كتب شربل الأشقر في صحيفة “الديار”:
بعد تحرير جرود عرسال من «جبهة النصرة» التكفيرية من قِبل المقاومة الإسلامية أعلن قائد الجيش العماد جوزيف عون عملية «فجر الجرود» لتحرير جرود رأس بعلبك وجرود القاع من تنظيم «داعش» الإرهابي بتأييد سياسي وشعبي كامل.
مضى على بدء العملية خمسة أيام سطّرخلالها الجيش ملاحم بطولية لتحرير أرض الوطن رغم ضريبة الدم التي يدفعها عناصِرَهُ بالإستشهاد وبالعسكريين الجرحى الذين يتوقون للشفاء بأسرع وقت للعودة إلى ميدان المعركة، وهذِهِ دلالة واضحة على المعنويات المرتفعة للعسكريين.
أمّا على الصعيد الداخلي فمعارك من نوع آخر، إقتصادية، سياسية وإنتخابية . فقد وقّع رئيس الجمهورية منذ يومين على قانوني سلسلة الرتب والرواتب والضرائب الجديدة مع بعض التعديلات مع ما سيترتب على إقرار القانونين من تداعيات على الصعيدين الاقتصادي والمالي كما على القطاعين الخاص والعام وما نتج عنهُ من تأييد ورفض. أمّا ما هو مؤكد من قِبل الجميع أنّ سلسلة الرتب والرواتب هي حق مقدّس لأصحابها أمّا الخلاف يبقى على الضرائب وعلى العملية الإصلاحية الضرورية في إدارات الدولة كما ومحاربة الفساد السياسي والإداري.
أمّا على الصعيد السياسي فيؤكد مصدر مطلع أنّ هنالك شبه إجماع خاصة من قبل الرئيس ميشال عون والرئيس الحريري والقوات اللبنانية على عدم إجراء الانتخابات النيابية الفرعية في كسروان وطرابلس مع ما يشكِلُهُ هذا القرار من خرق واضح للدستور الذي أقسم رئيس الجمهورية على إحترامُهُ. ولهذِهِ الغاية يحاول الأفرقاء تمرير الوقت من أجل تخطّي المهلة الدستورية وهي ستة أشهُر قبل إجراء الانتخابات العامة في أيار 2018.
أمّا عن الأسباب فيقول المصدر أنّ تيار المستقبل لا يريد المجازفة بكشف تدني شعبيتهُ في طرابلس عبر خوض معركة إنتخابية مبكّرة مع الرئيس نجيب ميقاتي الذي يتمتع بشعبية كبيرة في عاصمة الشمال، ولا مع اللواء أشرف ريفي الذي فازت لائحَتَهُ في آخر انتخابات بلدية، وذلك قبل ستة أشهُر من الانتخابات العامة التي يُعَول عليها تيار المستقبل لنيل أكبر عدد ممكن من النواب خاصة أنّ من موقِعَهُ الحالي في السلطة يمكِنُهُ تقديم خدمات لأهالي طرابلس.
ويضيف المصدَر أنّ رغم الخدمات التي ستقدّم لعاصمة الشمال فإنّ الرئيس ميقاتي واللواء أشرف ريفي قد نسجا شبكة علاقات متينة جداً مع فاعليات وأهالي طرابلس تمكّنهما من فرض نواباً خاصة في حال تحالف كل من الرئيس ميقاتي والرئيس الحريري .
أمّا في كسروان يضيف المصدر ان أبرز المرشحين في حال إجراء انتخابات فرعية، فهما العميد شامل روكز والشيخ فريد الخازن. فإذا كانَ العميد روكز يتمتع بشعبية كبيرة جداً نظراً لماضيه ومناقبيتَهُ العسكرية كقائد سابق لفوج المغاوير وهو مدعوم من رئيس الجمهورية، فإن الخازن ينطلق من قاعدة عائلية عريقة في كسروان كما في رصيدِهِ الكثير من الخدمات لأهالي منطقَتَهُ. أمّا القوات اللبنانية فلم تحسم خيارُها بعد رغم تقاربها من المهندس نعمة إفرام الذي ما زال موقفهُ من الترشح للإنتخابات الفرعية غامض رغم تأكيد المقربين منهُ أنّهُ غير مرشح .
ويتساءل المصدر إن كانَ الرئيس عون مُستعد لخوض مغامرة الفرعية بصهرِهِ العميد شامل روكز قبل الانتخابات العامة في آيار 2018 دون دعم واضح وصريح من القوات لروكز؟ ويتابع المصدر أنّهُ دستورياً ما زال لوزير الداخلية أقَلهُ شهران لتقديم لمجلس الوزراء دعوة الهيئات الناخبة لكي توافق الحكومة على صرف الإعتمادات. أمّا في حال عدم إجراء الانتخابات الفرعية فيكون العهد خالف المادة 41 من الدستورالتي تقول «إذا شغر المقعَد يجب الشروع».
أمّا فيما يخص القانون الجديد للإنتخابات فيقول المصدر أن هنالكَ بعض الأطراف تريد إجراء تعديلات عليه لضمان حصولها على أكبر عدد من المقاعِد النيابية. وما زالت بعض القوى خاصة التيار الوطني الحر تشعُر بغبن يلحقها إذا نُفِذَ هذا القانون. كذلك الأمر بالنسبة لتيار المستقبل المتضرر الأكبَر من هذا القانون الجديد. حتى أنّ بعض الترجيحات تذهَب إلى إمكانية إجراء تمديد رابع يحفظ التوازن الحالي في لبنان خاصة إذا أخذت الحرب في المنطقة خاصة في سوريا وبين السعودية وإيران منحى تصاعدياً. لكن رغم ذلك يؤكد المصدر أنّ الماكينات الانتخابية في جميع الأحزاب بدأت بالعمل على أساس قانون النسبية ويجري حالياً البحث بالتحالفات حيث يقول المصدر أنّ هذِهِ التحالفات ستكون على «القطعة». فيمكن القول أنّ التحالف في الجبل سيكون على الأرجحية بين القوات اللبنانية والحزب الإشتراكي من جهة وبين التيار الوطني الحر والمستقبل والمير طلال إرسلان من جهة ثانية. ويضيف المصدر أنَهُ رغم كل ما يقال عن تحالف إستراتيجي بين القوات والتيار وعن رؤية موحدة لمعظم الملفات… فإن شرارة ملف الكهرباء كما ملف التعيينات والنظرة المختلفة جداً بين التيار والقوات تجاه حزب الله والنظام السوري والتسابق الحاصل بين الدكتور جعجع والوزير باسيل على الانتخابات الرئاسية المقبلة، أدت إلى خلق فجوة كبيرة وعميقة بين الثنائي المسيحي فأصبح شبه المؤكد أن تتحالف كل من القوات والمردة في الدائرة الأولى في الشمال والقوات وحركة آمل في جزين وفي غير مناطق أيضاً. كما أنّ التقارب الحاصل بين الرئيسين عون والحريري ينذر بتحالف شبه أكيد بين التيار والمستقبل في بيروت والبقاع، فبازار التحالفات ما قبل وما بعد الانتخابات النيابية المقبلة مفتوح، وإذا تمت الانتخابات المقبلة في آيار ستكون المفاجآت كبيرة.