كتب علي داود في صحيفة “الجمهورية”:
تراوح المعارك في مخيم عين الحلوة مكانها والكلمة للحسم العسكري الذي بات مطلباً قيادياً وشعبياً فلسطينياً. وفي اليوم السادس، أحرزت حركة «فتح» تقدّماً الى منتصف حيّ الطيري وتمركزت في الجزء الذي سيطرت عليه، فيما تراجع الإرهابيون من جماعة بلال بدر وبلال العرقوب الى قاعة عرب زبيد في آخر الطيري والى الصفصاف.عاود الإرهابيون بعد ظهر أمس، إطلاق النار والقذائف الصاروخية على قاعة سعيد اليوسف الاجتماعية في الشارع الفوقاني بعدما كان قد ساد جوٌّ من الهدوء الحذر، كما شنّوا هجوماً داخل حيّ الطيري لاستعادته من «فتح»، ودارت اشتباكات عنيفة بينهما، ما يعني عدم التزامهم بوقف إطلاق النار بعدما أصيب لهم 9 قياديين بينهم بدر شخصياً وعولج.
من جهتها، عثرت «فتح» في منزل بدر، خلال دخولها الجزء الذي استعادته من حيّ الطيري، على علم «داعش» وعلى أمتعة عسكرية من جعب وثياب ومقصّات وبقايا طعام وأسلحة صاروخية وقواعد لإطلاق قذائف «لانشر» و«أر بي جي» وثياب داخلية نسائية، كما دخلت الى منزل أهل بدر والى منزل عمر الناطور وعثرت على صورته المعلّقة على الجدار وهو يحمل سلاحاً، كما عثرت على سكاكين كبيرة من الممكن أنهم كانوا سيستعملونها في ذبح مَن يقع بين أيديهم من أسرى «فتح»، إضافة الى مطرات مياه معبّأة وأحذية عسكرية، ورايات داعشية.
وأبلغت مصادر أمنية «الجمهورية» أنه «مع انتهاء معركة الجيش في الجرود، لن يبقى في لبنان إلّا الإرهابيّون التكفيريّون في مخيم عين الحلوة والمخيمات الأخرى، من هنا تلقت قيادات فلسطينية عليا من مراجع لبنانية أمنية إشارة وضوءاً من الأجهزة الأمنية اللبنانية بضرورة عدم ترك الأمور سائبة لأنّ المخيم بات على فوهة بركان ويجب تنظيفه من هذه المجموعات خشيةً من مصير أسود وقاتم، من هنا اتّخذت «فتح» قرارها بالحسم ودكّت معاقل الإرهابيين في حيّ الطيري وحقّقت تقدّماً».
وأضاف المصدر أنّ «قرار «فتح» أدّى الى استنفار الارهابيين في أحياء أخرى، فتحصّنوا واستعدّوا، لذلك استقدمت «فتح» مزيداً من العناصر من مخيمات الجنوب، وهي بصدد إقامة غرفة عمليات عسكرية لإدارة المعركة بشكلٍ واسع للقضاء على هذه المجموعات أو الطلب إليها الاستسلام لتسليمها للدولة اللبنانية، وهو الخيار الأخير أمامهم لأنّ الدولة اللبنانية لا تقبل ارتفاع نسبة التوتر في المخيم وانطلاق الشرارة منه الى الجوار».
وكان الإرهابيون تجمّعوا ليل أمس في حيّ الصفصاف بعد تلقّيهم رسالة صوتية من أمير الرقة في «داعش» الإرهابي أبو قتادة الشامي، يدعوهم فيها الى الثبات والاستمرار في المعركة، وقالت معلومات إنّ العرقوب رفض أمس وقف النار وأطلق النار مع قذائف صاروخية من آخر حيّ الطيري.
وأكدت مصادر فلسطينية أنّ حركة «فتح» تقدّمت في حيّ الطيري جنوباً لجهة حيّ الصحون وشرقاً لجهة بستان الطيار، وتموضعت فيه.
