كتب ناجي سمير البستاني في صحيفة “الديار”:
العلاقة السيئة حاليًا بين الوريث المُقبل لمنصب القيادة في «الحزب التقدّمي الإشتراكي» تيمور وليد جنبلاط وعُضو «اللقاء الديمقراطي» الوزير السابق غازي العريضي ليست «بنت ساعتها»، بل تأتي في سياق تباعد مُتصاعد بين النائبين وليد جنبلاط وغازي العريضي لاكثر من سبب. وما نُقل عن تيمور أخيرًا بأنّه غير مُرتاح لعمل ولتصرّفات العريضي وبأنّه «كتّير الحكي قليل الأفعال»، وكذلك ما نُقل عن هذا الأخير من أنّه «يصعب عليه إستكمال مشواره السياسيّ مع مُبتدئين في السياسة» ليس سوى رأس جبل الجليد لعلاقة شهدت الكثير من الصعود والهبوط في السنوات القليلة المُقبلة، قبل أن تبلغ ذروة التدهور أخيرًا مع «إنكسار الجرّة» بين العريضي و«آل جنبلاط»! وإذا كانت مصادر «الحزب التقدّمي الإشتراكي» ترفض التعليق على التقارير الإعلاميّة التي تتحدّث عن تدهور العلاقة كليًا مع العريضي، ومصادر الأخير تُدرج ما يُكتب ويُقال في هذا السياق في خانة الإشاعات التي للعريضي أن تعرّض لها في السابق، خاصة في العام 2013 عندما جرى إستبعاد إسمه عن لائحة الترشيحات النيابيّة آنذاك، فإنّ أوساطًا سياسيّة مُطلعة أكّدت أنّ الخلاف هذه المرّة كبير وهو لن يكون قابلاً للإخفاء في المُستقبل.
وأوضحت المصادر أنّ نقطة الماء التي أفاضت كوب الخلافات المُتكرّرة بين النائبين وليد جنبلاط وغازي العريضي تتمثّل في قرار جنبلاط عدم ترشيح العريضي لولاية نيابيّة جديدة، حيث قرّر رئيس «الإشتراكي» الإستغناء بشكل نهائي عن خيار العريضي عن المقعد الدرزي في بيروت في الإنتخابات المُقبلة وفق مبدأ التصويت النسبي، وترك مصير هذا المقعد مُتوقّفًا على التحالفات التي سيبنيها الحزب «الإشتراكي»، خاصة وأنّ الفوز بالمقعد الدرزي في العاصمة يحتاج إلى 17 ألف صوت، ما يعني وضع مصير هذا المقعد بيد جهات سياسيّة أخرى، وفي طليعتها «تيّار المُستقبل»، وكذلك التأثّر بتصويت «المُجتمع المدني» وبالتالي ضرورة أن تكون الشخصيّة المُرشّحة قادرة على جذب الناخبين من دون أي ترسّبات عالقة في أذهانهم لا بشأن موقف سياسي من هنا ولا بشأن صفقة مالية من هناك.
وأضافت الأوساط أنّ تيمور الذي يستكمل تشكيل فريق العمل الذي سيُؤازره في إنطلاقته السياسيّة في ظلّ تنامي دوره السياسي بشكل تصاعدي داخل منظومة الحزب «الإشتراكي»، قرّر بدوره الإستغناء عن أحد أهمّ أركان «الحرس القديم» في الحزب، أي العريضي، بسبب عدم إنسجامهما من الناحيتين السياسيّة والشخصيّة، بينما قرّر تعزيز دور النائب وائل أبو فاعور كمساعد أساسي وكمُرشد سياسي له. وليس بسرّ أنّ أبو فاعور صار في المرحلة الأخيرة هو المرافق الوحيد لتيمور في زياراته إلى المملكة العربيّة السعودية، بعدما كان الوزير السابق العريضي ثالثهما.
ولفتت الأوساط إلى أنّ العريضي حافظ على علاقة مُتقدّمة مع قيادات عدّة في سوريا، لم يعد يُريدها جنبلاط، لأنّه وجد فيها مصلحة شخصية للعريضي، وليس له أو حتى للحزب التقدّمي الإشتراكي، إضافة إلى تغريده خارج سرب المواقف الجنبلاطية في أكثر من حدث سياسي، بحجّة عدم كسر خيوط التواصل مع الخُصوم.
و ذكّرت المصادر نفسها بأنّه عند وقوع الخلاف بين النائب جنبلاط والشيخ بهيج أبو حمزة الذي رُفعت عليه من قبل جنبلاط مجموعة لا تنتهي من الدعاوى القضائية، حاول العريضي الذي تجمعه بالشيخ أبو حمزة علاقة صداقة وطيدة إقناع جنبلاط بحلّ المسألة خارج المحاكم، وعندما جُوبه بالرفض ساءت علاقته أكثر فأكثر مع جنبلاط الذي قام في أحد الأيّام بكتابة تغريدة على موقع «تويتر» يُلمّح فيها أيضًا إلى إمكان سجن العريضي، قبل أن يقوم بحذفها بعد نحو ساعتين على كتابتها، مُشيرًا إلى أنّ شخصًا ما إنتحل شخصيّته للإساءة إلى علاقته مع العريضي، علمًا أنّ التغريدة كُتبت من حساب جنبلاط الخاص على موقع «تويتر»!
وأنهت الأوساط السياسيّة المُطلعة كلامها بالتذكير بأنّ جنبلاط إستلم عباءة الزعامة الجنبلاطيّة والإشتراكيّة في ظروف صعبة في العام 1977، لكنّه يريد أن يستلم نجله تيمور القيادة في أفضل ظروف مُمكنة، وبعيدًا عن أي مُناكفات من داخل البيت الإشتراكي تسهيلاً لمُهمّته، وبالتالي الكثير من الأسماء التي كانت تُعتبر في مرحلة من المراحل ضمن قادة «الحزب» ستكون خارجه قريبًا، ما لم يكن وُجودها يصبّ في خانة رفع شأن تيمور وتثبيت زعامته. وأضافت أنّ العريضي هو أولى «الضحايا» وغيره قد يكون على الطريق أيضًا…