تم إحياء الذكرى الـ16 للمصالحة التاريخية في الجبل في قصر المير أمين في بيت الدين، وذلك في إحتفال تخلله اطلاق وثائقي عن المناسبة بحضور البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وشخصيات.
وفي هذا الاطار، ألقى وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة ممثلاً رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” النائب وليد جنبلاط كلمة قال فيها انّ الجبل قام من خلال المصالحة ويبقى ان يقوم لبنان، وأضاف: كان هناك محطات أساسية الى جانب محطة مصالحة الجبل وهي محطة وليد جنبلاط اقامة مصالحات في الجبل لكن الظروف الاقليمية والدولية لم تكن نضجت لذلك.
وتابع حمادة: يوم تم الانسحاب من الجنوب وانتصار لبنان على العدو الاسرائيلي عندها ارتأى الجميع منهم بكركي والنائب جنبلاط ان الوقت حان ليرفع لبنان عنه مظلة مثقلة جداً على مؤسساته واقتصاده ووحدته الوطنية فكانت صرخة المطارنة في قيادة البطريرك صفير.
ولفت الى أنّ تجاوب النائب وليد جنبلاط مع نداء بكركي وواجه التهديد الذي تعرض له في قلب مجلس النواب حيث قالوا له “انت لازم تُقتل ولازم نعلقلك مشنقتك” وذلك لأنه تجاوب مع بكركي.
وقال حمادة: من زنزانته كان الدكتور سمير جعجع يعمل على هذه المصالحة وهو لا يعلم متى سيُحرر وسيتحرر وجاءت الزيارة ولقاء المختارة ثم جاءت انتفاضة في 6 و 7 آب بعدما مر البطريرك صفير في الكحالة والقى خطابا مدويا استجاب له طلاب لبنان الذين قمعوا من أجهزة الوصاية لكنّ المسيرة استمرت رغم كل ما حصل من قمع واغتيالات وسجن ومحاكم غير موضوعية واليوم الجبل قائم وسيبقى.
من جهته، قال النائب جورج عدوان ممثلاً رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع: كانت مصالحة الجبل التي ستشكل انطلاقة لمصالحة لبنان وسيذكر التاريخ ان آخر صفحات الحرب الأهلية طويت بشجاعة وقناعة كاملة لأننا ابناء وطن واحد لا نريد بديلا سواه. وسيذكر التاريخ ان الجبل اسقط كل المتاريس الطائفية ليبدأ مسار الانفتاح والتلاقي والمحبة.
وأضاف: هذه المصالحة التاريخية تثبت ان المساحة الداخلية لها وزنها وتأثيرها وقدرتها على قلب الطاولة ومن الخطأ الاستسلام للتطورات الخارجية واهمال قدراتنا الداخلية. سيذكر التاريخ ان ارادة التلاقي بين اللبنانيين يمكن ان تكسر كل المحرمات وكل الرهانات على التباعد وكانت العبر التي يجب ان لا ننساها انه مهما كانت التضحيات من اجل السلم والمصالحة تبقى رخيصة امام مغامرات الدم والحرب.
وتابع عدوان: عندما تمت مصالحة الجبل لم يخش البطريرك صفير ولا اصحاب الهامات البيضاء ولا النائب جنبلاط ولا شباب القوات والتيار والكتائب والأحرار الوصاية والتهويل بل تحدوا الذات والسجن والتنكيل. وتوجه الى جنبلاط بالقول: شجاعتك جعلت من هذه المصالحة التاريخية واقعا ثابتا أكيدا نعيشه اليوم.
وقال: اليوم لا نحتفل بذكرى المصالحة التاريخية بل نحن هنا لنؤكد اننا نحياها في الصميم ونكرسها بالعيش الواحد بين الموحدين الدروز والمسيحيين والمسلمين في مشهد نريده متألقا ناصعا. ها نحن اليوم نجدد العهد والوعد، العهد لبطريرك الاستقلال الثاني ولبطريرك الشراكة والمحبة ونجدد العهد بالالتزام الذي لا عودة عنه بالمصالحة وبالتكاتف لحماية الجبل ومن خلاله كل لبنان من المتطرفين والمزايدين والمصطادين في الماء العكر كما من دعاة الفتنة.
وأضاف عدوان: ثابتون على خيارنا النهائي في تعزيز العيش الواحد وسنكمل الطريق مع المخلصين واهل الاعتدال والبصر والحكمة ونمضي قدما في تعزيز الدولة وحماية العيش الوطني. الوعد فلأهل الجبل باننا نبقى معا في السراء والضراء لنكمل مسيرة بناء الدولة والمؤسسات مسيرة السيادة والحرية العدالة والشفافية والاصلاح الحقيقي كي يعيش اللبناني لاي فئة انتمى بكرامة موفورة من دون تمنين من احد.
وتابع: اليوم الجبل بخير وعندما يكون الجبل بخير يكون لبنان بألف خير على رغم من بعض الثغرات والعراقيل والرهانات التي تتعدى حدود الوطن. لبنان يرفض التورط في حسابات المحاور وحسابات النفوذ الاقليمي وما يحصل في محيطنا يعنينا بقدر ما ينعكس من تداعيات على لبنان.
وختم عدوان: نحن مع خيار الدولة والدولة وحدها فهي الراعية الوحيدة للوحدة الوطنية ولا نريد الا سيادة الدلة عبر جيشنا البطل الذي وحده له ان يحمل السلاح ويدافع عن الحرية التنوع وعن اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم وقد اثبت انه مستعد وهو مستعد وجاهز في كل لحظة.
ثم ألقى البطريرك الراعي كلمة قال فيها انّ لا يمكن الفصل بين عيد سيدة التلة العجائبية عن ذكرى مصالحة الجبل التي جرت في مثل هذه الايام، واضاف: هذه المصالحة كانت هاجس البطريرك صفير منذ سنة 1990 لكن تحقيقه تعثر بسبب عراقيل ذكرها في مذكراته فكانت محاولات لتذليلها.
وتابع: شددنا أواصر المصالحة مع النائب جنبلاط وخصوصا مع عودة المسيحيين الى الجبل. اننا نعتبر أن المصالحة السياسية والاجتماعية قد تمت لكنها تحتاج الى استكمالها بالعيش معا جنبا الى جنب بثقة وتعاون اكبرين وهذا يقتضي ان تتضافر الجهود من قبلنا جميعا دولة وكنيسة ومجتمعا مدنيا ومسؤولين سياسيين بحيث يعمل كل من جانبه على توفير فرص عمل لسكان بلداتنا وقرانا بدءا من تحقيق التوازن في ادارات الدولة وصولا الى تعزيز الاقتصاد المنتج لاسيما الزراعي والخدماتي.
وأوضح الراعي انّ الكنيسة من جهتها تحافظ على مؤسساتها وتعمل على توسيع رقعة خدماتها بمؤازرة من المجتمع المدني وتساعد على استثمار اراضيها من جال تأمين اكبر قدر ممكن من فرص العمل ونطالب الدولة بتعزيز مؤسساتها في هذه المنطقة على اختلافها وتطبيق اللامركزية الادارية من اجل توفير فرص عمل بالمناطق ونطالبها بالمزيد من التحسين في بناها الحتية ونودعكم ايها المسؤولون السياسيون هذه المطالب.
وختم: سلامة لبنان من سلامة الجبل فلنعمل كلنا بارادة واحدة من اجل توفير هذه السلامة فيطيب عندئذ الاحتفال بهذه المصالحة كل سنة بكل أبعادها.