من جهته، جال قائد الامن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي ابو عرب في جبل الحليب، وحيَّي الصحون والطيري حيث تفقّد مواقع القوة الفلسطينية المشترَكة ومواقع الامن الوطني الفلسطيني، واطّلع على الوضع الميداني، مثنياً على أداء القوة المشترَكة والامن الوطني في التصدّي للمجموعات التكفيرية المجرمة التي تعمل وفق أجندات خارجية، وبعيدة من نسيجنا الوطني الفلسطيني.
من جهته، نفى المسؤول الإعلامي للأمن الوطني الفلسطيني في لبنان النقيب عصام الحلبي لـ»الجمهورية» ما ردّده الإرهابيون في مخيم عين الحلوة على وسائل التواصل الاجتماعي من أن يكونوا استهدفوا أبو عرب خلال زيارته حيّ الطيري مع قيادات «فتح» والأمن الفلسطيني، معتبراً أنّ هدف هذا الخبر التأثير في معنويات جنود الأمن الوطني ومقاتلي «فتح»، وهو ما نفاه أبو عرب بنفسه في اتصال مع «الجمهورية». ونتيجة الاشتباكات أصيب لؤي خالد مرافق أبو عرب بجروح طفيفة.
وأشارت مصادر فلسطينية الى وصول تعزيزات بشرية ولوجستية الى حركة «فتح» من مخيمات بيروت والجنوب، وقيامها بأعمال تدشيم بهدف الحسم العسكري النهائي.
وبعدما قبضت «فتح» على وليد عياض الحسين، وهو أحد عناصر بدر، وسلّمته الى مخابرات الجيش للتحقيق، إعترف أنّ الإرهابيين تجمّعوا للقتال لأنهم يعتبرون أنّ المعركة «يا قاتل يا مقتول»، وأنهم يملكون معلومات بأنّ إجهاز الجيش و»فتح» عليهم سيكون بعد الانتهاء من معركة الجرود، وأنّ تعليمات جاءتهم من «داعش» في الرقة بالبدء بمعركة عين الحلوة وإشعال المخيمات للتخفيف عن «اخوانهم» في الجرود.
وذكرت مصادر أمنية وفلسطينية أنّ الإرهابي شادي المولوي هو مَن يقود المجموعات الإرهابية في حيّ الطيري، وأنه مَن يرفض تطبيق وقف النار، خصوصاً أنه تلقّى اتصالاً من أبو مالك التلي طالباً إشعالَ جبهة عين الحلوة وإلقاءَ قنابل على الجيش اللبناني المنتشر في محيطها.
وكانت وصلت معلومات الى المخيم تفيد أنّ التلي أرسل أموالاً الى المولوي وبدر والعرقوب لتسعير المعركة تزامناً مع معركة الجرود، وأنّ مَن نقلن المال هنّ منقّبات فلسطينيات ينتمين الى «جبهة النصرة» بمعدل 5 آلاف دولار لكل قيادي وألفي دولار للعنصر الذي يقاتل مع بدر، وأنّ الإرهابيين أقاموا غرفة عمليات عسكرية في جامع الصفصاف وأخرى طبّية الى جانبها تحت الدرج لمداواة الجرحى، فيما تتكفّل النسوة بتجهيز الأكل والماء للإرهابيين المقاتلين.
«فتح» و«حماس»
وفي السياق عقدت قيادتا «فتح» و«حماس» اجتماعاً في حضور سفير دولة فلسطين أشرف دبور، لمتابعة الأوضاع الأمنية. وأشار بيان مشترك الى «ضرورة مواجهة التطرّف والمخلّين بالأمن وأدوات الفتن في المخيم، والعمل بموقف وطني موحّد، وجهد مشترَك وجماعي يحقق مصالح شعبنا وأمنه واستقراره من جهة وأمن الجوار من جهةٍ أخرى».
وتمّ الاتفاق على «مواصلة الإجتماعات الثنائية ومع بقية الفصائل الوطنية والقوى الإسلامية لضمان تثبيت الأمن في المخيّم وبلسمة جراح أهلنا فيه». وثمّن المجتمعون «جهود الأخوة في القيادة السياسية في منطقة صيدا لجهة المتابعة الحثيثة للأحداث في المخيم والعمل الدؤوب لتثبيت الأمن والاستقرار فيه».