تقول مراجع دبلوماسية للوكالة “المركزية”، انّه رغم محافظة اللبنانيين على نسبة عالية من الإجماع غير المسبوق خلف الجيش اللبناني في عملية “فجر الجرود” ، فإن التوقيت الذي اعتمدته القيادة السورية وحزب الله باطلاق عملية “ان عدتم عدنا” على الجانب السوري من الحدود، اطلق سباقا غير “محمود” بين هاتين العمليتين اللتين لا تلتقيان في خلفياتهما السياسية سوى على مواجهة مسلحي “داعش” في الأراضي اللبنانية والسورية على الحدود المشتركة بين البلدين.
هذه المراجع توقفت امام بعض الممارسات “الشاذة” التي يمارسها مجهولون – معلومون يصرّون على إشراك الجيش السوري النظامي و”حزب الله” في العملية، الى جانب الجيش اللبناني او الإشارة الى التنسيق بينهم جميعا في إدارة المعركة. وعمد سعاة هذه النظرية الى تزوير بعض الصور التي جمعوا فيها آليات من الجيش اللبناني وحزب الله في موقع واحد باعتماد الـ “فوتو شوب” وإضافة العلم الأصفر في مقابل العلم اللبناني على آليتين عسكريتين من عتاد للجيش اللبناني وأخرى لا يمتلكها الجيش اللبناني إطلاقا. وتعقيبا على عملية التشويه والتشويش التي لجأ اليها البعض سعيا الى توريط الجيش اللبناني في مجريات الحرب السورية، تقول المراجع ان هذه الحملات لن تنال مبتغاها، واذا كان البعض يتمنى من خلالها بلوغ مرحلة التعاون بين الجيش اللبناني وحزب الله والسوريين لفك الحصار العربي والغربي شبه الشامل على النظام السوري وجيشه وحلفائه، فهم لم يتمكنوا بعد من اظهار اي صورة او واقعة من ارض المواجهة تثبت هذه المشاركة بين الأطراف الثلاثة.
في الموازاة، تؤكد مصادر معنية بمجريات العملية العسكرية وزوار الضباط والعناصر من العسكريين المتقاعدين الذين قصدوا المنطقة الجردية والمواقع المتقدمة فيها في منطقة عمليات الجيش، ان الجيش اللبناني الذي بلغ في نقاط وتلال متعددة الحدودَ اللبنانية – السورية على مسافة تُقدر بـ 80 % من طول هذه الحدود وعرضها على الجبهة التي تنتشر فيها مجموعات “داعش” كما تحددها خرائط الجيش اللبناني، لم يرصد قبل عصر الأربعاء الماضي اي وجود او حراك عسكري للجيش السوري أو لمسلحي حزب الله على الجانب السوري من الحدود حيث رصدوا عناصر مشتتة على رؤوس بعض التلال المواجهة للمواقع اللبنانية الحدودية من دون التثبت مما إذا كانوا من الجيش السوري او حزب الله الى النظر لبعد المسافة الى ما يزيد على كيلومترين في منطقة تفصل بينها اربعة او خمسة تلال جرداء ولا يحملون اي شارات تحدد هوياتهم العسكرية.
وعليه، تقول المصادر العسكرية نفسها لـ”المركزية” انّ هناك اكثر من سبب يحول دون ان يتشارك الجيشان اللبناني والسوري في اي مهمة عسكرية. فلكل منهما سياسته وتوجهه. فالجيش اللبناني هو عضو في الحلف الدولي على الإرهاب ويستند في حراكه الى قرار سياسي يرفض إشراكه في وقائع الحرب السورية وانه لم يقم باية مهمة عسكرية تتصل بهذه الأزمة لو لم تحتل جماعات تكفيرية وارهابية اراض لبنانية دفعتهم اليها القوات السورية ووحدات حزب الله في عملياتها العسكرية في الداخل السوري التي خاضتها في اتجاه الأراضي اللبنانية، فلجأوا مع اهاليهم واقاربهم وابناء قراهم الى تلال عرسال والقاع وراس بعلبك ومناطق اخرى، مسلحين ومدنيين، بعد تدمير قراهم.
ولذلك فانّ المراجع تعتبر ان مهمة الجيش اللبناني ستتوقف عند تحرير الأراضي اللبنانية من الارهابيين وتنحصر المهمة الجدية بالدفاع عنها ومنع تسلل اي من الغرباء المسلحين اليها. اما حجم العمليات العسكرية وما انتهت اليه، فتعتقد المراجع المعنية ان لبنان وَفى بتعهداته تجاه المجتمع الدولي والحلف المناهض للإرهاب واظهر قدرته على مكافحة الإرهاب على الحدود كما في الداخل بالتعاون الوثيق مع باقي الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية، وما على المجتمع الدولي سوى ان يفي بوعده والتزاماته بزيادة الدعم العسكري له للحفاظ على جهوزيته العالية.
وقد ثبت، وفق المصادر، ان الإستثمار الدولي في الجيش كان في رأي الخبراء العسكريين الأميركيين ومنهم قادة في قيادة المنطقة الوسطى الأميركية، رهانا ناجحا أثبتته قدرة الجيش على مكافحة الإرهاب بأقل كلفة من المساعدات العسكرية الدولية وتحول رأس حربة في هذه المواجهة متقدما في آدائه على الجيوش الأخرى التي بات عليها ان تتعلم من التجربة اللبنانية وما انتهت اليه من نتائج ايجابية. وهو امر سيأتي أوانه في العاجل من الأيام ما ان تنتهي عملية “فجر الجرود” في وقت ليس ببعيد.