Site icon IMLebanon

هل سيستعمل ترامب السلاحَ النووي ضدّ كوريا الشمالية؟

 

كتب مسعود المعلوف في صحيفة “الجمهورية”:

كيف دخلنا فجأةً في حالٍ من التخوّف المشروع من احتمال نشوب حرب نوويّة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأميركية؟ أيّ تطوّرات استجدَّت لتخلق هذا التوتر الشديد؟سببُ ذلك يعود الى نبأٍ حول اقتراب كوريا الشمالية من اقتناء صواريخ عابرة للقارات وإمكانية تحميل هذه الصواريخ رؤوساً نووية قد تطاول الأراضي الأميركية.

ردة فعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب العفوية النارية على هذه الأنباء التي سُرّبت الى صحيفة «الواشنطن بوست» تضمَّنت تهديدات مباشرة لكوريا الشمالية مع تلميح مبطّن باستعمال السلاح النووي ضدها في حال تجرّأ الرئيس الكوري على تهديد الولايات المتحدة.

الجهاز العسكري الكوري لم يتأخّر في ردّه عبر توجيه تهديد مباشر وشديد الوضوح بأنّه قد يُوجّه صواريخه نحو جزيرة غوام في المحيط الهادئ والتي هي أرض أميركية تبعد 3500 كيلومتر الى الجنوب الشرقي من كوريا والتي فيها قواعد بحرية وجوية أميركيّة وسكانها مواطنون أميركيون، مع العلم أنّ هذا التهديد تضمَّن أيضاً عبارات مهينة للرئيس ترامب.

سلسلة التهديدات المتبادلة تسارعت بوتيرة مرتفعة ممّا يجعل نشوبَ حرب تُستعمل فيها الأسلحة النووية أمراً ممكناً، خصوصاً أنّ بعض الأصوات في الولايات المتحدة يدعو علناً لضربة وقائية على كوريا الشمالية لمنعها من الحصول على الصواريخ العابرة للقارات وعلى الأسلحة النووية.

بصرف النظر عن مشروعية أو عدم مشروعية اقتناء كوريا الشمالية سلاحاً نووياً، ما هي احتمالات نشوب حرب الآن بينها وبين الولايات المتحدة، علماً أنّ أيّ حرب قد تنشب بين هاتين الدولتين لا بد أن يُستعمل فيها السلاح النووي لأنّه الوسيلة الوحيدة التي قد تمكّن كوريا من ردع أميركا عنها؟

هنالك مؤشرات واضحة يُستنتج منها أنّ نشوبَ الحرب قريباً أمرٌ محتمل:

من جهة ثانية، هنالك اعتبارات كثيرة تشير الى صعوبة نشوب حرب بين هاتين الدولتين.

فمن جهة إنّ كوريا الشمالية دولة لا يتعدّى عدد سكانها 26 مليون نسمة بينما الولايات المتحدة تُعَد نحو 325 مليوناً، فضلاً عن مساحتها الشاسعة، ولذلك إذا كان عمل عسكري نووي من قبلها قد يؤدّي الى تدمير مدينة أميركية صغيرة فإنّ ردة الفعل الأميركية من شأنها أن تقضي نهائياً على كوريا، ممّا يعني أنّ اعتداءَ كوريا على الولايات المتحدة هو بمثابة عمل انتحاري ليس إلّا.

ومن جهة ثانية هنالك مؤشرات أخرى يُستنتج منها بوضوح صعوبة نشوب حرب إلّا في حال حصول خطأ جسيم أو سوء تقدير من أحد الجانبين وأهمّها:

وإذا كانت هذه المعطيات تشير الى قلّة احتمال نشوب حرب نووية في المستقبل المنظور بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، فإنّ الأزمة القائمة حالياً بين الدولتين ينبغي إيجاد حلّ لها بأقصى سرعة لكي لا تستفحل ولكي لا تتطوَّر الأمور بحيث تصبح الحرب المخرجَ الوحيد، ولذلك لا بد من قيام المجتمع الدولي بالضغوط اللازمة على طرفي النزاع للبدء بتخفيف لهجة التهديدات ولإيجاد إطار صالح للحوار يؤدّي الى الحلّ المنشود.

إنّ أيّ حرب نوويّة قد تنشب بين هاتين الدولتين لن تقتصر عليهما فقط، بل إنها ستعني قسماً كبيراً من البشرية نظراً الى الدمار الشامل الذي سينتج عنها، لذلك على الأمم المتحدة التي أجمَع مجلسُ الأمن فيها على فرض عقوبات على كوريا الشمالية بقرارات إجماعية متتالية منذ العام 2006، وآخرها القرار 2371 بتاريخ 5 آب من العام الجاري، أن تبذل كلّ المساعي الممكنة في هذا السبيل، علماً أنّ الصين يمكنها أن تلعب دوراً كبيراً في الضغط على كوريا الشمالية، إذ إنّ أكثر من 80 في المئة من التجارة الخارجية الكورية، استيراداً وتصديراً، هي مع الصين، لحملها على التخلّي عن برنامجها النووي والصاروخي لقاء ضمانات أكيدة لسلامة أراضيها واستمرارية نظامها ورفع العقوبات عنها، خصوصاً أنّ الصين لا ترى بعين الرضى قيام دولة نووية على حدودها لأنّ دولاً مثل كوريا الجنوبية واليابان سوف تسعى الى سلوك الطريق نفسها ممّا سيخلق جواً من عدم الاستقرار في محيطها، ناهيك عن الخطر الذي سيشكّله ذلك عليها.

كذلك تقوم الدول الغربية من جهتها بالسعي الى حمل الولايات المتحدة على سلوك طريق الحوار والتفاوض والإبتعاد عن لهجة التهديد والعقوبات.