كتبت ميسم رزق في صحيفة “الاخبار”
طوَت أمس شركة “سعوي أوجيه” آخر صفحة لها في عالم المال والأعمال. بعد ٣٩ عاماً لامست خلالها الشركة سقف المجد وحققت إيرادات بعشرات مليارات الدولارات، موظفة أكثر من ٥٨ ألف عامل، وصلت الى خط النهاية الذي لا رجعة عنه، فكان يوم ٣١ تموز من هذا العام موعدها مع الموت.
هذه الشركة التي أنجزت على مدى أربعة عقود من الزمن، مجموعة من أهم المشاريع في المملكة العربية السعودية، وعدد من دول العالم، أصبحت من الماضي، بعدما كانت من أكبر شركات المقاولة في العالم العربي.
منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام ٢٠٠٥، بدأت الشركة بالتراجع. غير أن أزمتها الحقيقية ظهرت عام ٢٠١٣، وحاول القيمون على الشركة التكتم عليها، إلا أن التعثر في دفع الرواتب، الشهر تلو الآخر، ساعد في فضح المستور وفتح الملفات التي كشفت هدراً وفساداً يفوقان كل التوقعات والقدرة على المعالجة. وكانت الشركة حتى وفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز عام 2015 تستفيد من دعمه لها بقروض بلا فوائد. غير أنها برحيله بدأت تواجه عقبات حقيقية نتيجة التعامل السعودي الجديد. ومع حلول عام ٢٠١٧، باتت بحاجة إلى مبالغ طائلة تصل الى ١٠ مليارات دولار.
وفي الوقت الذي أصبح فيه الدعم السعودي شبه مستحيل نتيجة تغير الأولويات في المملكة من جهة، وتراجع الدعم السياسي والمالي الذي كان يتلقاه الحريري من جهة ثانية، وتراجع عائدات النفط وارتفاع النفقات السعودية نتيجة حرب اليمن وعملية نقل السلطة إلى محمد بن سلمان وتمويل صفقات كبرى مع الولايات المتحدة الأميركية من جهة ثالثة، بات إعلان إفلاس الشركة مسألة وقت.
وعممت الشركة على موظفيها خطاباً يفيد بأن تاريخ ٣١ تموز هو آخر يوم عمل للشركة، وبعدها ستقفل أبوابها بداعي الإفلاس. وقبل الإقفال، طردت الشركة أكثر من ٤٠ ألف موظف، وبدأت ببيع أصولها الثابتة في المملكة، يقول أحد العاملين إنها تقدر بأكثر من 8 مليارات دولار أميركي. وكانت صحيفة “عكاظ” قد كشفت أمس “أن الحريري نقل منذ عامين ملكية موقع الشركة الى ابنه حسام”، وأن المشاريع التي كانت تديرها الشركة في المملكة انتقلت الى شركة سدر التي وظفت حوالى ٣٥٠ عاملاً من “أوجيه” لديها.
وكانت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية قد أعلنت أمس على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر، أنها تعمل على نقل 600 سعودي في الشركة إلى منشآت أخرى، ووجهت صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) لإيجاد فرص عمل مناسبة للسعوديين الآخرين. وأشارت إلى أن الرواتب المتأخرة التي تصل إلى نحو ١٤ شهراً ستصرف، من دون تحديد موعد لذلك.