كتب اسكندر شاهين في صحيفة “الديار”:
اذا كانت ورقة «اعلان النوايا» نجحت في طي صفحة سوداوية من العلاقة بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» وعبّدت الطريق امام الرئيس العماد ميشال عون للوصول الى الكرسي الاول، فان بعض المتشائمين يعرب عن خشيته من احتراق هذه الورقة التي جهد كل من النائب ابراهيم كنعان ووزير الاعلام ملحم رياشي على ارساء بنودها اثر ارتفاع وتيرة التباينات في المواقف بين التيار البرتقالي و«القوات اللبنانية» انطلاقاً من ملف المناقصات لاستجرار بواخر الكهرباء مرورا بالتعيينات ووصولاً الى الانتخابات النيابية المرتقبة، الا ان هذه الخشية لا تعبر عن الواقع القائم بين الطرفين وفق اوساط مواكبة لايقاعهما لا سيما وان حق الاختلاف بينهما ان دل على شيء على هامش من الجدية في مقاربة، الملفات كلا من الزاوية التي يراها اقرب الى المنطق الصحيح في الحفاظ على المصلحة العامة.
وتضيف الاوساط ان مقاطعة «التيار الوطني الحر» لاحتفال قصر الامير امين بمناسبة الذكرى 16 للمصالحة في الجبل اثارت سيلاً من الاسئلة وعلامات الاستفهام علماً ان «القوات اللبنانية» وجهت الدعوات لكافة الاطراف على الساحة المسيحية لحضور المناسبة، فهل الامر هو رد على عدم مشاركة رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» الغائب وليد جنبلاط للقداس الذي اقيم في سيدة التلة في دير القمر بحضور الرئيس عون واوفد نجله تيمور للمشاركة لاصابته بوعكة صحية، وما هو الهدف من مسارعة الرئيس امين الجميل الى مهاجمة المناسبة متهماً «القوات» بمحاولة اختزالها بمظاهر فولكلورية، معلناً انه هو المؤسس والممهد لمصالحة الجبل اثر عودته من منفاه الباريسي عبر لقاءات جمعته مع جنبلاط في بكفيا والمختارة.
وتشير اوساط مقربة من القوات الى ان ما اثار «التيار البرتقالي» والجميل ورمي تهمة تحويل المناسبة الوطنية الى بازار انتخابي على «القوات اللبنانية» ليست في مكانها الصحيح، فاذا كان جنبلاط قد قاطع قداس سيدة التلة لاصابته بصداع، فما دخل القوات في ذلك كونه من المعروف ان جنبلاط متوجس من عون وان عودته من المنفى اصابته بصداع نصفي عبر عنه يوم اطلاق مقولة «التسونامي» فلا عجب ان يصاب بصداع كامل مع دخوله الى دير القمر وحضور قداس المصالحة الذي ترأسه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الذي بارك رئيس الجمهورية دون ان يتحدث في عظته عن المصالحة لا من قريب ولا من بعيد.
وتقول الاوساط ان التناغم الحاصل بين «القوات اللبنانية» وجنبلاط هو بيت القصيد وسبب الانزعاج لدى التيار البرتقالي، فمنذ الخلاف على القانون الانتخابي الذي ولد بعملية قيصرية وقفت «القوات» الى جانب جنبلاط عن قناعة كون البعض اراد محاصرته وعزله، لا سيما وان عزل اي فريق سيعيد عقارب الساعة الى الوراء لان شرارة الحروب اللبنانية انطلقت يوم عزل حزب «الكتائب اللبنانية»، واذا كان الرئيس الجميل يعتبر ان جنبلاط و«القوات» اختزلا المصالحة بمظاهر فولكلورية. فانه كمن يغطي «السموات بالقبوات» كونه من المعروف ان الحرب الاهلية في الجبل كان الحزب «الاشتراكي» و«القوات» اللاعبين الاساسيين في ميدانها وحصار دير القمر وصمود جعجع فيها من معالمها البارزة، وان «الكتائب» في تلك المرحلة لم تكن موجودة على الصعيد العسكري اثر خروج «القوات اللبنانية» من رحمها التي جمعت كافة المقاتلين المسيحيين تحت رايتها، ما عدا جماعة الرئيس الجميل الذين آثروا التخندق في المتن الشمالي، فاذا انحصرت المصالحة «بالقوات» و«الاشتراكي» فهذا امر بديهي كونها مصالحة طرفين تقاتلا ايام الحروب الاهلية في وقت لم تشارك اطراف مسيحية فيها.