كتب رضوان الذيب في صحيفة “الديار”:
كان لافتا كلام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط استعداده للتحالف مع الجميع من اقصى اليسار الى اقصى اليمين، ودون اي محرمات، مع القوات والتيار والكتلة الوطنية والاحرار والكتائب وكذلك مع حزب الله وحركة امل ومع المستقبل والجماعة الاسلامية والمستقلين وغيرهم لتأمين افضل الأجواء لانتقال هادئ للزعامة من الاب الى الابن من دون اي دعسة ناقصة قد تؤثر على مسار الانطلاقة الجديدة للزعامة الجنبلاطية التي انتقلت بالتوريث ومنذ 300 سنة، من الاب الى الابن ولكنها شهدت انعطافة تاريخية في نهج العائلة السياسي مع الشهيد كمال جنبلاط الذي نقل الارث السياسي لآل جنبلاط من رحاب العائلة والطائفة الدرزية الى رحاب الوطن والعروبة وفلسطين ومعه بدأ نهج سياسي جديد ترك بصماته على لبنان ودول عربية.
لكن البارز في كلام جنبلاط وحسب مصادر درزية تجاهله للحزب الديموقراطي اللبناني برئاسة الامير طلال ارسلان والتحالف معه، وهل هذا التجاهل مجرد «سهوة» او رسالة مقصودة لارسلان بان القانون الانتخابي الجديد لا يسمح باي ثنائية. وكل شخص «يدبر راسو»، وبالتالي حصول معركة درزية – درزية في عاليه والشوف وحاصبيا وراشيا وبعبدا وبيروت على المقاعد الدرزية خصوصا ان القانون الجديد يسمح لارسلان بتمثيل درزي نيابي بدون «منّة» من جنبلاط وغيره.
وحسب المصادر ايضا، كان لافتاً تجاهل جنبلاط للحزبين السوري القومي الاجتماعي والشيوعي اللبناني، وهذان الحزبان لهما تواجد فعلي في دائرة الشوف وعاليه، واذا تحالف ارسلان مع الشيوعي والقومي وفاعليات تصبح لمعركة الشوف وعاليه حسابات اخرى وامكانية الخرق باكثر من مقعد درزي وغيره، خصوصاً ان هناك اكثر من 6000 ناخب شيعي لا يمكن ان يتخلوا عن ارسلان والقومي وحتى الشيوعي مهما كان حجم الغزل الحالي بين حزب الله والاشتراكي، علما ان تجاهل جنبلاط لرئيس تيار التوحيد العربي وئام وهاب مسألة طبيعية في ظل معارك «داحس وغبراء» بين الرجلين ولقائهما من رابع المستحيلات.
الاوساط الدرزية توقفت عند كلام جنبلاط جيدا وتجاهله للحزب الديموقراطي برئاسة ارسلان رغم ان العلاقات اكثر من ودية بين الطرفين حالياً والاجتماعات الدرزية متواصلة لكن هذا لا يخفي استياء جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي من دور وزارة المهجرين والاموال التي توزع على قرى جبلية، «خمسة ملايين للشخص». ويشرف على التوزيع الحزب الديموقراطي وارسلان، وقد ضغط الرئيس ميشال عون لتأمين الاموال لارسلان في الوزارة كما ان الرئيس سعد الحريري، لم يكترث كثيرا لاعتراضات الاشتراكيين ووافق على اعطاء الاموال للمهجرين على ان يشمل التوزيع مناطق في بيروت وطريق الجديدة.
وفي معلومات اخرى، انه لا خلافات بين جنبلاط وارسلان، ومتفقان على تشكيل لائحتين في الجبل مع توزيع مدروس للاصوات لمنع حصول خرق درزي عبر رئيس تيار التوحيد العربي وئام وهاب ومنعه من الحصول على نسبة من الاصوات تؤهله للاختراق مستفيدا من النسبية والصوت التفضيلي، علماً ان وهاب بدأ العمل لتشكيل لائحة ثالثة تشغل بال ارسلان وجنبلاط، ولذلك فالزعيمان الدرزيان محكومان بالتوافق لان وهاب ينتظرهما على الكوع، ولذلك لا يمكن ان يخوض جنبلاط وارسلان معركة داخل البيت الدرزي قد تؤدي الى مفاجآت، خصوصاً ان المتغيرات الحالية كبيرة وسوريا حليفة وهاب تجاوزت القطوع، وهذا لن يمر بدون ثمن في السياسة.
كما ان الظروف التي توافرت لوليد جنبلاط لا يمكن ان تتوافر لزعيم درزي منذ وصول الدروز الى السواحل اللبنانية منذ ايام الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور للدفاع عن الثغور الاسلامية بوجه الصليبيين. وهذه العوامل جعلت مجد جنبلاط الدرزي والوطني يفوق مجد فخر الدين والتنوخيين عند الدروز وحصلوا في عهد جنبلاط على امتيازات لم يحلموا بها في تاريخهم بفضل الانحياز الكامل للرئيس الراحل حافظ الاسد لوليد جنبلاط الذي اعطاه حق «الفيتو» على كل القرارات وبات اللاعب الاول.
لكن الظروف تغيرت الان كليا مع ضعف سوريا. وجنبلاط يعترف في مجالسه بهذا الامر، وبالتالي فان ظروف تيمور جنبلاط ليست كظروف وليد جنبلاط ولذلك فان جنبلاط سيعمل لتأمين كل ما يريده تيمور جنبلاط ومنع زكزكته.. درزيا وهذا يفرض التوافق مع اراسلان وربما استمرار عمل فريق وليد جنبلاط «المتمرس» الى جانب تيمور جنبلاط، رغم اعتراف وليد جنبلاط ان التغيير سيكون بنسبة 70% وقد بدأ من اقليم الخروب باستبدال علاء ترو، ببلال العبد الله لكن البعض يقر ان هذا التغيير مرتبط برسالة ايجابية من جنبلاط الى سعد الحريري المقطوعة علاقته مع علاء ترو. كما ان العلاقة بين ترو والمستقبل متوترة والتطبيع مستحيل وربما التسوية بين الحريري وجنبلاط قضت باستبعاد ترو ونائب المستقبل محمد الحجار والمجيء بشخصيتين جديدتين.
اما بالنسبة لغازي العريضي واكرم شهيب ووائل ابو فاعور فهناك مئات الخبريات والتسريبات، عن تغيير سيطال الجميع، لكنه لم يصدر عن وليد جنبلاط اي كلمة بعد، ولعبة حرق الاعصاب ستستمر رغم اعلان الحزب الاشتراكي اطلاق ماكنته الانتخابية برئاسة هشام ناصر الدين وعضوية ظافر ناصر وهادي ابو الحسن تحت شعار «ماض مجيد ومستقبل واعد وقيادة وطنية مستمرة» علماً ان الماكينة الانتخابية الاشتراكية كان عملها محوريا وطليعياً في كل الدورات الانتخابية وقارعت الماكينات الحزبية لمعظم القوى عبر احصاءات دقيقة وحركة فاعلة ساهمت بالانتصارات.
الماكينة الاشتراكية انطلقت واولى خطواته عقد ندوات لشرح القانون الانتخابي وكيفية الاقتراع. والترشيحات ستتوالى تباعاً لكن النائب الدرزي الوحيد الذي حفظ مكانه هو النائب انور الخليل في حاصبيا بدعم مطلق من الرئيس بري وموافقة جنبلاطية مع كل ما يطلبه رفيق الدرب والسلاح.