تحقيق IMLebanon: بعدما وقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قانوني سلسلة الرتب والرواتب والضرائب، بدأت تلوح في الأفق أزمة الأقساط المدرسية، بالطبع هناك عدد لا يعد ولا يحصى من الضرائب التي فرضت على المواطنين والتي يجب أن نقلق بشأنها، ولكن بعد إقرار السلسلة والبدء بدفع مستحقات الأساتذة والمعلمين في المدارس الخاصة لا يمكننا سوى إنتظار الزيادات التي سيتكبدها المواطن اللبناني بعد بداية العام الدراسي.
بالطبع، لم يعد بإمكان الأهالي تحمل المزيد من الأعباء، خصوصا أن بعض الأقساط تصل الى 5 و7 ملايين ليرة لبنانية، وفي حال أقرت الزيادات فستصل قيمتها الى نحو 40% أو 44%، والمؤسف هو أن أزمة السلسلة مرّ عليها 5 سنوات وعند كل إعتصام ومطالبة بإقرارها كانت المدارس ترفع الأقساط تلقائيا تحت حجة السلسلة.
فهل سترتفع الأقساط هذا العام؟ وهل يجوز رفعها تحت حجة دفع مستحقات الأساتذة؟ وكيف ستتحرك لجان الأهل بوجه المدارس؟
المدارس تقف تحت سقف القانون 515 والزيادة ستحصل
الأمين العام للمدارس الكاثوليكية ومنسق إتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الأب بطرس عازار يؤكد في حديث لـIMLebanon أن “إتحاد المؤسسات التربوية يقف تحت سقف القانون 515 الذي ينظم الموازنة المدرسية، فهذا القانون ينفذ بحذافيره عند إعداد الموازنة والتي يبدأ إعدادها في شهري تشرين الثاني وكانون الأول، ولهذا السبب علينا إنتظار إعداد الموازنة لكي نعرف ما إذا سيكون هناك زيادات على الأقساط أم لا”.
ويضيف: “سلسلة الرتب والرواتب التي أسماها أحد الوزراء السابقين أنها سلسلة مجنونة، لا تؤدي فقط الى إمكانية زيادة الأقساط المدرسية بل الى زيادات على كل السلع وربما تؤدي الى ضرب الإقتصاد الوطني، ومن هنا نحن كإتحاد المؤسسات التربوية الخاصة ومن بينها المدارس الكاثوليكية نطلق الصرخة أمام المعنيين والرأي العام لكي لا يتحرك بوجه المدارس فقط، بل يتحرك بوجه الدولة التي فرضت قوانين تسبب لدى تطبيقها بزيادات على الأقساط المدرسية”.
ويشير عازار الى أننا “كقطاع تربوي لا يمكننا الحسم ما إذا سيكون هناك زيادات أم لا حتى تطبيق القانون 515، ولكن كل الدراسات التي أعدها الأخصائيون تقول إنه مثلما ستحصل الزيادة في مختلف القطاعات فالقطاع التربوي أيضا ستلحقه الزيادة على الأقساط”.
لن ندفع و”انشالله يشيلولنا ولادنا من المدرسة”
من جهته، يؤكد رئيس إتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية في بيروت كامل ريشاني في حديث لـIMLebanon أنه “لو تمت الزيادات ووُقع عليها ومع إحترامي لمن يوقع عليها، نحن كأهل غير ملتزمين بتاتا بها وسنرسل أولادنا الى المدارس و”انشالله يشيلوهم من المدرسة” فستحصل ثورة عارمة للأهل”.
وردا على المعلومات التي تشير الى أن بعض لجان الأهل يتم إسكاتها بطرق مختلفة إما عبر تعليم أولادهم من دون أي كلفة أو حتى أولاد أقربائهم، يردّ ريشاني بالقول: “إنهم يتماهون مع المدارس أما نحن فلا نتماهى مع أحد، وكلجان أهل دورنا الدفاع عن الأهل وجيوب الفقراء الذين لا يملكون المال الكافي لتعليم أولادهم وتحديدا الذين يدفعون الأقساط بصعوبة، خصوصا أن الذي كان يعاني من دفع قسط بقيمة 5 ملايين ليرة فبالتأكيد لن يكون قادرا على دفع الزيادات والتي ستوصل قيمة القسط الى أكثر من 7 ملايين ليرة”.
لهذه الأسباب رفعت الأقساط في السنوات الماضية
وعن مسألة رفع الأقساط المدرسية عند كل مطالبة بإقرار السلسلة، يردّ عازار ويشرح: “الأقساط لا يمكن أن ترتفع إلا بموجب القانون 515، ولا يجوز ان يجهل أي أحد الأنظمة والقوانين التي ترتب أعباء على الأقساط المدرسية، فالأستاذ يحق له بدرجة كل سنتين، والأستاذ الجديد يحق له بـ11 درجة يحصل عليها عندما يتم تثبيته، من دون أن ننسى صندوق التعويضات وصندوق الضمان الإجتماعي والنقل وغيرها من الأمور، بالإضافة الى الغلاء المعيشي الذي أعطته بعض المدارس، لهذا السبب لا يجوز ان يغفل أحد تلك الأمور التي تؤدي الى الزيادة في الأقساط، ولا يجوز إغفال ما يستجد سنويا من أعباء على القسط المدرسي ولهذا السبب القانون 515 شرّع زيادة الأقساط المدرسية في حال كان هناك أعباء مستجدة”.
