أبدت مصادر وزارية لبنانية ارتياحها لمستوى الجاهزية للوحدات العسكرية في الجيش اللبناني المنتشرة بين بلدتي رأس بعلبك والقاع لتحرير المنطقة الجردية من تنظيم «داعش»، وقالت في حديث لصحيفة «الحياة»، إن قيادة الجيش أنجزت خطة عسكرية متكاملة تقوم على قضم الأماكن التي تتمركز فيها المجموعات الإرهابية بعد تقسيمها إلى مربعات أمنية.
وكشفت المصادر نفسها لـ«الحياة» أن الوحدات العسكرية باشرت منذ أيام قصف المنطقة وأن وتيرة حجم القصف المدفعي والصاروخي ارتفعت أمس في شكل ملحوظ تجاوزت استطلاع واستكشاف مواقع «داعش»، وقالت إنها باشرت في استخدام أسلحة غير مسبوقة كأنها أرادت توجيه رسالة لمئات المسلحين من «داعش» المتمركزين في الجزء اللبناني من الجرد، بأن كثافة النيران عينة لما سيكون عليه القصف في الأيام المقبلة فور تحديد ساعة الصفر لبدء عملية التحرير.
ونقلت المصادر عن مرجع أمني لبناني قوله إن «قضم المنطقة سيتم على دفعات وإنه لم يعد أمام «داعش» سوى الاستسلام أو الانتحار، خصوصاً أن الوحدات العسكرية باتت تسيطر بالنار على هذه المنطقة وتمكنت من سد كل المسارب على الإرهابيين».
ولفتت إلى أن لدى الوحدات العسكرية أسلحة متطورة قادرة الآن على تحويل الأماكن التي توجد فيها المجموعات الإرهابية إلى أرض محروقة، ونفت وجود مفاوضات مع «داعش» من أجل إخلاء المنطقة. وقالت إن قيادة الجيش تشترط معرفة مصير العسكريين المخطوفين لديه.
“المستقبل” من جهتها، قالت إنه على خلاف ما يعتقده البعض أو يُشيعه بأن معركة جرود القاع ورأس بعلبك التي يتحضر لها الجيش لمواجهة «داعش»، سوف تكون أسهل بكثير من تلك التي حصلت في جرود عرسال، فإن المعركة هناك سوف تكون أعنف وسوف تتخذ طابعاً شرساً خصوصاً بعد إنسداد أفق إنسحاب عناصر التنظيم باتجاه الأراضي السورية بعد سيطرة النظام السوري و»حزب الله» على البادية السورية واغلاق جميع المعابر التي كان يستمد عناصر «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك من خلالها، الدعم العسكري والتموين الغذائي. ولذلك تعتقد مصادر عسكرية أن المواجهة لو وقعت فعلاً، فلن تكون سهلة على الإطلاق بحيث لن يكون أمام العناصر الإرهابية إلا خياران لا ثالث لهما: إمّا المواجهة في أرض المعركة وهذا الأمر مصيره محسوم لصالح الجيش، أو تنفيذ عمليات إنتحارية ضد مواقع للجيش إن من خلال سيارات مفخخة أو أحزمة ناسفة.
وتشير المصادر نفسها إلى أن ما يُعطي المواجهة في جرود القاع ورأس بعلبك بُعداً قاسياً ويُنذر بوضع صعب، هو أنه ليس لعناصر «داعش» مخيمات ولا أهال يُمكن أن يخافوا عليهم أو أن يُقدموا بسببهم بعض التنازلات على غرار ما حصل في جرود عرسال، حيث انتهت العملية العسكرية بمفاوضات أفضت إلى خروج «النصرة» مع آلاف المدنيين. وهذا الأمر لا يُمكن أن يحصل في جرود القاع ورأس بعلبك إلا في حالة وحيدة وهي أن يطلب الإرهابيون تسليم أنفسهم للجيش تحت الضربات التي سوف يوجهها الجيش لهم، والتي من المتوقع أن تنتج عنها خسائر في صفوف «داعش» تفوق حجم النتائج والتوقعات المُرتقبة.
وفي ما يتعلّق بالمعلومات التي تحدثت عن تأجيل قائد الجيش العماد جوزيف عون زيارته للولايات المتحدة الاميركية، بسبب اقتراب إعلان ساعة الصفر للبدء بمعركة جرود القاع ورأس بعلبك، نفت مصادر عسكرية هذا الامر بشكل قاطع، مؤكدة انه حتّى الساعة، فان الزيارة سوف تبدأ في موعدها المحدد والمقررة في 12 آب الحالي، وهي تأتي في إطار الدعم المتواصل للمؤسسة العسكرية.
وفي السياق نفسه، نفت المصادر حصول أي تعاون عسكري بين الجيشين اللبناني والسوري في ما يتعلّق بطبيعة المعركة، وأن كل ما يُحكى من هذا القبيل، هو مجرد تكهنات خصوصاً وأن قيادة الجيش قد أعدّت خططها العسكرية بشكل يتناسب مع طبيعة المعركة ومع قدرات الجيش خصوصاً لجهة استخدام السلاح المناسب، والأهم الاعتماد على القوّة الذاتية وعلى معنويات الضبّاط والعناصر والجاهزية التي هي في حالة تصاعد دائم.
اليوم وبعد مرور ثلاث سنوات تقريباً على بداية الإحتكاكات والمواجهات العسكرية مع الجماعات الإرهابية في الجرود، يُمكن الجزم، بأن الجيش وصل إلى مرحلة يُمكن تسميتها بحسب مصادر عسكرية بـ»الأهم» و»الأنجح» في تاريخ العمل العسكري والأمني واللوجستي للمؤسّسة العسكرية في لبنان. ومن هذه الجاهزية الكاملة المبنيّة بشكل أساسي على مواجهة وصد أي محاولة لإختراق مساحات الامن التي فرضتها ألوية الجيش المُنتشرة في الجرود، يُمكن التأكيد أن كل ما يُحكى عن إنجازات وإنتصارات في مواجهة المُسلحين هناك، يعود الفضل فيها إلى الجيش الذي صمد وخاض المعارك الضروس طيلة الفترة الماضية والتي خسر خلالها خيرة ضبّاطه وعناصره.
من جهتها، أشارت أوساط إعلامية وسياسية لبنانية لصحيفة “العرب” اللندنية إلى أن التحالف الدولي قد يقدم الدعم الجوي واللوجستي للجيش اللبناني في المعركة الموعودة، ويتعزز هذا الاحتمال مع كشف المتحدث باسم البنتاغون إريك باهون، مساء الخميس عن وجود قوات خاصة أميركية داخل الأراضي اللبنانية