كتب د. ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء”:
لا يمكن التقليل من اهمية الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة سعد الحريري والوفد المرافق الى واشنطن ونيويورك، فهي مهمة بتوقيتها وببرنامجها الحافل، وتوجت باللقاء المطول الذي عقده الحريري منفردا مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
ويسجل لصالح الزيارة حصول الحريري على تعهد من الإدارة الاميركية ومن الرئيس ترامب شخصيا، باستمرار دعم الجيش.
والمساعدات الاميركية في الاعتدة والسلاح والتجهيزات الأخرى، لا يمكن الاستغناء عنها في ظل الاوضاع الصعبة التي تعيشها المالية اللبنانية التي تعاني من عجز كبير، وهي بالتالي لا تستطيع تغطية كامل الاعباء التي يحتاجها الجيش.
والتقديمات الاميركية وغيرها، تعتبر واجبة في هذه الظروف، وإذا كانت نتائج الزيارة غير واضحة حتى الآن فيما يتعلق بموضوع العقوبات التي ستفرضها الإدارة الاميركية على حزب الله، لكن الجانب الاقتصادي الآخر الذي تناولته مباحثات الوفد مع المسؤولين الاميركيين، قد يكون واعدا او مفيدا، لاسيما لناحية التطمينات التي حصل عليها الوفد بزيادة المساعدات التي تصرف على اللاجئين السوريين.
اما الكلام الذي أطلقه الحريري في واشنطن عن دور لبنان في إعادة إعمار سورية فلم يكن واضحا، بل كان غريبا الى حد ما، لأنه اوحى كأن الحرب في سورية انتهت، وأن الاميركيين هم الذين سيتولون الإشراف على عملية إعادة الإعمار، ولم يعرف علام استند في هذه الرؤية.
بالمقابل، يسجل على الزيارة مجموعة من النقاط السلبية، من حيث الشكل، ومن حيث التوقيت.
ففي الشكل: كان التباين العلني كبيرا بين موقف الرئيس ترامب الذي هاجم حزب الله والرئيس السوري بشار الاسد، بينما التزم الحريري الصمت تجاه هذا الموضوع، فلم يرد على ترامب بطبيعة الحال، ولم يتوافق معه في الوقت ذاته.
وقد أفسدت تلك التباينات الاهتمام البروتوكولي الذي لقيه الحريري من ترامب.
وكان الامر محل تعليقات واسعة في الاوساط السياسية، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي.
أما من حيث التوقيت، فقد حاصرت الاحداث التي جرت في جرود عرسال الزيارة وكبلتها، وأحرجت الرئيس الحريري، وهو قد أطلق مواقف معارضة لعمليات حزب الله العسكرية في الجرود، ثم عاد مدير مكتبه نادر الحريري ووضح هذه المواقف، وكان توضحيه غير موفق، لأنه أشار الى استمرار الالتزام والعمل وفقا للاتفاق الذي حصل قبل انتخاب الرئيس عون، مؤكدا بذلك الاتهامات التي تطول الرئيس الحريري بكونه عقد صفقة مع التيار الوطني الحر، وبغطاء من حزب الله قبل وصوله لرئاسة الحكومة.
ويقول معارضو الرئيس الحريري: ان الزيارة فاشلة، وما أعلن من نتائجها غير كاف، والمواقف التي رافقتها متناقضة.
وما قاله وزير الخارجية جبران باسيل يختلف تماما عما قاله الرئيس سعد الحريري، خصوصا فيما يتعلق بإحداث جرود عرسال.
ويتابع هؤلاء المعارضون بالقول: كيف يقبل الرئيس الحريري بزيارة اهم عاصمة في العالم، وفي هذه المرحلة المفصلية من تاريخ لبنان والمنطقة المحيطة به، ولمناقشة ملفات في غاية الاهمية، ويكون الوفد المرافق مقتصرا على تمثيل فريق سياسي لبناني واحد.
وما علاقة مستشار رئيس الجمهورية الياس ابي صعب ليكون في عداد الوفد الرسمي، وهل يصطحب رئيس الجمهورية مستشارا لرئيس الحكومة فيما لو قرر القيام بمثل هذه الزيارة؟