أما ريشاني، فيقول: “نحن بكل شفافية نطلع على الزيادات قبل إرسالها إلى وزارة التربية، ونلتزم قانون المادة 515/96 الذي يلزم القيام بموازنة للمدارس وتوقيعها من رئيس لجنة الأهل وعضوين من اللجنة المالية قبل أن يتم إرسالها الى وزارة التربية، ومدارسنا الكاثوليكية كلها تلتزم بالمادة 515، ولكن إذا وزير التربية لاحظ أن هناك مدارس لا تلتزم فليتفضل ويؤسس لجنة تراقب الأقساط، ولكن في ما يتعلق بالمدارس الكاثوليكية التي نعرفها كلها تلتزم القانون، والزيادات التي فرضت كانت تأتي ضمن التدرج الطبيعي للأساتذة، والتدرج يأتي بحسب أمور مختلفة ومتعددة وكانت تأتي كل ثلاث سنوات تقريبا، وهذه الزيادات تراوحت بين 100 ألف و200 ألف ليرة لبنانية كأقصى حد عن كل تلميذ”.
ويضيف: “أنا لست بوارد الدفاع عن المدارس إذا رفعت أقساطها أم لا، ونعم كان هناك زيادات في السنوات الأخيرة ولكن زيادات ضئيلة وضمن التدرج الطبيعي للأساتذة”.
لا يحق للجان الأهل الإعتراض على الأرقام والزيادة تصل الى 45%
وفي ما يخص رفض لجان الأهل دفع أي زيادة على الأقساط، يشدد عازار على أن “أمالجان الأهل لها نظامها الخاص ويحق لها الإعتراض ضمن المنطق لا على الأرقام، ويحق لها مناقشة مسألة الموازنة والموافقة عليها، ولكن إذا كان هناك أرقام واضحة خصوصا في ما يتعلق بالأجور والرواتب فهذا الأمر يجبرها على العودة الى مصلحة التعليم الخاص وهي التي تقرر”.
أما في حال أقرت الزيادات، فيكشف ريشاني أن “كل مدرسة يقل عدد تلاميذها عن الـ500 طالب تؤدي الى إقفال المدرسة فيما الأساتذة يصبحون على الطرقات، وإذا أرادوا التوجه الى القطاع الرسمي فهم غير قادرين على ذلك لأن التعليم الرسمي يعاني من تخمة في الأساتذة خصوصا أن كل تلميذ في المدرسة الرسمية يكلف الدولة 7 ملايين ليرة أي أكثر من المدرسة الخاصة لأن كل 100 أستاذ يعلمون 50 تلميذا”.
ويشدّد على أننا “لن نقبل بالزيادة على الأقساط ولكن إذا أقرت حسب القانون 515 فستترواح نسبتها ما بين 40% و45% ما يعني أن القسط الذي كان يساوي 5 ملايين ليرة فسيصبح 7 ملايين و225 ألف ليرة”.
ويشرح ريشاني العملية الحسابية: “مصاريف المدارس مقسمّة الى قسمين، القسم الأول الرواتب 65%، أما القسم الثاني فيتعلق بمصاريف المدرسة 35%، وإذا زيادة الرواتب للأساتذة جاءت بنسبة 62%، فنضرب هذه القيمة أي الـ62 بـ65% ليصبح معدلّ الزيادة 40.3%”.
ما الذي يمكن للأهل فعله؟
من جهة أخرى، يوجه الأب عازار رسالة إلى الأهالي الذين يهاجمون وينتقدون المدارس الخاصة والكاثوليكية بسبب رفع الأقساط، ويقول: “هناك حرب إلغاء للمدرسة الخاصة، ونحن لسنا ضد المدرسة الرسمية ولكن لدينا الحق بموجب الدستور أن يكون لدينا مدارس خاصة، ولنا الحق بموجب الدستور أن تدعم الدولة مدارسنا وتحديدا المدارس المجانية”.
ويضيف: “عندما نكون تحت سقف القانون 515 فعلى الدولة ان تحترم هذا القانون الذي أقرته وإعتبرته بمثابة عقد إجتماعي مع المعلمين والأهل وإدارات المدارس، ولهذا السبب على الأهل أن يقفوا الى جانب إدارات المدارس لا أن يشككوا بها مثلما يحصل لكي يرفعوا الصوت بوجه الدولة التي تأكل حقهم، فهذا الأمر لا يجوز ويعد خطأ دستوريا كبيرا وخطأ إجتماعيا، لذلك الأهل والمعلمون والمجتمع ككل من واجبهم ان يطالبوا الحكومة بتصحيح الأخطاء وبضبط الأوضاع، وبالتالي الحفاظ على حرية التعليم وعلى إستمرارية المؤسسات، وبالوقت نفسه عليهم المطالبة بإصدار قوانين وسلسلة رتب ورواتب عادلة وممكنة ومتوازنة”.
أما ريشاني فيقول: “نحن نقدّر حق الخيار وحق التعلم في مدارس تحفظ مستقبل أولادهم ولكن لكي نؤمن هذه الخيارات على الدولة ان تدعم التلميذ في المدرسة الخاصة مثلما تدعمه في المدارس الرسمية، ونحن كلجان أهل لن ندخل في التفاصيل بين المدارس الخاصة والكاثوليكية مع الدولة وسنترك المدارس أن تدافع عن نفسها وتؤمن زيادة الرواتب لأن الأهل غير مستعدين للدفع، وعلى المدارس أن تطالب الدولة بمساعدات ولا يهمنا من أين سيحصلون على التمويل شرط ألا يقتربوا من جيوب الأهالي لأننا لن نقبل أي زيادات”.