ذكرت صحيفة “الجمهورية” ان عملية القضاء على “جبهة النصرة” في جرود عرسال والحدود الشرقية المحاذية لسوريا انتهت، وأمكن للمراقبين تسجيل ملاحظات عدة حول ما رافقها، أبرزُها:
اولاً، انتهت المعركة العسكرية قبل ان تنتهي، بمعنى انّ القدرة على حسمها عسكرياً كانت متوافرة ولكن تمّ الانتقال الى المفاوضات التي اسفرَت عن تسليم 5 أسرى لـ”حزب الله” لدى “النصرة” وخروج مسلحي هذا التنظيم الارهابي والبيئة الحاضنة له الى إدلب.
واظهرت أعداد مسلحي “النصرة” انّ التنظيمات الارهابية لديها بيئة حاضنة في منطقة عرسال، خلافاً لما كان البعض ينفيه. والخطورة انه اذا كان لهذه التنظيمات بيئة حاضنة في عرسال فمعنى ذلك انه توجَد بيئات حاضنة أخرى داخل لبنان.
ثانياً، بمقدار ما كان دور الدولة اللبنانية جانبياً في المعركة العسكرية، كاد هذا الدور ان يكون جانبياً ايضا في التسوية لولا المهمّة التي أدّاها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم.
وهذه التسوية يُرجّح ان تكون النسخة الاولى لتسويات أخرى في حال حصَلت معركة الجيش ضد تنظيم “داعش” في جرود رأس بعلبك والقاع، علماً انّ حصول تسوية معه اصعب ممّا هي مع “النصرة” التي لديها “عرابين” اقليميين، الامر الذي تفتقر اليه “داعش”.
ثالثاً، الفضيحة الكبرى هي في غياب الدولة اللبنانية المتعمَّد عن سابق تصوّر وتصميم، وقمّة الغياب كان في مجلس الوزراء الذي انشغلَ في جلسته امس بنقل القاضي شكري صادر من رئاسة مجلس شورى الدولة الى رئاسة غرفة في محكمة التمييز، على الرغم من أنّ ولايته لم تنتهِ بعد، عوض ان ينكبّ المجلس على مناقشة ملابسات معركة عرسال والأدوار التي جرت هناك وتلك التي لم تجرِ بعد.
وهذا الامر كان فاضحاً بحيث لم يتجرّأ أيّ وزير على إثارة ما جرى في منطقة الجرود ومَن خاضَ المعركة وأين كانت الدولة منها وما هو دورها، علماً انّ الامم المتحدة والمجتمع الدولي كانا ينتظران من مجلس الوزراء تفسيرات رسمية حول هذه االتطورات، وقد اثارَ هذا الامر استغرابَ المرجعيات الديبلوماسية في لبنان، أكانت عربية او دولية، ويمكن هذا ان يؤثّر في اتصالات لبنانية دولية ستحصل في الايام والاسابيع القليلة المقبلة.