كتب ميشال نصر في صحيفة “الديار”:
“من الزيارات الوزارية الى سوريا وما تطرحه من جدلية سياسية وقانونية، الى جلسات مجلس الوزراء المتعثرة مع ارتفاع نسبة الوزراء المغادرين للجلسات احتجاجا، تبقى تطورات الاوضاع والاستعدادت لتصفية وجود «تنظيم الدولة الاسلامية» العسكري على الجبهة الشرقية من جرود رأس بعلبك- القاع – الفاكهة وصولا الى جرود عرسال، محط اهتمام اللبنانيين والمتابعين في الداخل والخارج، في ظل المتابعة الدقيقة للمشهد السياسي المتحرك على وقع لعبة شد حبال في الوقت الخطأ في ضوء ما يتجمع من غيوم ملبدة في السماء اللبنانية.
فمع مواصلة الوحدات العسكرية تقدمها في اتجاه عمق المنطقة التي يحتلها مسلحو «داعش» محققةً مزيداً من قضم مواقع استراتيجية من دون الاعلان رسمياً حتى الان عن بدء ساعة الصفر لمعركة تحرير الجرود، نجحت قوى الجيش في التقدم حوالى 6 كيلومترات محكمة الطوق من جهة وادي حميد والملاهي مقفلة بشكل كامل الثغرة التي طالما حاولت داعش استغلالها للتسلل باتجاه بلدة عرسال التي تشكل نقطة حيوية لها.
واذا كانت خطة الجيش المزدوجة قد باتت معروفة، اذ تقوم بالتوازي في مرحلتها التمهيدية على قصف مدفعي عنيف ومركز بالمدفعية الثقيلة من عيار 155 ملم وراجمات الصواريخ من نوع غراد، والقذائف الذكية القادرة على خرق التحصينات والتي تسلمها الجيش حديثا،فضلا عن الغارات الجوية التي تنفذها طوافات سلاح الجو اللبناني، من جهة، واستراتيجية قضم المناطق من جهة الثانية والتي بدأت منذ عشرة ايام مع انسحاب عناصر جبهة فتح الشام، تؤكد مصادر قريبة من اليرزة ان الخطط العسكرية الموضوعة خاضعة للمراجعة الدورية وقد وضعت بطريقة تسمح بتعديلها وفقا لمقتضيات التطورات الميدانية في ظل اعتماد سياسة المراحل،مرتكزة الى مبدأ تحقيق الاهداف باقل كلفة بشرية ومادية، وهو ما ظهر جليا في عملية الاربعاء، حيث كانت النتيجة اربعة جرحى اصاباتهم خفيفة ناتجة عن الطبيعة الجغرافية للارض، اذ تمكنت القوة المهاجمة من الوصول الى مسافة 16 كلم في عمق المنطقة المحتلة والاشتباك مع قوة داعش ما ادى الى مقتل كامل افراد الموقع ومن بينهم احد ابرز القادة الميدانيين.
وتتابع المصادر لذلك كان القرار باعتماد استراتيجية قتالية خاصة تتلاءم وبقعة العمليات، تمزج بين مجموعة من انواع القتال، داعية اللبنانيين الى الصبر لان المطلوب تحقيق الانتصار وتحرير الارض لا التسرع.
وحول خطة «داعش» الدفاعية، تكشف المصادر ان التنظيم لم يكشف حتى الساعة عن خططه للتحرك، وذلك امر طبيعي نتيجة عدة عوامل اولها،ان الالتحام المباشر والمعركة الاساسية لم تبدأ بعد، وثانيا لان الضربات الارضية والجوية التي يتعرض لها شلت حركة مقاتليه الذين باتوا سجناء جحورهم ال 37، كاشفة عن نجاح الجيش في اختراق تلك المجموعات استخباراتيا وان الاستعلام العسكري من الجو والبر والرقابة التي تؤمنها طائرات السيسنا والطائرات المسيرة عن بعد سمحت بتامين كم وافر من المعلومات عن الانتشار الاساسي لتلك الجماعات”.