كتب حسن سلامة في صحيفة “الديار”:
من الواضح ان كل القوى السياسية وبالاخص التي لها كتل نيابية وازنة في مجلس النواب الحالي، ليست مرتاحة منذ اليوم، لما يمكن ان تنتهي اليه الانتخابات النيابية في ايار المقبل، ولهذا تتحرك الكثير من هذه القوى منذ الوم، على قاعدة إما الحفاظ على نفس العدد الحالي لنوابها في البرلمان، او زيادة هذا العدد بما يمكنها من لعب دور اساسي ليس فقط داخل الحكومة وادارة شؤون البلاد، بل بشكل خاص بأن يكون لها دور كبير في الانتخابات الرئاسية المقبلة، خصوصاً ان بعض رؤساء هذه الكتل باتوا من اليوم مرشحين محتملين لرئاسة الجمهورية من وزير الخارجية جبران باسيل، الى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وكذلك رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وان كانت مقاربة الاخير للانتخابات الرئاسية تختلف عن باسيل وجعجع.
واذا كان المثل القائل «يخلق الله ما لا تعلمون» حتى ايار المقبل، فان مصادر سياسية متابعة لا تستبعد ان تدفع بعض القوى السياسية الى السعي لتأجيل الانتخابات مرة رابعة من تيار المستقبل الى قوى اخرى على خلفية اكثر من تبرير بينها:
1- ان تكون الاوضاع الاقليمية في مرحلة اعادة تركيب عدد من دولها، او ما يسمى حصول «سايكس بيكو» جديد او انتظار ما ستؤول اليه التسويات الكبرى.
2- ان تكون معطيات الواقع اللبناني غير مؤاتية لاجراء الانتخابات، خصوصاً ان مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع لا تستبعد حصول عدوان اسرائيلي على لبنان او حتى على جنوب سوريا، انطلاقاً من الادعاءات التي يطلقها قادة العدو حول خطر استمرار تسلح حزب الله بصواريخ بعيدة المدى سرّبت معلومات مؤخراً من ان الحزب يقوم بنفسه بصناعة صواريخ بعيدة المدى في داخل لبنان، كما ان ابعاد ما اعلنه رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو بعد لقائه الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون قبل ايام «من ان كيانه يرفض وقف اطلاق النار في جنوب سوريا» بحجة عدم اقتراب حزب الله وايران من الحدود مع الجولان المحتل، يؤشر الى نوايا عدوانية لدى «اسرائيل».
3- الدعوة لاعطاء وزارة الداخلية مزيداً من الوقت من اجل التحضير للانتخابات النيابية واعداد البطاقة الممغنطة، بحجة ان عملية الفرز واحتساب الاصوات في القانون الجديد معقدة جداً.
ولذلك، تقول المصادر المذكورة انه من غير المستبعد ان تدفع بعض القوى السياسية، بدءاً من «المستقبل» الى «اللقاء الديموقراطي» واخرين من اجل تأجيل الانتخابات، اذا اظهرت الوقائع والاستطلاعات ان هذه القوى ستخسر عدد لا بأس به من المقاعد في الانتخابات.
وانطلاقاً من ضبابية المشهد الانتخابي المقبل، ان على صعيد التحالفات او النتائج، فالتحضيرات بدأت في كثير من الدوائر الانتخابية، وان كانت صورة التحالفات في بعض الدوائر بدأت ترتسم ملامحها منذ الان، ففي جزين مثلا اعلن رئيس التيار الوطني الحر لائحة التيار التي تضم ثلاثة مرشحين عن القضاء وسينضم اليها في وقت لاحق مرشحين سنيين عن صيدا في مقابل لائحة ثانية من النائب السابق اسامة سعد وآل عازار، وفي طرابلس – المنية – الضنية بدأت ايضاً ترتسم ملامح التحالفات حيث تظهر المعطيات الى ارجحية تشكيل ثلاث او اربع لوائح، اولها يقودها تيار المستقبل والثانية يقودها الرئيس نجيب ميقاتي، بينما لم يحسم حتى الان اتجاه الوزير السابق اشرف ريفي، وما اذا كان سيتحالف مع ميقاتي، ام سيشكل لائحة ثالثة، بينما في دوائر بعلبك – الهرمل وصور – الزهراني وايضاً النبطية – مرجعيون – حاصبيا – بنت جبيل حيث تحالف الثنائي الشيعي مؤكد في الدوائر الثلاث.
الا ان ملامح التحالفات في معظم الدوائر الاخرى لا تزال ضبابية حتى الان، ان في دائرتي بيروت الاولى والثانية، وان في الشوف، عالية او كسروان – جبيل، وكذلك المتن وبعبدا وزحله والبقاع الغربي وعكار، وتشير مصادر نيابية الى ان المشهد الضبابي في هذه الدوائر مرده الى اكثر من سبب واعتبار اولى هذه الاسباب التصويت النسبي مع الصوت التفضيلي، وثانيها رغبة الفرقاء السياسيين الكبار في حصد اكبر عدد ممكن من المقاعد، من المستقبل، الى «التيار الوطني الحر»، الى «القوات اللبنانية»، وانتهاء بـ«اللقاء الديموقراطي».
ولذلك، يقول المصدر ان النتائج في هذه الدوائر غير الواضحة حتى الان هي التي سترجح كفة هذه اللائحة او تلك، وبالتالي توسس لتوازنات نيابية على مستوى المجلس، ومن ثم على مستوى الحكومة ومسار انتخاب رئيس الجمهورية.
ويتوقف المصدر في هذا السياق، عند ما حصل قبل ايام في لقاء المصالحة الذي حصل في الشوف برعاية البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي حيث يلاحظ مقاطعة التيار الوطني الحر ما يؤشر الى ان حصول تحالفات انتخابية بين التيار والقوات اللبنانية مسألة غير محسومة، بل ان الامور تنحو باتجاه تشكيل كل منهما لتحالفاته الانتخابية ليس في دائرة الشوف – عاليه، بل ايضاً في معظم الدوائر المشتركة التي سيخوضان فيها المعركة الانتخابية، كما سبق ذلك، اعلان الوزير جبران باسيل لائحة من ثلاثة مرشحين في دائرة جزين – صيدا مستبعداً القوات اللبنانية منها مما اثار انزعاج «القوات» كذلك بما يتعلق بالانتخابات النوعية في كسروان، المرجحة في ايلول ردت «القوات» على ما حصل في جزين باعلان تأييدها لترشح رئيس بلدية جبيل زياد حواط الذي قدم استقالته من رئاسة البلدية، في مقابل ترشيح التيار الوطني الحر للعميد المتقاعد شامل روكز.