كتب ميشال نصر في “الديار”:
على وقع دوي اصوات القذائف والصواريخ في جرود القاع ورأس بعلبك التي تطال مراكز مسلحي الدولة الاسلامية في اطار الخطة التمهيدية التي وضعتها قيادة الجيش استعدادا للهجوم المرتقب لتحرير تلك الجرود بعدما بات امر انهاء وجود الجماعات الارهابية محسوما، تنتقل الانظار اليوم الى قصر المير امين الذي سيشهد نفضا للغبار عن مصالحة الجبل التي تعثرت اكثر من مرة والتي لم تنجح حتى الساعة في اعادة المسيحيين الى قراهم واقفال الملف نهائيا رغم كل ما صرف من اموال ودفع من تعويضات، عاد الحديث اليوم عن اسخدامها من جديد من قبل اطراف سياسية خدمة لمصالح انتخابية.
وفيما لم تحسم بعد مشاركة “اب” المصالحة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير ، الذي لن يغيب عن الكلمة التي سيلقيها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ،بحسب اوساط في الحزب، اكدت مصادر في رئاسة الجمهورية ان كل ما يحكى عن اشكالات حول منع تعليق صور لرئيس الجمهورية من قبل بلدية دير القمر هو غير دقيق نافية وجود اي خلفيات سياسية وراء ما حصل، مشيرة الى ان كل ما في الامر عملية نقل لبعض الصور من مكان الى آخر لاسباب تنظيمية، بعلم المعنيين بتنظيم الزيارة، داعية الى عدم تضخيم الامور واعطاء ابعاد سياسية للتشويش على الزيارة الرئاسية، خصوصا انها تاتي في ذكرى عزيزة على قلوب اللبنانيين واهل الجبل لانها كانت الفاتحة والانطلاقة لـ 14 آذار، مشددة على ان الرئيس العماد عون هو رئيس جمهورية كل لبنان وليس رئيس لاي حزب وبالتالي هو فوق النزاعات الضيقة والاصطفافات البلدية او غيرها وقد اظهر ذلك من خلال ممارسته، سائلة عن الجهات المستفيدة من رمي هكذا اشاعات، داعية الى عدم اعطاء طابع سياسي للزيارة “الابوية” وغير المرتبطة بأي حدث سياسي.
وحول الاستعدادات كشفت المصادر ان الدوائر المعنية في رئاسة الجمهورية تشارك بفعالية في التحضير ومطلعة على التفاصيل والجهود المبذولة من قبل المنظمين، الذين ارادوا ايصال رسالة للبنانيين جميعا للذكرى وللاتعاظ من الكلفة الغالية التي يتسبب بها الانقسام وكيف يحقق اللبنانيون الانجازات عند اتفاقهم وتوحدهم، معتذرة سلفا ،عن اي ازعاج قد تتسبب به الاجراءات الامنية المتخذة على طول الطريق الذي سيسلكه الموكب الرئاسي ،علما ان العماد عون اعطى توجيهاته الواضحة لحصرها في اضيق الحدود وتسهيل حركة المواطنين المنتقلين بين بيروت والجنوب وبالعكس،وكذلك للراغبين بالمشاركة في تلك المناسبة العزيزة على اهل الجبل .
ورات المصادر ان المناسبة تحمل بعدا وطنيا فهي قلبت صفحة سوداء من تاريخ لبنان الدموي، والتيار الوطني الحر برئاسة العماد عون يومها كان من اكثر المحبذين لها والداعمين، مذكرة بان مناصري التيار دفعوا يومها ثمن تلك المصالحة عبر حملة التوقيفات التي طالت مناصري الاحزاب المسيحية التي الصقت بقياداتها يومها التهمة الجاهزة بالعمالة لاسرائيل.
واشارت المصادر الى ان رئيس الجمهورية وفي اطار حرصه على امرار موسم سياحي ناجح وعدم التضييق على المواطنين من خلال الاجراءات التي ستتخذ لحمايته في حال انتقاله الى المقر الصيفي في قصر بيت الدين، والازعاج الذي قد تتسبب به الحركة التي ستشهدها المنطقة من خلال مواكب الزوار، قرر تاجيل “العطلة الصيفية” بضعة ايام لتسهيل حركة المهرجانات والاحتفالات التي تشهدها تلك المنطقة، والتي تبقى اولوية على ما عداها.
من جهتها اشارت مصادر اشتراكية ان محاولات البعض التشويش على الزيارة الرئاسية لن تنجح وان ما سيحصل هو عرس وطني في ذكرى جامعة تبقى فوق الخلافات والتموضعات السياسية، وهي قرار ثابت لا رجعة عنه للحزب الاشتراكي، معتبرة ان المناسبة ستشكل بالطبع فرصة للقاء رئيس الجمهورية بوليد بيك، مؤكدة ان لا كلام في السياسة بقدر ما ستكون الكلمات والمواقف ذات بعد وطني، مرحبة بالعماد عون رئيسا لاول مرة على ارض الجبل بين اهله، منوهة بقرار الرئيس الاستثنائي تقديمه مصلحة السياحة في المنطقة على انتقاله لقضاء العطلة الصيفية في بيت الدين.
اذا اليوم محطة جديدة على طريق تكريس مصالحة الجبل غير المكتملة والمعرضة للاهتزازات المتلاحقة نتيجة الانقسام السياسي والخيارات المتباعدة للاطراف الحاكمة لتلك المنطقة، والتي ستشكل الانتخابات النيابية المقبلة اختبارا جديدا لمدى ديمقراطية الاطراف التي ستخوضها على تلك الرقعة اللبنانية التي شهدت اقصى مشاهد الحرب واكثرها دموية.