق الشروط التي وضعها الحزب، جراء الضغوطات العسكرية التي حققها في الميدان الجردي، وتلفت الى ان المطلوبين اللبنانيين من انصار الشيخ احمد الاسير ، غابوا عن طلب الخروج من المخيم، انطلاقا من ان هؤلاء على استعداد لتسليم انفسهم في حال تلقوا وعودا لمحاكمة مخففة، او لاعتقادهم ان ملفاتهم يمكن معالجتها لدى القضاء ريثما تتوفر الظروف.
لكن ما يبقى في الكواليس، يُدلل على ان ملف المطلوبين اللبنانيين والفلسطينيين الموجودين داخل مخيم عين الحلوة ، طريق معالجته واضحة ولا تحتاج الى اجتهادات، تسليم انفسهم الى القضاء اللبناني واخضاعهم للمحاكمة، او القاء القبض عليهم، انطلاقا من حساسية الملف وخطورته على الامن اللبناني، وما يعزز هذه الفرضية، ان الجيش اللبناني وباقي الاجهزة الامنية باتت في وضع مريح امنيا، بعد الانجازات التي تحققت على مستوى الحرب الاستباقية التي استهدفت تفكيك الشبكات الارهابية في الداخل اللبناني، وهي انجازات تكاملت مع الانجازات العسكرية التي سطرها «حزب الله» على جبهات جرود عرسال والقضاء على «جبهة النصرة»، ومع بروز اولوية استكمالها بمعركة الجيش اللبناني ضد تنظيم داعش في ما تبقى من جرود في السلسلة الشرقية المتاخمة لمناطق رأس بعلبك والقاع وغيرها من القرى اللبنانية.
وتخلص الاوساط الى القول.. ان الابقاء على الجماعات الارهابية في مخيم عين الحلوة، بات يشكل ضغطا امنيا يصب في خانة تهديد الاستقرار الداخلي، وان اي جولة امنية جديدة قد تسجل في المخيم، ستكشف المزيد من المخاطر الامنية التي يشكلها تنامي هذه الجماعات وقدرتها العسكرية والامنية على استهداف الداخل اللبناني، كما حصل على مدى السنوات الماضية ، والاخطر ان هذه الجماعات، وعلى الرغم من النكسة التي اصيبت بها ، بعد معركة جرود عرسال، ما تزال قادرة على بناء شبكات ارهابية قادرة على القيام بعمليات ارهابية ، فيما كل الخطط الامنية التي اعدتها الفصائل الفلسطينية لم تتمكن من تقييد حركتها داخل المربعات الامنية الخاصة بها.